رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عشوائية على القضبان» .. ما مصير أسواق أشرطة السكك الحديد

جريدة الدستور


تعديات عدة على حرم السكك الحديدية، منها الأسواق العشوائية المقامة بداخلها، والتي تسبب خسائر اقتصادية جسيمة، بالإضافة إلى إزهاق الأرواح، تلك الحوادث الفادحة التى تقع إثر افتراش بعض الباعة الجائلين بضائعهم بشريط القطار.

انطلاقًا من هذا الخطر، تقدم النائب إبراهيم القصاص، عضو مجلس النواب عن دائرة بيلا والحامول، بطلب إحاطة إلى وزير النقل، بشأن خطة الوزارة لإزالة الأسواق العشوائية الموجودة على شريط قضبان السكك الحديدية، معللاً أن الكثير من محطات السكك الحديدية في مختلف المحافظات، تعاني من وجود أسواق عشوائية على القضبان، ما يهدد حياة المواطنين بالخطر، وهناك عشرات الحوادث التي تقع يوميًا نتيجة وجود هذه الأسواق العشوائية، فالإحصائيات الأولية تشير إلى وجود 500 سوق بمحيط المحطات.

وهنا يسلط "الدستور" الضوء على تلك المشكلة، مع رصد عدد من الحوادث الواقعة في محافظات عدة، بسبب الأسواق العشوائية المقامة على أشرطة السكك الحديدية.

"حادث مروع خطف بنتي مني في لمح البصر"، بهذه الكلمات بدأت سمر مصطفى، حديثها ل "الدستور"، قائلة: إنها اعتادت منذ سنوات أن تذهب إلى السوق الأسبوعي بمدينة شبين الكوم على شريط السكة الحديد بمحافظة القليوبية، و ذلك باصطحاب أحد أبنائها الثلاثة، لتشتري الفواكه والخضروات الطازجة من الباعة الجائلين في هذا السوق.

تابعت "مصطفى" أنه في يوم من الأيام منذ 7 أشهر، اصطحبت "منة" ابنتها الصغرى التي لا يتجاوز عمرها الثامنة أعوام، لتساعدها في حمل الأغراض، وأثناء عبورهما للوصول للجهة الأخرى من السكة الحديد، وقع من ابنتي كيس فاكهة فأرادت أن تلتقطه، وأثناء التقاطها له فوجئنا بقطار يُقدم عليها بسرعة ويهرسها في لمح البصر.

بعيون دامعة، استكملت: لم أتمكن من إنقاذ ابنتي ولم يكن في مخيلتي أن يقع مثل هذا الحادث الأليم، ومنذ ذلك الحين لم أقبل على أسواق كهذه، وأتمنى أن تقوم الدولة بإزالة تلك التعديات على السكك الحديدية.

من القليوبية إلى المنيا، كانت قصتنا التالية مع محمد عثمان، بائع خضروات بسوق الحبشي بمحافظة المنيا، الذي يفترش بضائعه على أحد أشرطة السكك الحديد، نظرًا لما يتميز به ذلك المكان من توافد عدد هائل من الناس عليه، خاصة المسافرين، فهو يعد مصدر رزقه الوحيد الذي يدر عليه أموال كثيرة مقارنة بأماكن أخرى، كما أن الضرائب تعد سبب كبير في عدم رغبة الكثيرين من الذهاب واتخاذ أماكن بديلة لبيع بضائعهم.

تابع "عثمان" أنه عند نقله للبضائع من أحد جوانب السكك الحديد إلى الجانب الآخر، لم ينتبه إلى قدوم القطار ولكن بمشيئة الله تمكن من الفرار من الموت بأعجوبة ولكن ضرب القطار الجزء الأيمن من جسمه وحدث نزيف داخلي بكتفه اليمنى.

"ذهبت إلى المستشفى فى الحال، لمعالجة كتفي والحد من تلك الآلام الجسيمة المتتابعة، وقد أمر الطبيب ببتر ذراعه، وقد وقع هذا الخبر على نفسه وقع الصاعقة، ولكن مع مرور الأيام تعود على منظره المؤلم، كما عاد إلى ممارسة التجارة مرة أخرى.. أنا سيابها ع الله"، كانت ختام كلمات "عثمان".

ورحلتنا التالية إلى أسيوط، حيث تقابلنا مع جهاد سيد، التي روت لنا حادث وفاة أخيها الأكبر "محمد" الذي لقى حتفه عن عمر يناهز 20 عامًا، إثر اصطدامه بالقطار، حين كان يساعد والده في بيع الخضروات بسوق داخل السكة الحديد في أسيوط، وخلال عبوره الجانب الآخر لإيصال بعض الأكياس إلى أشخاص مسافرين ثم عودته فوجئ بقطار أمامه فهرول محاولاً إنقاذ نفسه، ولكنه اصطدم به وجعله ينزف دمًا، حتى تم نقله إلى المستشفى ولكن لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله المستشفى.

وتعقيبًا على تلك الحوادث، تواصلنا مع الدكتور حمدي عرفة، خبير التنمية المحلية، فقال إن عدد من المحافظات تعانى من حالة الفوضى والإهمال والازدحام والتكدس المروري بسبب الأسواق العشوائية المنتشرة بالشوارع في القرى والمدن، وأصابت المرور بالشلل التام.
وأوضح "عرفة"، في تصريحاته لـ"الدستور"، أن الباعة الجائلين يفترشون بضائعهم بشريط السكة الحديد، هروبًا من الضرائب الباهظة نتيجة امتلاك أو إيجار محل لممارسة البيع، لاسيما أنه يعد منطقة حيوية يتوافد عليها آلاف المواطنين من كافة أنحاء المحافظات، ومن ثم تحقيق أرباح لا بأس بها.

وأكد على ضرورة اتخاذ خطوة جادة من قبل الجهات المختصة من خلال إزالة تلك الأسواق وافتتاح أسواق جديدة في أماكن بديلة للباعة الجائلين، والذي يتم بعد تفعيل قانون الباعة الجائلين لعام ٢٠١٢رقم ١٠، مضيفًا أن عدد الباعة الجائلين تخطى 5 ملايين بائع، ٤٠٪ منهم من ذوي المؤهلات العليا، مشيرًا إلى أن عملية إزالة تلك الأسواق العشوائية ستوفر لمصر مايقرب من ١٦مليار دولار.
وفي أحدث الإحصائيات الصادرة عن هيئة السكة الحديد، تم حصر 500 سوق بمحيط المحطات، وسيتم إزالتها مع منتصف 2020.

وأعلن جهاز التعبئة والإحصاء، في أحدث إحصائياته، أن ٣٢٪ من حوادث السكة الحديد تنتج بسبب العبور الخاطئ، ٢٨,٣٪ بسبب اقتحام السيارات للمزلقانات، ١١,٨٪ بسبب تصادم قطارين، ١٨,٩٪بسبب الخروج من القضبان.