رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا أيدت الصومال عدوان تركيا على سوريا؟

 عدوان تركيا على
عدوان تركيا على سوريا

كان اعتراض قطر على بيان جامعة الدول العربية، اليوم، بإدانة العدوان التركي على سوريا مفهوما لصلة النظامين ببعضهما البعض، إلا أن موقف الصومال الذي تحفظ على البيان كان مفاجئا، فكيف لدولة عربية ما زالت تعاني من التدخلات الأجنبية والجماعات الإرهابية منذ حوالي 30 عاما تدعم انتهاك دولة أجنبية لسيادة دولة عربية وتشريد وقتل أهلها.

إلا أنه بالنظر إلى حجم التدخلات وشبكة العلاقات الاقتصادية واختراق لتركيا للصومال يجيب عن جزء كبير من هذا السؤال، فقد عملت تركيا وقطر منذ سنوات في الصومال واستطاعا التغلغل هناك مستغلين حالة الضعف التي تمر بها المنطقة.

لم يقف الأمر عن حد السيطرة التركي على الكثير من مفاصل اقتصاد الصومال بل وصل الأمر إلى بناء أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج على أراضي هذه الدولة التي ما زال الإرهاب ينهش فيها.

افتتحت تركيا في أكتوبر 2017 هذه القاعدة عسكرية ليس لدعم نفوذها في الصومال فقط وإنما تأسيس وجود لها في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، بتكلفة تخطت 50 مليون دولار، وزعمت تركيا أن ضباطها سيتولون تدريب أكثر من 10 آلاف جندي صومالي في القاعدة العسكرية، إلا أن هذا ستار خفي لدعم تغولها في الصومال والمنطقة بأسرها.

وتقع القاعدة التركية على بعد 10 كم إلى جنوب غرب مقديشو، وعلى مساحة 4 كم وهي مطلة على المحيط الهندي، بما يعني أنها تهدف لإيجاد موطىء قدم تركي على سواحل المحيط وكذلك القرن الأفريقي.

استغلت تركيا ما مرت به دول المنطقة العربية خلال أحداث "الربيع العربي" لتبدأ في التوغل بالصومال ففي عام 2011 زار رجب طيب إردوغان حينما كان رئيس الوزراء الصومال على رأس وفد حكومي ضخم بجانب اصطحاب عائلته لتقديم نفسه على أنه المخلص لهم مما يعانون من ويلات الإرهاب والمجاعات.

كانت سفارة تركيا مغلقة في الأساس لدى مقديشو إلا أن أردوغان أعاد خلال الزيارة افتتاحها، وأعلن جمع أكثر من 350 مليون دولار لعمليات إعادة الإعمار، مع استضافة طلاب صوماليين من أجل التأثير عليهم واستخدامهم ليكونوا أذرع تركيا داخل الصومال مستقبلا واستغلال هذه الأعمال في كسب نفوذ لها هناك.

لم تكتف تركيا بهذا الأمر بل خصصت مراكز ومدارس لنشر اللغة التركية وتعيين من يجيدها في مؤسساتها وشركاتها داخل الصومال وذلك لإغرائهم بتعلم اللغة والتدرج في السيطرة على مفاصل الدولة، بل نشرت اللغة وسط ضباط وجنود الجيش اللذين تدربهم ثم يعودون لاحقا لتعليمها لباقي أفراد الجيش ما يعني تخطيط أنقرة للسيطرة على القوات الأمنية هناك بل قطعت شوطا في هذا الأمر.

وتعاونت تركيا مع قطر من أجل تعزيز نفوذهما في الصومال، وفي يوليو 2019 كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن تسجيلات بين السفير القطري لدى الصومال ورجل أعمال يدعى خليفة كايد المھندي، للتنسيق بشأن تنفيذ عمليات إرهابية في الصومال عبر جماعات مسلحة، واستهداف مصالح الدول العربية، والمهندي سبق أن تورط في دعم الجماعات الإرهابية في ليبيا ب8 مليار دولار.

وإلى جانب المهندي يعتبر فهد ياسين حاج طاهر المدير العام للقصر الرئاسي الصومالي، أبرز رجال قطر وتركيا في الصومال فقد كان أحد الكوادر الإعلامية بقناة الجزيرة، عينه الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، في يونيو 2017، مديرًا عامًا للقصر الرئاسي.

كما يعتبر خلية عبدالقادر مؤمن أبرز رجال قطر في الصومال فقد كشف موقع "ويكيليكس عن انفصال مؤمن عن حركة الشباب الموالية للقاعدة، وتشكيله "خلية عبدالقادر مؤمن" التي بايعت تنظيم داعش الإرهابي لاحقا واستقرت شمال الصومال، وقد منحته المخابرات القطرية ١٠٠ مليون دولار حتى عام 2018.

ومن رجال قطر الآخرين بالصومال محمد سعيد أتم، الذي أدرجته دول الرباعية العربية (مصر، الإمارات، السعودية، البحرين) في يونيو 2017 على قوائم الإرهاب، كما أدرج على قائمة العقوبات الدولية التابعة للأمم المتحدة، وهو صومالي، قائد لحركة المجاهدين شمال شرقي البلاد، ونفذ عمليات إرهابية ضد ولاية بونتلاند.