رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مريم جبل تكتب: لم يستدل عليه


لا شك أن التحديات الحالية التي تواجه البلاد تستلزم من الجميع التكاتف والوقوف إلى جانب الأجهزة الأمنية ومساندتها في أعمالها، فلتحقيق معدلات الأمن العالية يلزم تنفيذ إجراءات جادة للوصول إلى مجتمع لا يأوي الإرهاب ولا مكان فيه للجرائم الجنائية.

خلال السنوات الماضية استخدم الإرهابيون الوحدات السكنية كبؤر للتحضير للعمليات الإرهابية والاختباء بعد تنفيذها، محاولين استخدام المواطنين في الأحياء الشعبية كدروع بشرية.

اعتمد الإرهابيون على جدعنة ولاد البلد ووافر حسن النيات، وصدق المثل الإنجليزي القائل: «الطريق إلى جهنم مفروش بالنيات الحسنة»، خاصة أن الاشتباه يعد إجراءً وقائيًا ينتهي بعد الفحص لكنه قد يحبط جرائم كبرى، و«بلاغ المواطن» هو كلمة السر لمنع الجريمة قبل حدوثها، أما إيواء إرهابيين أو جنائيين عن علم أو دون علم يعتبر جريمة تؤدى إلى خسارة الأرواح وضياع الحقوق، ومن يفعلها معرض بالضرورة للمساءلة القانونية.

وبالتالي أصبح من البديهيات أن استجابة ملاك العقارات لقانون إخطار أقسام الشرطة في حال تأجير الوحدات السكنية ـ خاصة المفروشة ـ وإفصاح السكان الجدد عن سبب تغيير سكنهم، أمر غاية في الأهمية وضرورة قصوى لمنع الجريمة وتمكين الشرطة من فرض الأمن وملاحقة المطلوبين، لكن هل يكفي ذلك للوصول إلى وطن آمن؟.

أرى أنه ربما إذا أصدر مجلس النواب مادة ملزمة للمواطن بتدوين عنوان سكنه الجديد في بطاقة الرقم القومي فور تغيير عنوانه وإثبات العنوان الجديد في الأوراق الرسمية، سيتم تنفيذ الأحكام القضائية والقضاء على أوكار الاختباء، كما أن فرض عقوبة لا تقل عن الحبس سيجعل الجميع ملزمًا أمام القانون بتنفيذ التدابير الأمنية اللازمة لتحقيق منظومة أمن أكثر تطورًا.

وعندما يصبح محل إقامة المواطنين معلومًا لدى الأجهزة الأمنية، فإن الشرطة ستتمكن من إلقاء القبض على أعداد كبيرة من الهاربين ـ السياسيين والجنائيين ـ والمطلوبين للتنفيذ في قضايا الأحوال الشخصية، ولن يتحول المتهم إلى «إبرة في كوم قش»، كما سيتم تنفيذ الأحكام القضائية ولن تجد شرطة تنفيذ الأحكام عقبات في إتمام عملها، وتنتهي جملة «لم يستدل على عنوان سكنه» من ذاكرة الشعب المصري.

ليست الشقق المفروشة والإيجار الجديد الخطر الوحيد، بل هناك قنابل موقوتة أخرى أبرزها بنسيونات الدرجة الثانية والثالثة التي تخضع الإقامة فيها لمزاج الموظف وقيمة «البقشيش»، والشخص الهارب يمتاز بالسخاء لا من أجل فعل الخير، ولكن بهدف الاختباء من الأمن والتنعم بمتحصلات جرائمه في ملاذ آمن، ومهما اجتهد ضابط المباحث للحصول على «اليومية» الدقيقة لنزلاء البنسيونات، فإن ذلك لا يحدث لسببين، الأول هو عدم وجود غطاء قانوني يؤمنه في طلب بيانات النزلاء، والثاني أنه لا توجد عقوبة تجرم عدم الإفصاح عن البيانات أو التلاعب فيها بالإخفاء والتزوير.

وبالتالي لا عجب إذا علمنا أن الشرطة تمكنت من القبض على شخص في كمين تبين أنه نزيل مقيم لمدة عام في بانسيون بمنطقة الأزبكية، وهارب من تنفيذ 360 حكمًا قضائيًا في جرائم نصب، وأن شرطة تنفيذ الأحكام في محافظة الإسكندرية تنصب له كمائن في أوقات مختلفة للقبض عليه في العنوان المدون لديها. فهل ستستمر الشرطة في بذل جهود مضاعفة للقبض على المطلوبين أم ستسن قوانين جديدة؟.