رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا يجسد ثقافة الكراهية وتنامي ظاهرة "الإسلاموفوبيا"

جريدة الدستور

بقدرما يجسد الهجوم الإرهابي على المصلين في مسجدين بنيوزيلندا ثقافة الكراهية فإن هذا الهجوم الدموي الغادر الذي أسفر أمس اثناء صلاة الجمعة، عن مقتل وإصابة عدد كبير من الأبرياء في مدينة "كرايست تشيرش" يشكل ذروة جديدة في ظاهرة "الإسلاموفوبيا".

وظاهرة "الاسلاموفوبيا" تعني حرفيا "رهاب الإسلام" غير أنها كمصطلح دخل قاموس الإنجليزية عام 1997، بات يعبر عن ثقافة الكراهية والتحامل على الإسلام والمسلمين ومفاهيم ودلالات في الواقع بالغرب تتضمن "صنع قوالب جاهزة وإصدار احكام مسبقة على المسلمين".

وكما تبدى في الحادث الإرهابي بنيوزيلندا فلظاهرة الإسلاموفوبيا انعكاساتها المباشرة والخطيرة على المسلمين الأبرياء الذين يعيشون في دول الغرب حيث يتعرض بعضهم لاعتداءات دموية دون اي مبرر سوى تلك "الصور الذهنية السلبية الناجمة عن لغة وخطاب وممارسات عنصرية ترفض الآخر وتناويء التنوع والتعدد.

ووصفت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا اردن هذا الحادث الإرهابي بأنه "واحد من احلك أيام نيوزيلندا" فيما كان من الملاحظ حرص أحد القتلة على توثيق الجريمة المروعة باستخدام خاصية البث المباشر على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".

وكان الامام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور احمد الطيب قد ذكر في بيان صدر أمس أن "تلك المذبحة الإرهابية الشنيعة التي حرص منفذوها على تصويرها وبثها على الهواء للعالم كله لا تختلف كثيرا عن مشاهد قطع الأعناق المروعة التي ارتكبتها عصابات داعش الإجرامية، فهما فرعان لشجرة واحدة رويت بماء الكراهية والعنف والتطرف".

كما لاحظ معلقون "مسألة استدعاء وقائع تاريخية تصب في خانة ثقافة الكراهية" حيث عمد قاتل في جريمة كرايست تشيرش لكتابة "تولوز 721" على مدفعه الرشاش الذي حصد به أرواح المصلين في إشارة لمعركة تولوز التي جرت عام 721 بين جيوش الأمويين والفرنسيين.

ومدينة كرايست تشيرش التي يقترب عدد سكانها من النصف مليون نسمة تعد ثالث أكبر المدن في نيوزيلندا بعد اوكلاند وويلنجتون وتتميز بالهدوء والجمال الخلاب وتنتشر فيها الحدائق والمساحات الخضراء لم تشهد من قبل أي اعمال عنف او إرهاب على غرار ماحدث أمس في صلاة الجمعة.

وأثار هذا الحادث الإرهابي في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا مشاعر الاستنكار والأسى العميق من جانب المثقفين سواء في مصر او العالم ككل بقدر مالفت مجددا لخطورة خطاب الكراهية وأهمية الدعوة لمزيد من الاهتمام الثقافي بقضية" صناعة الصورة الغربية الزائفة التى تجعل الاسلام إرهابا والمسلمين ككل ارهابيين" فيما ينبغي ان تأخذ في اعتبارها ان هذه الصناعة الغربية "تقوم عليها مؤسسات وخبراء" واستباح المنخرطون فيها عبر التاريخ "كل المحرمات والحدودالأخلاقية.

ودعا الدكتور أحمد الطيب لتجريم "الاسلاموفوبيا ومحاصرتها ورفع أي غطاء سياسي او ديني عن أصحابها" فيما لاحظ في بيانه امس ان "ظاهرة الاسلاموفوبيا وتيارات العداء العنصري للأجانب والمهاجرين في الغرب لم تحظ حتى الآن بالاهتمام الكافي رغم خطورتها وتحولها في كثير من الحالات لأعمال عنف وكراهية مقيتة".

وعلى مدفعه الرشاش الذي ارتكب به جريمته النكراء ضد المصلين الأبرياء في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش جنوب نيوزيلندا كتب القاتل أيضا اسمي شخصين قاما من قبل بشن هجومين على مسجد في كندا ومهاجرين افارقة في إيطاليا وهما المجرمان "الكسندر بيسونيت ولوكا ترايني".

وكانت تقارير إخبارية قد أفادت ان الإرهابي الأسترالي برينتون تارانت الذي ارتكب أمس "مذبحة كرايست تشيرش" كان قد نشر وثيقة وصف فيها المسلمين والمهاجرين واللاجئين في أوروبا "بالغزاة والمحتلين" مؤكدا ضرورة "اخلاء أوروبا من غير البيض" كما أشار لتأثره بإرهابي اخر في النرويج هو اندرس بريفك الذي قتل هناك 77 شخصا في عام 2011.