رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة.. رواية العقاد الوحيدة وألف وجه لأنثى

جريدة الدستور

ذو الوجهين منافق وذو الوجه الواحد ميت.. يعيب الإنسان أن يصنع له نفسا غير نفسه ووجها غير وجهه.. وأن يبدو بوجهين يلعن كلاهما الآخر. ويعلم هو أن كليهما ملعونان.. لكن لا يعيب المرء أن يكون له مائة وجه ينم كال منهما عن سمة من سماته ومعنى من معانيه..

هكذا كان يعتقد همام فى وجوه الناس.. ولكن إلى أى الوجوه تنتمى سارة ؟ سؤال يطرق أبواب ذهنه ليل نهار.. التقاها فى بيته بعد قطيعة دامت شهورا.. ليخبرها أنه كتب فصلا مسرحيا هى كل أبطاله.. هى كل الشخوص التى تتحدث بلغات وأراء مختلفة ومتباينة..

فى اليوم التالى ذهب إلى دار الصور المتحركة.. ليسأل عنها فأخبره العامل بأنها موجودة فتحرك قلبه ليسأل.. هل أتت وحدها ؟

لكن عقله تدارك أنه وقع فى خطأ جسيم ما كان يجب أن يقع فيه.. نظر إلى العامل المرتاب وقال: أقصد من السيدات.

شكوك دائمة لم تبرح همام..كانت دوما ما تقطع فرحة اللقاء.. وتثلج مدفأته فى صقيع الشتاء.. فالمصيبة أن همام لا يقوى على البقاء معها فى ظل هذه الشكوك.. كما أنه لا يقدر على فراقها.. وكأن روحة إصبع روج فى حقيبة يدها.

عرفها حين كان فى زيارة لصديقه زاهر.. وجدها عند زوجته ماريانا تضع قصعة المكرونة أمام الديكة.. فقال: أرى أن الديكة اليوم إيطالية وليست رومية.

ضحكت سارة وقالت: إذا كان الجنس بالطعام فالديكة عالمية لا تنتمى لجنس معين.. فهى مصرية إذا أكلت الفول.. وإنجليزية إذا أكلت البطاطس.. وهندية إذا صبرت على الصيام الطويل.
كانت إجابات سارة بليغة بالنسبة لرجل يعشق الأدب والمرأة معا.. انتهى اللقاء بشئ فى قلب كليهما.. نتج عنه لقاء أخبرته فيه أنها كانت متزوجة ولديها ابن.. ولكن ابنها كان مثار شكوك وشكوك.. ففى اللقاء الثانى كان الطفل يتحدث إليها بكلام فيه غزل.. يقوله عاشق لمعشوقته لا طفل لوالدته.

عرف أن الطفل هو مجرد ببغاء يردد ما سقط على أذنيه.. من رجل غريب لأمه فمن المستحيل أن يتلفظ والده بهذه الكلمات أمامه..

ولكن رغم شكوكه كان يقابلها.. أخبرته أنها مثار اهتمام الكثيرين..كلهم يطلبون ودها.. لكن أحدا منهم لم يمس شعرة منها.. من يدريه إن كانوا لم يمسوا شعرها أو لم يبتلعوها بكل مافيها ؟
كان صديقه أمين هو مخبره الخاص.. إلا أن أمين كان مخبرا فاشلا.. لا يخرج من مصيبة إلا ويقع فى أختها

.هل تستحق سارة كل هذا العناء ؟ أوليست إمرأة عادية يمكن الإستعاضة عنها بأى إمرأة؟ كانت الإجابة بالنفى من وجهة نظر همام فهى إمرأة معجونة بماء الأنوثة... لذا هو يحبها ولذا هو تعب من حبها ومن شكه فى سلوكها..

فما أصعب أن يقترن حب المرأة بالشك فى سلوكها.. إنها النار المتاججة التى لا تنطفىء..
على هذه الحال عاش همام.. عقله يشده إلى المشرق وقلبه يشده يشده إلى المغرب.. وأخير نجح المخبر أمين وجاء بالخبر اليقين وقال.. تتبعتها وعرفت أنها تذهب إلى شقة رجل..
قاطعه همام ولم يرد معرفة ماتبقى من الحكاية لتتقزم فى مخيلته.. بعد أن رآها كذبابة تجرى خلف العسل أينما وجد.
تمت