رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منتصر (5) جناية عماد أديب.. ماذا فعل سماسرة الموت بجثة «المريض الأسمر»؟

أحمد زكي
أحمد زكي

خطف عماد أديب صديقه أحمد زكى- على غفلة– وحمله على طائرة لندن، كى يضعه أمام الأمر الواقع، ويجرى عملية استئصال المرارة، التى تعفَّنت داخل جسده، والغريب أن الطبيب الذى كشف عليه كان نفس الطبيب الذى عالج عبدالحليم حافظ.
مثلث «زكى وأديب والطبيب» رسم الطريق إلى فيلم «حليم».


تروى الصحف التى تتمتّع بمصالح مع عماد أديب تفاصيل يمكن أن تضعه فى مراتب المرسلين والقديسين، حقَّق آخر أحلامه بتجسيد شخصية عبدالحليم حافظ، ووقَّع معه عقود ٧ أفلام، وهو فى آخر أيامه حتى ينفخ فيه الروح من جديد، ولحظتها تساءل الجميع: «كيف يوقع عقدًا مع إنسان أقرب إلى الموت؟».
يروى رفيقه سمير عبدالمنعم، أنَّه «عندما عدنا إلى القاهرة فوجئنا بعماد يترك ورقة عليها أسماء الأفلام التى ستنتجها شركة جود نيوز، وضمَّت: رسائل البحر، حليم، نقيب العزاب، عمارة يعقوبيان، بيت من لحم، البارون، كنت رئيسًا لمصر»، وتحمَّس زكى لبدء تصوير فيلمين فى وقت واحد.
كان أولهما «حليم». كان موهومًا بـ«تاريخ مشترك» يجمعهما، وحين سمع خبطات ضعيفة على باب غرفته فى المسرح، ردّ: مين؟.. جاءه صوت من وراء الباب: أنا عبدالحليم.
ثار زكى، واعتبره مقلبًا: «امشِ يا سعيد يا صالح يا ابن الـ...».
وبالفعل، ينتظره عبدالحليم حافظ وراء باب غرفته فى مسرح الحرية بباب اللوق، خلال تصوير «مدرسة المشاغبين»، وفى أول زيارة للمسرحية كان عبدالحليم بصحبة أمير من أمراء العرب وبعد نهاية العرض، زار النجوم فى غرفهم ماعدا أحمد زكى.
غضب أحمد، وبكى.
عرف عبدالحليم، فزاره فى اليوم التالى بدون موعد. كان أحمد موعودًا بـ«مقالب» عادل إمام وسعيد صالح. كان أحدهما يتصل به من تليفون آخر، ويقول: آلو، أنا رمسيس نجيب، إزيك يا أحمد؟.. أنا جاى لك دلوقتى، وعايز أوقع معك عقد فيلم جديد».. ثم يدق باب الغرفة: افتح يا أحمد.. أنا رمسيس نجيب.
يفتح أحمد «باب النجومية» ليجدَ سعيد أو عادل.. اللذين وضعاه - بشقاوة الشباب - فى جحيم اليُتْم والعُزلة.
لم يفتح الباب إلا حين سمع صوت صديقه «فرفور»: «افتح يا زكاوة.. ده عبدالحليم».
فتح أحمد ليأخذه عبدالحليم بين أحضانه: «كده تزعل منى؟.. ده إحنا بلديات».

ومن يومها، قرر أحمد أن يخلِّد سيرة «حليم»، فحقَّق له عماد أديب حلمه، ووعده بـ«الضربة الجوية، والشعراوى، وبن لادن، وقصة حب، ورسائل البحر».
لكن.. هل يعيش أحمد زكى؟
تقدم الصحف، التى تكره آل أديب، رواية أخرى لما جرى.
تنشر «الغد» مقالًا عن «سماسرة الموت فى غرفة أحمد زكى بدار الفؤاد».
تؤكد أن أصدقاءه كانوا يعرفون أن السرطان سيتمكَّن منه بعد عام، ورغم ذلك، عشَّموه بأشياء يعرفون أنه لن يقدرَ عليها كىْ يحقَّقوا نجاحًا مهما دفعوا من أموال، لن يحققوه.. «اعتبروه سبقًا، كل خبر عنه وعن مرضه فرصة وكل صورة له وهو يتألم انفراد حتى الذين كانوا يخدمونه حرصوا على التصوير إلى جانبه حتى تصل إلى الناس رسالة أنهم مخلصون ومحبون ومتفانون فى المحبة.. تحول أحمد زكى على أيدى أصدقائه إلى سلعة، وكانوا يطمئنون أنفسهم بأنَّه سعيد بذلك».

يستعد عماد أديب لإطلاق شركة «جود نيوز»، فهل هناك دعاية أفضل من آخر أفلام أحمد زكى؟
وفق «الغد»، عرف عماد أديب أن «زكى سيظهر بصورة لا ترضى أحدًا لكنه تعاقد معه وأعد له حفلًا ضخمًا ليقدم من خلاله أبطال الفيلم، ووقف أحمد زكى ليتحدث ومن خلال الحفل والصور، قلنا يا ليته ما وقف وما تحدث.. لقد كان يترنَّح، صعد إلى منصة الحديث وهو يقاوم أوجاعه وآلامه، ولابد أنه كان ينظر بعينيه الحزينتين إلى كل من حوله ويقول: ماذا يريد أن يفعل بى هؤلاء الناس؟».
ورغم أنه يقف على عتبة القبر، لم يرحمه سماسرة الموت: «قرروا استغلال مرضه، وحاولوا انتهاز حالته مرة أخرى، وبدأوا فى الترويج لأنه انتهى من معظم مشاهده فى فيلم (حليم) رغم أنه لم يصوّر أكثر من ٣٠٪».
تحوَّلت آلام أحمد زكى إلى دعاية مجانية تدرّ دخلًا فى حساب شركة «جود نيوز».. ثم.. جاء توقيع عقود الأفلام السبعة، وعشَّموه، وخيَّروه بين أن تقوم بدور البطولة أمامه ماجدة الرومى أو نانسى عجرم؟.
كان زكى يريد أن يصوّر فيلمين معًا، أو ينجز الأول بسرعة ليبدأ تصوير الثانى، لم يرفض المنتج، وأدخله فى دوَّامة الاختيارات حتى يؤجّل الفيلم لسبب منطقى: فكّر، تبدأ «قصة حب أولًا أم رسائل البحر؟.. بن لادن أم الضربة الجوية؟».
وكىْ تكونَ الخدعة مضبوطة، أخذوا رأيه فى أفيش لفيلم «قصة حب» مع ماجدة الرومى.
كان من المفترض أن يصور «رسائل البحر» (الذى أدى بطولته آسر يس) قبل «حليم» لكن داوود عبدالسيد رفض، واستغنى عنه عندما عرف بمرضه، وأنه سيتعب أكثر لو صوّر على البحر، وسحب الفيلم من شركة «جود نيوز»، التى بدأت إغراء أحمد زكى بالفيلم، وعرضت عليه التعاقد مع نانسى عجرم للقيام ببطولته «دور بسمة» لاستغلال نجوميتها المفاجئة فى مصر (والحكاية لرفيقه سمير عبدالمنعم).

رفض أحمد زكى الترشيح، وكان رأيه أن ملامح نانسى طفولية، بريئة، لا تليق بـ«فتاة ليل» متمرّدة مثل بطلة الفيلم، فطلبوا منه أن يرشِّح غيرها.