رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فرج عامر يكتب: لماذا تحرك البرلمان؟

جريدة الدستور



يبحث الكثير من المواطنين فى الفترة الحالية عن إجابة لسؤال مهم يدور فى أذهانهم، ألا وهو: «ما الدافع الذى حرّك البرلمان لبدء إجراءات تعديل الدستور؟».. لا شك أن الإجابة تتمثل فى ضرورة توعية كثير من المصريين بأن الدستور ليس صنمًا لنعبده، فهو يتضمن إجراءات محددة لتعديله، بما يواكب مرحلة التطور والتنمية فى الدولة، ومتطلبات المرحلة الحالية، ما يعنى أن تعديل الدستور أمر محمود، ما دام يحقق فى النهاية المصلحة العامة وإعلاء منفعة المواطنين.
الجميع على يقين أن البرلمان تقدم بتعديلات على مواد أصبحت لا تتلاءم مع المرحلة الراهنة، ولا تتماشى مع الإجراءات التى حرصت القيادة السياسية على اتخاذها للتقدم بالدولة للأمام، فى ظل ظروف ماضية كانت ستأخذ مصر إلى منعطف خطير، ومن ثم تهدف التعديلات إلى استمرار الاستقرار والتقدم الاقتصادى، وجنى ثمار ما تم زرعه فى السنوات الأخيرة، كما أنها ضرورية للتغلب على عدد من الأزمات بدستور ٢٠١٤.
وإذا نظرنا إلى زيادة نسبة المرأة فى البرلمان إلى ٢٥٪، فذلك لأن دور المرأة أصبح مكونًا رئيسيًا فى دفع عجلة الإنتاج والتنمية، فهذه النسبة ضرورية لتمكين المرأة وتعزيز دورها، خاصة بعد إثبات جدارتها فى كثير من المجالات التى عملت على وضع بصمتها الخاصة فى زمن قياسى، بتشجيع من القيادة السياسية، والكوتة مساهمة فعالة فى تعزيز مكانة المرأة، ويعود فضل التفكير فى تعديل المادة ١٠٢ إلى الدكتور عبدالهادى القصبى، زعيم الأغلبية البرلمانية، الذى راعى نسبة التمثيل بهذه الصورة الإيجابية.
وعند الالتفات إلى المادة المستحدثة الخاصة بمجلس الشيوخ «مجلس الشورى سابقًا» وإعادة تفعيله من جديد بصورة تمتلك كثيرًا من الصلاحيات، ليكون غرفة ثانية للنظر فى التشريعات ودراسة ومناقشة القوانين، فنجد الخطوة مهمة للغاية وستساعد مجلس النواب فى تسريع عمله، والانتهاء من القوانين فى وقت قصير مع استيفاء الشروط المطلوبة، كما أن التفكير فى استحداثه أمر مهم لسد فراغ تشريعى فى حالة حل مجلس النواب أو خلال فترة الانتخابات، فمجلس الشيوخ يمثل خطوة إضافية مثمرة فى تطوير منظومة العمل السياسى فى مصر، ولكن عودة المجلس تتطلب تزويده بالصلاحيات والاختصاصات المحددة والواسعة، التى تُمكنه من تحقيق دور فاعل، وليس كما كان فى العهد السابق.
وفيما يخص مدة الرئاسة فلا أحد يستطيع أن ينكر قصر مدة الأربع سنوات، فهى غير كافية لتكون مدة ولاية لرئيس الجمهورية، إذ إن طبيعة الدولة ومتطلبات الاستقرار تستلزم بالضرورة زيادة مدة الرئيس إلى ست سنوات، خاصة فى مرحلة البناء، التى تحتاج إلى إعطاء فرصة كافية للرئيس لتثبيت أركان الدولة وتحسين مستواها الاقتصادى.
وفيما يتعلق بالمادة المستحدثة الخاصة بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، ففيها فرصة للاستعانة بخبرات لمساعدة الرئيس وإدارة البلاد حال سفره للخارج أو لأى سبب آخر، فوجود قيادة أو مسئول لإدارة الأمور أمر مهم جدًا.
وعقد مجلس النواب جلسات حوار مجتمعى اتسمت بالمصداقية والشفافية، فى عرض كل الآراء والمقترحات ووجهات النظر، التى تشابهت فى بعض النقاط واختلفت فى البعض الآخر، لكن فى النهاية حرص الجميع تحت قبة البرلمان، منذ بداية طرح التعديلات، على سلك الطريق الدستورى المشروع طبقًا للمادة ٢٢٦ من الدستور، التى حددت كل الخطوات الخاصة بالتعديل.
وبعد طرح التعديلات وأصبحت بين يد الجميع، يصبح الآن الحكم والقرار سواء بـ«نعم» أو «لا»، فى حوزة الشعب المصرى، فهو صاحب السلطة ومن حقه رفض تلك التعديلات أو قبولها، لكن يجب على الجميع المشاركة فى الاستفتاء والنزول بإيجابية فى الشارع المصرى، لإبداء الرأى المعارض قبل المؤيد، فرفض المشاركة يعد خيانة للوطن، وفى النهاية قبول التعديل أو رفضه سيكون بناءً على رأى الأغلبية.