رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كاتبات البوكر.. آتوود مشروع نسوي.. وإيفارستو أول سوداء تحصدها

 الكاتبتين مارجريت
الكاتبتين مارجريت آتوود وبرناردين ايفارستو

أعلنت جائزة مان بوكر الدولية فوز الكاتبتين مارجريت آتوود وبرناردين ايفارستو بجائزة البوكر لعام 2019 وكان هذا الإعلان بأن تصبح الجائزة مناصفة بين كاتبين الأول من نوعه وخرق لقوانين الجائزة لكن لجنة التحكيم أوضحت أن الكاتبتين نالتا نفس عدد الأصوات إلى جانب أن رواية كلن منهما "الوصايا" و"فتاة وامرأة وأخرى" تعد امتداد للأخرى.

مارجريت آتوود ولدت عام 1939 وجذبت إليها الأنظار عام 1961 بمجموعتها الشعرية الأولى "توأم برسفوني" والتي اتضح فيها مدى تأثرها بأعمال الشاعر الإنجليزي ويليام بلاك وصوره الأسطورية، أتبعتها بمجموعة "اللعبة الدائرية" التى احتفى بها النقاد وفي عام 1968 أصدرت مجموعتها "حيوانات هذه المدينة" التى بحثت من خلالها عن العلاقة بين مفهوم الفن والأدب وناقشت مصداقية عملية الكتابة وتأثيرها على كل من الكاتب والقاريء.

من أهم أعمالها الروائية التى تتناول اهتمامات وقضايا نسوية بسخرية لاذعة روايتها" امرأة صالحة للأكل" ورواية "معاودة الظهور" ورواية " الحياة قبل الرجل" و"إيذاء جسدي" وفي هذه الروايات تبدع آتوود شخصيات نسائية تضطرهن الظروف إلى إعادة بناء ذواتهن بحيث يصبحن أكثر شجاعة واستقلالا واعتمادا على الذات بينما هن يسعين إلى توطيد علاقاتهن بالعالم والناس من حولهن في واقع متزعزع، فروايتها الأولى "امرأة للأكل" تتمرد على خطيبها الذي تراه تقليديا وترفض دور الزوجة المحدود ويرتبط رفضها للزواج برفضها للطعام، واخيرا تصنع كعكة على هيئة امرأة تطعمها لخطيبها وتأكل هي أيضا منها في دلالة على اشتراك المرأة في مؤامرة ما يقع عليها من ظلم ذكوري.

وفي روايتيها "الحياة قبل الرجل" و"إيذاء جسدي" تربط آتوود بين القهر العام والخاص وترى أن الناس جميعا ضحايا انفصال العقل عن الجسد.

ويتأكد الاتجاه النسوي عند آتوود في روايتها "حكاية خادمة" حينما تستخدم الخيال العلمي لتخيل شكل المستقبل الذي يسيطر عليه المتطرفون وينتشر فيه التلوث الكيميائي، كما في روايتها "عين القطة" تتناول آتوود مدى سيطرة أفكار الماضي المغلوطة على حياة الناس في الحاضر، وكلا الروايتين "حكاية خادمة" و"عين القطة" أدرجتا على القائمة القصيرة لجائزة المان بوكر الدولية، في نهاية الثمانينات.

يتأكد أيضا استخدام مارجريت آتوود لتقنية الخيال العلمي أو الأدب النبوئي لتشريح الواقع التاريخي والاجتماعي، وهوما اتضح بقوة في روايتها" أوريكس وكراك" التى أجمع النقاد على أنها ذروة ما حققته أتوود من تميز على مدار أربعين عامًا.

أما الكاتبة برناردين ايفاريستو الفائزة بالبوكر مناصفة مع الكاتبة مارجريت آتوود تعد أول كاتبة سوداء تنال البوكر على مدار تاريخ الجائزة وتحاول ايفاريستو في كتاباتها كسر حالة الصمت التي فرضت على السود على مدار التاريخ، من سلبهم أصواتهم، خاصة سلب أصوات النساء منهم، وقد عكست الشقراء صاحبة الجذور الأفريقية مسألة تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، حيث تعد روايتها الفائزة بالبوكر إحدى أهم الروايات التي يتم ترشيحها لفهم بريطانيا المعاصرة.

رواية "فتاة وامرأة" برناردين ايفاريستو، تتناول صراعات اثني عشر شخصًا مختلفًا في بريطانيا، معظمهم من الإناث والسود. تتراوح أعمارهم بين 19 و93 عامًا، وتتنوع خلفياتهم الثقافية وشخصياتهم الجنسية ومهنهم وهم يروون قصصًا عن أنفسهم وعائلاتهم وأصدقائهم وعشاقهم في جميع أنحاء البلاد وعبر السنين.

الرواية قال عنها أحد كتاب صنداي إنها رواية استثنائية ستترك عقلك في دوامة نشطة، هذه الرواية تجمع بين السرد والشعر والتاريخ الاجتماعي وأصوات النساء في بوتقة واحدة.

وتركز الرواية على قضيتين رئيسيتين هما: العنصرية والنسوية؛ فالعنصرية لازالت حاضرة حتى يومنا هذا في المملكة المتحدة، ونجد أن السود يناهضونها عن طريق "الشللية" أو مؤازرة الأبطال لبعضهم البعض في المواقف والأزمات، بالإضافة إلى التعامل بالتسامح واللين فيما بينهم، وحرصهم على أن يكونوا عائلة واحدة كبيرة في كل الأوقات.

ومن القضايا الأخرى التي تعالجها الرواية فكرة الهوس بالجمال التي فرضها الإعلام على الساحة، فأصبحت كل امرأة ترى أنها إن كانت ليست جميلة كنجمات السينما فلا حق لها في الوجود، وقد طرحت الكاتبة تلك القضية- وجميع القضايا الأخرى- بشكل غير مباشر وغير وعظي، أي عن طريق إلحقاها بالحوار بين الشخصيات، والحوار في الرواية سهل ممتنع إلى أقصى حد.