رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإجابة عن الأسئلة الصعبة للإلحاد «٢-3»


إن نظام وتكامل الكون يدل على أن الله واحد «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا. فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ»، وطريقة الخلق دليل على أن للكون إلهًا واحدًا، وليس آلهة متعددة.
الخالق واحد، لأن الكون كله أصل واحد، خامة واحدة، وخطة واحدة، فمن الهيدروجين تألفت العناصر الاثنان والتسعون التى فى جدول «مندليف» بنفس الطريقة، «بالإدماج» وإطلاق الطاقة الذرية التى تتأجج بها النجوم، وتشتعل الشموس فى فضاء الكون.
كما أن الحياة كلها بنيت من مركبات الكربون «جميع صنوف الحياة تتفحم بالاحتراق» وعلى مقتضى خطة تشريحية واحدة، إذ إن تشريح الضفدعة، والأرنب، والحمامة، والتمساح، والزرافة، والحوت، كشف عن خطة تشريحية واحدة، نفس الشرايين والأوردة وغرفات القلب، ونفس العظام، كل عظمة لها نظيرتها، الجناح فى الحمامة هو الذراع فى الضفدعة، نفس العظام مع تحور طفيف، والعنق فى الزرافة على طوله نجد فيه نفس الفقرات السبع التى تجدها فى عنق القنفذ، والجهاز العصبى واحد لدى الجميع، يتألف من مخ وحبل شوكى وأعصاب حس وأعصاب حركة، والجهاز الهضمى من معدة واثنى عشر، وأمعاء دقيقة وأمعاء غليظة، والجهاز التناسلى نفس المبيض والرحم والخصية وقنواتها.. والجهاز البولى الكلية والحالب، وحويصلة البول، ثم الوحدة التشريحية فى الجميع هى الخلية، وهى فى النبات كما فى الحيوان كما فى الإنسان، بنفس المواصفات، تتنفس وتتكاثر وتموت وتولد بنفس الطريقة، فأى غرابة بعد هذا أن نقول إن الخالق واحد؟.. ألا تدل على ذلك وحدة الأساليب؟
٥- السؤال الخامس: ربما أوجد الكون بطريقة الصدفة نتيجة انفجار هائل حدث فى الكون!
هناك نوعية من الناس لا تفهم بالنظريات، لا تفهم بالعقل، ولكن تحتاج إلى تطبيق عملى تشاهده، وهذا ما حدث مع الإمام أبى حنيفة، الذى كان يمتلك مهارة عالية مع هذا النوع من الناس.
ذات يوم جلس أبوحنيفة ليخوض مناظرة عقلية، وظل يناظرهم ويقول لهؤلاء الذين يعتقدون أن الكون خلق بالصدفة، إنه من غير الممكن أن يكون قد نشأ كذلك، ولكنه لم يثمر عن أى نفع معهم. فظل يفكر وقال لهم إنه متعب اليوم ولا يستطيع المناظرة، وطلب منهم أن يتقابلوا معه اليوم التالى فى الموعد وفى المكان ذاته، وظل يؤكد لهم على الموعد.
وفى اليوم التالى، اجتمع الكل ولم يظهر أبوحنيفة، أراد أن يستخدم معهم الطريقة العملية، وتأخر عليهم كثيرًا حتى غضبوا غضبًا شديدًا، قال لهم أبوحنيفة: «أنا آسف ولكن كما تعلمون أنا أسكن فى الناحية الأخرى من الفرات، ولكى أعبر إليكم يجب علىّ أن آخذ قاربًا، فلم يأت القارب، لذلك تأخرت.
السؤال المنطقى هنا هو أن يسألوه: إذن كيف وصلت إلينا؟ قال لهم: «ظللت واقفًا على جانب النهر لا أعلم كيف أصل إليكم، ففجأة جاءنى لوحٌ خشبىٌ وظل أمامى، ثم جاءتنى أربعة ألواح من كل النواحى المحيطة، ثم بدأت الألواح تتجمع وتترابط مع بعضها البعض حتى كونت قاربًا متلاصقًا، فركبته فقادته الأمواج حتى وصلت إليكم».
قالوا: «أتهزأ بنا؟! أنت لا تحترم عقولنا! ما هذا الكلام الذى تقوله لنا؟ هذا مستحيل، قال: «أقررتم على أنفسكم وخسِرتُم. أبت عقولكم أن تقبل أن قاربًا بسيطًا قد اجتمع بالصدفة وقبلتم أن هذا الكون المُعجِز كله قد اجتمع بالصدفة؟!» فسكتوا.
يقول داوكنز شيخ الملحدين: إن (لا شىء) قاد إلى (كل شىء).. يريد أن يقول إن ولا شىء أوجد كل شىء.
لكن السؤال من أين جاءت المواد الأولية للكون.. الانفجار.. مواد الانفجار الأولى من الذى أوجدها.. هل هى الصدفة؟.
العالم البريطانى «شرويدر» يبدأ تفنيده لنظرية الصدفة بعرض تجربة أجراها المجلس القومى البريطانى للفنون، حيث وضع الباحثون ستة من القِرَدة فى قفص لمدة شهر، وتركوا معها لوحة مفاتيح كمبيوتر، بعد أن دربوها على استخدامها.
كانت النتيجة ٥٠ صفحة مكتوبة، دون كلمة واحدة صحيحة، حتى لو كانت هذه الكلمة من حرف واحد مثل A «لاحظ أنه لا بد من وجود مسافة قبل حرف A ومسافة بعده حتى نعتبره كلمة».
وإذا كانت لوحة المفاتيح تحوى ثلاثين مفتاحًا «٢٦حرفًا + ٤ رموز»، فإن إمكانية الحصول على كلمة من حرف واحد بالصدفة، عند كل محاولة، تصبح ١٣٠٣٠٣٠ أى ١٢٧٠٠٠.
بعد ذلك طَبَّق شرويدر هذه الاحتمالات على قصيدة «سوناتا» لشكسبير، فخرج بنتائج عَرَضها كالآتى: اخترت لشكسبير السوناتا التى تبدأ ببيت Shall I Compare thee to a Summers day، وأحصيت حروفها فوجدتها ٤٨٨ حرفًا.
ما احتمالية أن نحصل بالطَرْق على أزرار لوحة الكمبيوتر على هذه السوناتا بالصدفة «أى أن تترتب الـ٤٨٨ حرفًا نفس ترتيبها فى السوناتا»؟ إن الاحتمال هو واحد مقسوم على ٢٦ مضروبة فى نفسها ٤٨٨ مرة، أى ٢٦ وهو ما يعادل ١٠. إذا كان هذا الرأى يعجز عن إثبات إمكانية كتابة سوناتا بالصدفة، فهل سينجح فى تفسير نشأة الحياة بالصدفة من المادة غير الحية؟!.