رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدينتينوكس القاتل.. حالات وفيات أطفال بعد بلع جيل التسنين

جريدة الدستور

جيل التسنين خطر على الأطفال" تحذير أطلقته منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، في الأيام السابقة، حول أي نوع من الجيل المسكن الذي يكتبه الأطباء للأطفال حديثي الولادة اللذين في مرحلة "التسنين" (وهي العملية التي تظهر فيها الأسنان اللبنية للطفل الرضيع)، والتي تحتوي على مادة "ليدوكايين" بتركيز 2% نتيجة تسجيل بعض الحالات التي شابتها مضاعفات خطيرة من هذه المادة بسبب جرعات زائدة؛ ومنها حالات وفيات بالإضافة للخوف من تأثير المادة المخدرة على البلع عند الأطفال وتسببها بالاختناق نتيجة عدم الإحساس في منطقة الحلق.
تحذيرات منظمة الغذاء والدواء الأمريكية منذ 2014
دلفنا إلى موقع المنظمة للتأكد من التحذيرات المنشورة، ووجدنا أنها موجودة منذ 26 يونيو 2014، الذي حذرت فيه من استخدام محلول ليدوكايين 2% الموصوف عن طريق الفم لعلاج الرضع والأطفال الذين يعانون من آلام التسنين، مؤكدة أنه لم تتم الموافقة على محلول ليدوكايين الفموي اللزج لعلاج ألم التسنين والذي يمكن أن يسبب ضررًا خطيرًا، بما في ذلك الوفاة، محذرين مقدمو الرعاية الصحية بعدم وصف هذا المنتج أو التوصية به لألم التسنين.

وأكدت المنظمة، في تقريرها أن التعرض للكثير من هذه المادة من خلال البلع قد يؤدي إلى نوبات، وإصابات شديدة في الدماغ، ومشاكل في القلب، مستعرضة 22 تقرير عن حالات ردود الفعل السلبية الخطيرة، بما في ذلك الوفيات عند الرضع والأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أشهر و3.5 سنة، ناصحة الأهالي ومقدمي الرعاية عدم استخدام الأدوية الموضعية لألم التسنين المتوفرة دون وصفة طبية لأن بعضها قد يكون ضارًا.

ونشرت المنظمة، في 30 سبتمبر 2016، تصريحات لجانيت وودكوك، مديرة مركز تقييم وبحوث الأدوية في إدارة الأغذية والعقاقير، تقول فيها: "يمكن التحكم في آلام التسنين بدون وصفة طبية أو علاجات، لذا نوصي الآباء والأمهات ومقدمي الرعاية بعدم إعطاء تلك الأقراص أو الجيل التسنين للأطفال وطلب المشورة من أخصائي الرعاية الصحية لديهم للحصول على بدائل آمنة".



*استطلاع للأهالي: نعم طفلي أصيب بضرر من "دينتنوكس"
وزيادة في التأكيد، أجرينا استطلاعًا للرأي، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حول مدى فعالية أو ضرر جيل التسنين على الأطفال، فكانت الإجابات ما بين أن الأم لم تستخدمه سوى مرة واحدة واتجهت بعدها للطرق الطبيعية في تخفيف ألم طفلها مثل "العضاضة" أو الخيار المجمد، وذهبت الآراء الأخرى إلى أن الجيل تسبب بالفعل في أعراض جانبية، منها: السخونة والمغص، وهو ما ستقرأه خلال الاطلاع على بعض تلك التعليقات.


*الأطباء: لا ننصح باستخدامه
من ناحية أخرى، ذهبنا إلى بعض الأطباء ليسردوا لنا آرائهم في قصة هذا الجيل، كانت بدايتنا مع الدكتور ربيع حسين، رئيس قسم الأطفال بمستشفى أدفو بأسوان، الذي قال: "يتسبب في حالات اختناق وهياج للطفل" فالأزمة تكمن في الاستخدام الخاطئ للجل، مشيرًا إلى أن خطورة هذا الجل تكمن بأمرين؛ أولهما أنه وبكونه جلًا قد يتم ابتلاعه من قبل الأطفال بكمية كبيرة مرة واحدة مما يتسبب في أن يَعْلَق بحلق الطفل وبالتالي يعرضه لحدوث صعوبات بالبلع.

وتابع "حسين"، في حديثه لـ"الدستور"، أن الخطورة الثانية وهي الأشد فتكمن في احتواء جل التسنين على مادة "الليدوكايين" المخدرة والتي إذا تم استخدامها بكميات كبيرة تعمل على تخدير نهاية منطقة الحلق بشكل كامل مما يؤدي إلى إمكانية ابتلاع الطفل لأي طعام دون أن يشعر وبالتالي يعبر الطعام إلى منطقة الجهاز التنفسي بدلًا من الجهاز الهضمي فيؤدي هذا إلى اختناق الطفل مما قد ينتج عنه الوفاة فورًا.

أما الدكتورة نهي أبو الوفا، استشاري طب الأطفال، فقد أكدت أن جيل التسنين مثله مثل أي مستحضر دوائي يعد مضرًا إذا تم تناوله بطريقة خاطئة أو بجرعات زائدة، موضحة أن وجود المادة المخدرة بداخله يجعله غير آمن، مؤكدة أن هناك العديد من الأمهات اللاتي يلجأن إلى إعطاء أبنائهم جرعات كثيرة من هذا الجل حتى يكفوا عن البكاء نتيجة الآمهم الناتجة عن التسنين، ولا يدركون أن الاستخدام المفرط لهذا الجل يعرض حياة أبنائهم للخطر.

وأشارت "أبو الوفا"، في تصريحاتها لـ"الدستور"، إلى أنها تصف لبعض الأمهات أحد أنواع الجل المتوافر بالأسواق مرة واحدة فقط باليوم وذلك لقوة تركيزه وفعاليته حتى لا يتم ابتلاعه عن طريق الخطأ من قبل الطفل مما يتسبب في تعرضه للأخطار.

فيما يرى الدكتور أكرم محمد، استشاري الأطفال المبتسرين، أن جل التسنين يحتوي على نسبة آمنة من مخدر "الليدوكايين" لا تتعدى الـ 2% وهي النسبة المسموح بها عالميًا، وبالتالي لا يشكل خطرًا كبيرًا على الأطفال إلا في حال تناول كميات كبيرة منه وهنا يسبب حالات تسمم، والتي من أعراضها الهياج العصبي للطفل وبعض الالتهابات المعوية ولكن الأمر لا يصل إلى حد الوفاة.

*جولة لـ"الدستور" بين الصيدليات
وعلى جانب آخر، قامت "الدستور" بجولة لعدد من الصيدليات في مناطق مختلفة لسؤالها عن جيل "دينتنوكس" والأزمة المتعلقة به، وفي إحدى صيدليات منطقة رمسيس، قال الدكتور «ا.ش» إن الجيل متوفر وهو بسعر 13 جنيهًا، كذلك أخبرنا الدكتور «ص.م» في صيدليته الموجودة بمنطقة بمصر الجديدة، أنه لا حاجة لتوفر "روشتة" طبية تفيد بحاجة الطفل إليه، وكذلك أكد على كلماته الدكتور «م.ل» في صيدليته بمنطقة وسط البلد، مشيرًا إلى أنه لا ضرر من هذا النوع من الجيل على الأطفال، دون التطرق لجزئية أن الأزمة في مادة "الليدوكين" الموجودة في هذا النوع أو غيره من أنوع الجيل المستخدمة في تسكين آلام التسنين لدى الأطفال.

خلال جولتنا، اشترينا علبة من جيل آخر مشابه له في التركيب هو "أوراكيور" للاطلاع على النشرة الداخلية له، مكتوب فيها: "لا يستخدم إذا كان لديك حساسية من ليدوكين أو غيره كمخدر موضعي"، وداخل مستطيل كبير كُتب فيه: "لا يجب استعماله في حالت التسنين عند الأطفال واستخدامها في الرضع والأطفال الصغار يمكن أن يسبب ضررًا خطيرًا بما في ذلك الوفاة.


الصيادلة: نخشى من "الليدوكايين" الموجود في الجيل
طرقنا باب المسئولين لمعرفهم إجراءاتهم حيال تلك التحذيرات الموجودة منذ 2014 لكن دون تحرك منهم، فالبداية كانت مع الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيادلة، الذي أكد أن المادة الخطرة في جيل تسنين الأطفال هي "الليدوكايين"، خاصة إذا زادت وجودها في الجرام الواحد عن ٢% وإنه لا خطورة منها طالما كانت دون تلك النسبة، مشيرًا إلى أن الآباء والأمهات يلجأون لشراء العديد من الأدوية لأطفالهم والمنتجات لأطفالهم دون التنبه إلى آثار الإفراط في استخدام بعض المنتجات مثل الإكثار من جيل التسنين الذي تزيد فيه نسبة "الليدوكايين" عن ٢%.

وأكد "الوكيل"، في تصريحاته لـ"الدستور"، على أهمية دور اليقظة الدوائية في توعية وتثقيف المواطنين بخصوص الأدوية حتي لا تحدث مثل تلك الملابسات، مقترحًا إنشاء جهة مختصة تُدرج تحتها كل المعلومات الخاصة بكل دواء على حدا، وعند وجود مشكلة لدي المواطن بسبب تناول دواء معين يلجأ المواطن لهذه الجهة ليعرف مكونات ما تناوله.

*اليقظة الدوائية: لا نتابع الآثار الجانبية للأدوية
تواصلنا أيضًا مع أحد مسئولي قسم اليقظة الدوائية بوزارة الصحة، الذي آثر عدم ذكر اسمه خوفًا من إقالته، أكد أن هذه التحذيرات موجودة بالفعل منذ 3 سنوات، إلا أننا في مصر لم نرصد أي حالات بعينها تعرضت لأي أعراض جانبية خطيرة بسبب تلك الأنواع من الجيل، لكن المنظمة رصدت حالات من أطفال من عمر خمس شهور لـ ٣ سنوات، نتج عنه دخول الطوارئ والبعض منها كان وفاه بسبب جرعات زائدة أو استعمال خاطئ.

وفي تصريحه لـ"الدستور"، أكد المسئول أن المشكلة في مصر هي عدم تفعيل نظام تجميع الآثار الجانبية، الذي يبحث مدى فاعلية الدواء وأعراضه الجانية، لذا من الممكن تسبب هذا الجيل في كثير من حالات الإصابة والوفاة لكن دون علم منّا.

*برلمانية: نلجأ لإدارة الصيدلة لاتخاذ إجراءاتنا
أما عن الجهة التشريعية، فهاتفنا النائبة إلهام المنشاوى، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، فقالت إن البرلمان في مثل هذه الأمور يلجأ لمخاطبة الإدارة المركزية للشئون الصيدلية للتعرف على حقيقة الأزمة وأسبابها،وعلى أساسها نبدأ في تحديد الخطوات التى يجب اتخاذها بهذا الخصوص.

*إحصائيات
حسب أحدث إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2017: فإن عدد المواليد 557،2 مليون.

- المواليد الذكور 1.309 مليون مولود، عدد مواليد الإناث 1.248 مليون مولود.
- عدد المواليد من الحضر 1.293 مليون مولود، وفي الريف 1.265 مليون مولود.