رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لينا مظلوم تكتب: الإخوان.. «دين أبوهم» اسمه التقسيم

لينا مظلوم
لينا مظلوم

مؤلفات ودراسات لا حصر لها، كشفت بالأدلة عن ملامح الوجه القبيح وحقيقة المستور عن تنظيم حسن البنا.. إذ لم تفلح كل مساحيق التجميل «العقائدية» فى إخفاء النهم إلى السلطة، الدموية، الانتهازية واستباحة كل القيم والمبادئ فى سبيل تحقيق الهدف. الجريمة التى لا تقل خطورة عن كل ما يحفل به سجل «عصابة البنا» الأسود، بل تشكل جزءًا من تاريخها، وبلغ التوحش فى ممارساتها أقصى مداه تحديدًا منذ العام المظلم الذى كادت فيه أن تقتلع «بهية» من جذورها الطيبة السمحة، لتستمر فى تغذية هذه السموم على مدى الأعوام الستة الماضية.
أحد أهم أسس قيام الجماعة، تقسيم النسيج الاجتماعى للكتلة الشعبية الواحدة، مع ترسيخ قناعة تمييز الجماعة عن المجتمع، كونها الفئة المسلمة وقصر الإسلام الصحيح على أفرادها دون الآخرين، بالتالى اختارت الخروج من معادلة المواطنة. عجز الجماعة عن الابتكار، دفعها إلى تكرار النمط أو تقليد عودة التاجر المفلس إلى دفاتره القديمة.. فالبيان الأخير الذى أصدرته هو نموذج للمراهقة السياسية التى تمارسها بقايا الجماعة على طريقة لاعبى «الثلاث ورقات».. تقلب ورقة المصالحة أمام الرأى العام العالمى، بينما تسفك باليد الأخرى دماء الأبرياء، الأدهى أن توحش الجماعة فى نهج تغذية تقسيم الشارع المصرى، عبر استغلال كل حدث مهما بلغ حجمه وطبيعته.. علمًا بأنها لم تراهن يومًا على الشعوب، بل على التنظيمات، فهى لم تجمع جماهير تؤمن بأفكارها، لكنها خلقت تنظيمًا يضم أتباعًا خاضعين يدينون لحسن البنا بالطاعة وفق ما ورد ضمن إحدى رسائله «دعوتنا»: «إن الوطنية هى أحد أسباب تشرذم الأمة إلى طوائف متناحرة متقاتلة».
إشارات تقسيم نسيج المجتمع كشرت عن أنيابها بوضوح خلال عدة أحداث منذ عام ٢٠١٣.. مظاهرات الإخوان يوم ٦ أكتوبر من نفس العام، لم تقتصر أبعادها على إثارة العنف والفوضى لإفشال الاحتفالات بنصر أكتوبر فى ذكراه الأربعينية، بقدر ما كان هدفها شق صف مناسبة وطنية تجمع المصريين حول ذكرى قدرتهم على تحقيق النصر مهما بدا ذلك للعالم مستحيلًا. المسلم به أن احتفالات النصر عند الشعوب تكون غير قابلة للانقسام حولها شعبيًا أو سياسيًا.. الإخوان تعمدت اختراق الصف الوطنى عن طريق خلق «احتفال» موازٍ مضاد للإجماع الشعبى بهدف شق الصف الوطنى. استخرجوا من الشقوق كل «الأفاعى» لبث سموم إظهار الاختلاف خلال تبنى أبطال مثل الفريق سعدالدين الشاذلى، ووضع الزهور عند قبره.. أعماهم الغباء عن حقيقة أن انتماء الشاذلى كمصرى يعود إلى مؤسسة وطنية غير قابلة بحكم موروثها وعقائدها للتدنى إلى مستوى أداة فى يد انتهازية الإخوان التى لا تتوانى حتى عن استغلال رموز وطنية أو قومية أو غيرها.. فالهدف هو نقض المناسبة الوطنية وإحداث شرخ بها لإظهار الشارع المصرى منقسمًا على نفسه أمام العالم.
خلق بؤر تجمع فى منطقتى رابعة العدوية وميدان النهضة لم تقف أبعاده الشيطانية عند الشق السياسى- أوهام تشكيل دولة موازية- بل إحداث شق فى النسيج الاجتماعى لوحدة الشعب عبر محاولة تصدير للعالم كذبة وجود كتلتين شعبيتين تواجه كل منهما الأخرى.. والأخطر المخطط الموازى لاستدراج رجال الأمن إلى خوض معركة من أجل إخراجهم، لكن بداية نكبة الإخوان جاءت لحظة توحد الشعب مع جيشه الوطنى..فالجماعة لم تعترف منذ تأسيسها بالشعوب.. هى معنية فقط بجمع أتباع يدينون لها بالولاء والطاعة العمياء حتى وإن اقتضى الأمر عن طريق استغلال الاحتياج المالى للفئات البسيطة من الشعب. ذكريات ٣٠ يونيو على مدى شهر من الاعتصام داخل وزارة الثقافة كانت حافلة بالشواهد على أن الجماعة كانت تخطط- سياسيًا وأمنيًا- لحرب شوارع، بالإضافة إلى تيقن الشارع المصرى أنها تتعامل معه- اجتماعيًا- كشعبين وليس شعبًا واحدًا. وقائع كان الشارع شاهدًا على أحداثها وهو يتابع هجوم ميليشيات الإخوان بقيادة ممدوح إسماعيل و«صبى» خيرت الشاطر أحمد المغير لإجبارنا تحت تهديد السلاح على فض الاعتصام.. عندها قرر القائمون على الاعتصام أن نواجه الرصاص والمولوتوف والحجارة الموجهة نحونا بالتجمع فى ساحة الوزارة لنردد بصوت واحد خلف الفنانة عزة بلبع الهتافات والأناشيد الوطنية أمام كاميرات الفضائيات التى نقلت الأحداث على الهواء.
الجماعة الفاشلة توجه حاليًا نفث سموم التقسيم الاجتماعى تحديدًا نحو مناطق تمس العقيدة والمشاعر، كالرياضة والفنون وغيرهما تحت وهم تغذية إحداث شقاق بين شعب موحد.. بعدما أعمتها الضربات المتتالية عن إدراك طبيعة وحجم الخصومة التى تراكمت خلال السنوات الماضية مع الشارع المصرى حتى أوصلتها إراقة دماء الأبرياء إلى طريق مسدود.