رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

" أردوغان ".. رئيس برأس حية

جريدة الدستور

الازدواجية والكيل بمكيلين، هو الوتر الذي لطالما لعب عليه رجب أردوغان طيلة عمله في المجال السياسي، حتى بات في نظر زعماء العالم أجمع حية متلونة على كل لون حتى يصل لمراده، فسابقًا حينما أراد التودد لشعوب العربية، استخدم الإعلان عن أصول زوجته _أمينة أردوغان_ حيث تنتمي لعائلة من أصول عربية ونشأت في بمدينة "سرت" جنوب شرق البلاد.

في سياق آخر، يعلن بصوت صارخ دفاعه عن العدالة والحرية ويخص بالذكر دومًا مصر، فاستغل في تجمع انتخابي لحزب العدالة والتمنية المنبثق لتيار الإخوان بإسطنبول وفاة محمد مرسي المنتمي لنفس الجماعة، وأعلن أنه سيسعى إلى محاكمة الحكومة المصرية أمام المحاكم الدولية بسبب وفاة الثاني الذي أصيب بنوبة قلبية خلال إحدى جلسات محاكمته.

لكن على صعيد الداخلي، يقترف في حق شعبه ما يفوق ذلك بشكل مثبت وليس مجرد إدعاء، حيث يوجد ما يزيد عن 75 ألف معتقلًا سياسيًا في تركيا بين مدنيين وعسكريين، وعلى الأرض ما يثبت ذلك ففي الخمس سنوات الماضية توسعت تركيا بشكل مفرط في بناء العشرات من السجون الجيدة حتى تتسع للمقموعين الرأي والتعبير ضد سياساته.

الأمر ليس مقتصرًا على قتل حريتهم داخل أسوار السجون، بل سقط منهم عشرات الحالات وراحت حياتهم نتيجة ظروف مشبوهة أو تحت التعذيب أو بسبب المرض من جراء الأوضاع السيئة داخل السجون التركية، وبالتدريج بات مسجونيه يختارون الموت لأنفسهم والانتحار من تعذيب نظامه لهم ومنهم من ينهي حياته بالإضراب عن الطعام وأشهر هؤلاء "ميديا تشينار "، وهي إحدى المعتقلات الكرديات، وسبقتها النائبة البرلمانية عن الأكراد ليلى جوفين، والشابات أيضًا لم يستطعن الصمود أمام قمع أردوغان حيث أضربت زهراء صاغلام (23 عاما)، وتم سجنها بولاية أرضروم (شمال)، بعد إضرابها عن الطعام منذ فترة؛ لرفع العزلة التي فرضها على الزعيم الكردي عبد الله أوجلان.

الشنق اختارته المعتقلة آيتين باتشَت (28 عاما)، شنقا داخل سجن "جبزه" النسوي بولاية كوجالي (شمال)، الذي كانت تقبع فيه منذ 6 سنوات، وجاء انتحارها هي الأخرى، وهي مضربة عن الطعام.

الرجال أيضًا كان لهم نصيب من التنكيل حيث اتهم المعتقل الكردي "زولقوف جزان" على خلفية اتهامه بـ"الانتماء لتنظيم إرهابي"، مما أدى إلى الحكم بالسجن 100 عام.

كرهه للأكراد امتد لخارج حدود بلاده حتى أطلق عملية " نبع السلام " مدعيًا ضد المسلحين الأكراد في شمال سوريا، وزعم أن هدفه هو الأكراد والجهاديين على حد سواء، لكن أول من تضرر هو السوريين المدنين العُزل فشن غارات على مدينة رأس العين الحدودية، ومما أدى إلى نزوح عشرات المدنيين دقائق بعد إعلان أردوغان عن بدء العملية.

تحدث عن حرية الرأي والتعبير في السعودية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي داخل القنصلية السعودية بتركيا، لكن في بلده قام بفصل أكثر من 130 ألف موظف تعسفًيا من وظائفهم الحكومية، على أثر استخدامهم مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم وحبس وسجن المئات من الصحفيين والعاملين بالمجال الإعلامي، حيث أصبحت تركيا أكثر دول العالم سجنا للصحفيين والإعلاميين وفقًا للعديد من التقارير الدولية.

وفي كلمته التي أدلى بها حول العملية العسكرية- نبع السلام كما يسميها - وتشنها قواته ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، مشددًا على أن الهدف منها مكافحة الإرهاب، ولم ينسَ ذكر مصر، فذكر أنه لا يمكن للحكومة المصرية أن تتحدث عن الديمقراطية "وهي تغتال الديمقراطية"، رغم فرار عشرات الآلاف من المواطنين الأتراك إلى الخارج نتيجة الحملات القمعية في البلاد.