رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لعنة «هاطبّق».. تحذيرات من «عقاقير المذاكرة»: لا تساعد فى الحفظ

جريدة الدستور

حذرت دراسة طبية حديثة من خطورة الآثار الجانبية للعقاقير المنبهة، التى يعتمد عليها الكثيرون حول العالم للبقاء متيقظين ومنتبهين لأطول فترة ممكنة، فى ظل التنافسية الشديدة التى تشهدها سوق العمل، والضغوط الكبيرة التى يتعرض لها الطلاب من أجل التفوق فى الدراسة، فضلًا عن الأعباء اليومية والمنزلية المتكررة، ما يدفع الكثيرين لمحاولة إدارة أوقاتهم بكفاءة، بينما يلجأ البعض لوسائل أخرى، على رأسها إدمان العقاقير المنبهة.

ذكرت الدراسة، التى نشرها موقع «بانتولوجى» الأمريكى، أنه على مدى السنوات القليلة الماضية أصبح من الشائع الاستخدام غير الطبى للمنشطات النفسية، مثل عقار «أديرال» ذى الشعبية المتزايدة بين الشباب.

وقالت الدكتورة سارة ميدنيك، أستاذ علم النفس المشارك فى جامعتى «كاليفورنيا» و«هارفارد»، إن ١٠٪ من الشباب يسيئون استخدام المنشطات النفسية، وهى الأدوية المعروفة على نطاق واسع بأسماء مثل «العقاقير الذكية»، و«مخدرات الدراسة»، و«المعززات المعرفية»، تلك العقاقير التى يصفها الأطباء تلقائيًا للبالغين والأطفال لمساعدتهم على تخطى اضطراب نقص الانتباه «ADD»، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه «ADHD».
وأوضحت «ميدنيك» أن تأثير «مخدرات الدراسة» يتضح سريعًا وعلى المدى القصير بالنسبة للطلاب، إذ تعد حلًا سريعًا ومريحًا لاجتياز اختبار لم يدرسوه طوال الفصل الدراسى، وأكدت أن بعض العقاقير قادرة على حشد المعلومات الخاصة بفصل دراسى واحد لمدة ليلة واحدة، وغالبًا ما يستسهل الطلاب هذا الأمر.
وبيّنت أن تلك العقاقير المغرية للطلاب والمتنافسين فى سوق العمل تعزز الأداء المرتبط بالاهتمام، ولكن على حساب نوم المتعاطى وذاكرته العاملة، وأن الجميع يعلم أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم، ولكن ماذا عن الذاكرة العاملة؟، توضح الخبيرة النفسية أن الذاكرة العاملة تعمل على العكس من الذاكرة طويلة المدى، إذ تعمل بسرعة، وتعتبر عملية عقلية أساسية نشطة تغذى قدرتنا اليومية على العمل، ودونها لا نتمكن من قراءة التوجيهات وكتابتها وسببها واسترجاعها وتنفيذ عدد من المهمات اليومية الضرورية.
وخلال إجراء الدراسة الطبية تلقى المشاركون إما حبوب الدواء الوهمى أو جرعة من المخدرات الذكية، وأكدت «ميدنيك» أن المشاركين الذين تناولوا عقار «دكستروامفيتامين» الذكى، ذى الخصائص المشابهة لعقارى «أديرال» و«ريتالين»، جاءت نتائجهم مثيرة للاهتمام.
وأظهرت الدراسة أن أداء متعاطى العقاقير الذكية أفضل بنسبة ٤٪ فقط ممن تعاطوا الدواء الوهمى خلال تقييم التركيز، الذى أجرى بعد ٧٥ دقيقة من الجرعة، ولكن مع مرور الوقت، كانت المجموعة التى تناولت العقاقير الذكية أسوأ بكثير فى مهام الذاكرة العاملة من مجموعة الدواء الوهمى فى اليوم التالى.
وذكرت أن سوء فترات النوم كان السبب الرئيسى فى سوء أداء المجموعة التى تلقت العقاقير الذكية، فعقار «دكستروامفيتامين» الذى تعاطوه قلل من نومهم فى «الموجة البطيئة»، وهى مرحلة نوم حرجة، يحتاجها الجسم ليشفى نفسه بنفسه، ومع عدم وجود ما يكفى من النوم البطىء يؤثر ذلك على قدرة الفرد اليومية على العمل على النحو الأمثل.
وكشفت الدراسة عن أنه ليس كل الآثار الجانبية للعقاقير الذكية تضعف الوظيفة الإدراكية، فهى بصرف النظر عن تأثيرها على زيادة قدرة الفرد على الانتباه بشكل مؤقت، إلا أنها تعزز بفاعلية الثقة فى نفوس مستخدميها كما يفعل «الكوكايين».
وقالت «ميدنيك» إن تصور الكفاءة فى العقل ليس كافيًا لعبور اختبار الأداء، فتناول العقار قد يشعر الطالب أو الشخص بأنه ذكى، ولكن هذا لا يعنى أنه ذكى حقًا كما يعتقد فى عقله، فهو مجرد تصور منحه العقار له، مشيرة إلى أن العقاقير الذكية تحسن من قدرات الفرد وأدائه بنسبة ٤٪، وبالتالى فهى لا تستحق المجازفة، وأن النوم الطبيعى أفضل بكثير من هذه العقاقير المنبهة.
وأوضحت الخبيرة أنه بالنسبة للطلاب فإن تلقى المعرفة على المدى الطويل، والذى يأخذ وقتًا أطول خلال الفترة الدراسية، يساعد العقل على الاحتفاظ بها بشكل عالى الجودة، ولن يقوم بمسحها بشكل سريع، وتابعت: «إذا استثمرت قدرتك على التعلم على فترة طويلة من الزمن، مع الحفاظ على انتظام النوم، فستكون لديك بالفعل معرفة أعمق حول الموضوعات التى تتعلمها، وعلى الجانب الآخر، إذا اعتمدت على العقاقير الذكية للاستذكار فلن تحتفظ بالمعلومات إلا لفترة قصيرة».