رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"قصة مدينتين".. عندما كتب ديكينز عن محنة الطبقة العاملة بفرنسا

جريدة الدستور

قضى الدكتور "مانيت" أكثر من عشرين عاما فى سجن الباستيل، ولما خرج حل ضيفا على خادمه "ديفارج" وكان مانيت ثوريا حتى النخاع، عاش يحلم بالجمهورية. الماحية لتلك الملكية التى تحكم بنظرية التفويض الإلهى المقدس.

عاش "مانيت" فى غرفته المظلمة يصلح الأحذية لينسى مهنة الطب، وفى صبيحة يوم ما أتى "مستر لورى" مدير بنك "تلون" بمدينة لندن بصحبة "لويس" ابنة الدكتور "مانيت"التى لم تر والدها طيلة العشرين عاما التى قضاها خلف القضبان، ثم عاد الثلاثة "مانيت" و"لويس" و"لورى" إلى بريطانيا، ليحضرا محاكمة "تشارلز دانى" فرنسى الأصل. متهم بخيانة بريطانيا بحجة تسريب معلومات عن الجيش الإنجليزى إلى الجيش الفرنسى، إلا أن التشابه بين تشارلز دانى وبين المحامى "سيدنى كارفو" كان كفيلا بحصول تشارلز على البراءة، فخرج "تشارلز" وتزوج من "لويس" وعاشا فى بريطانيا ثم عاد "مانيت" لغرفته المظلمة وأصيب بالزهايمر لكنه لم ينس مهنة إصلاح الأحذية، تلك المهنة الوضيعة التى تعلمها فى السجن، فدوما ماتكون الأشياء الموجعة عصية على النسيان.

بعد عام اشتعلت الثورة فى فرنسا، وحطم الفرنسيون سجن الباستيل، بقيادة الثوريين الجمهوريين، وسرعان ماتم القبض على "جابيل" الذى كان يجمع الضرائب "لماركيز" عم "تشارلز" وذهب "تشارلز" لإنقاذ "جابيل" لكن أتت الرياح بما لا تشتهى سفن تشارلز، لقد تم القبض عليه بحجة أنه مهاجر من بريطانيا إلى فرنسا، وكان جزاء من يفعل ذلك هو الإعدام، فأعادت الصدمة ذاكرة "مانيت" وتوجه بصحبة ابنته "لويس" إلى باريس ولأنه أحد سجناء الباستيل ومن معارضى الملكية التف الثوريون من حوله واتخذوه رمزا لهم.

حاول مانيت انقاذ "تشارلز" لكن الثوريون الذين أحبوه رفضوا طلبه، وظلت المحاكمة قائمة لمدة عام كامل، كل يوم تذهب لويس إلى السجن لكن لم تتمكن ولو لمرة واحدة من مقابلة حبيبها. ولما جاء موعد المحاكمة ترافع المحامى وحصل على البراءة لموكله لكن فى نفس اليوم تم القاء القبض على تشارلز بحجة أخرى وحكم عليه بالإعدام فقام المحامى بتسليم نفسه بدلا منه نظرا لهذا التشابه الذى يصل الى حد التطابق، وفر "تشارلز" و"مانيت" و"لويس" من مدينة باريس إلى المدينة الثانية لندن.