رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلل تقنى.. وهبَل متكرر!



إلى الآن، لم تعلن إدارة «فيسبوك» عن سبب ذلك الخلل الذى أصاب عددًا من تطبيقات شبكة التواصل الاجتماعى الأكبر. كما لم نعرف شيئًا عن أسباب تعطيل تطبيقات عملاق محركات البحث «جوجل»، لبضع ساعات. لكن يمكننا بسهولة استنتاج أسباب الخلل، أو الهبل الذى أصاب عقول بعض مستخدمى، هذه وتلك، استنادًا إلى سوابق عديدة.
المشكلة بدأت فى حوالى الرابعة مساء بتوقيت جرينتش، يوم الأربعاء. وأوضح موقع «داون ديتيكتور»، الذى يتابع أعطال المواقع الإلكترونية، أن الخلل أصاب أجزاء من الولايات المتحدة واليابان وبعض أجزاء أوروبا وعدة دول عربية. وفى بيان، أعلنت شركة «فيسبوك» أنها على دراية بالخلل الذى أصاب تطبيقاتها فى أجزاء مختلفة من العالم، بما فى ذلك تطبيقى «واتس آب» و«إنستجرام»، وأشارت إلى أن الأمر يتعلق بانقطاع جزئى للاتصال، وأنها تعمل «على حل المشكلة فى أسرع وقت ممكن». إلا أنها نفت أى علاقة للعطل بأى نوع من الهجمات الإلكترونية. وأوضحت أن السبب لم يكن نتيجة هجمات حجب الخدمة، المعروفة باسم «دى دوس»، وهى تلك الهجمات الإلكترونية التى تتم عبر إغراق الشبكة المستهدفة بكميات هائلة من البيانات، تتسبب فى إنهاكها ثم توقفها.
الخلل المفاجئ أو الشلل التقنى الذى أصاب عملاق التواصل الاجتماعى، تسبب فى هبوط أسهم الشركة بنسبة ١.٥٪، كما أثار قلق غالبية مستخدمى الشبكة البالغ عددهم، حاليًا، نحو ٢.٣ مليار مستخدم. ووصفته شبكة «سى إن إن» الأمريكية، بأنه أسوأ خلل عانت منه الشركة طوال تاريخها. ومن محاسن الصدف أن يتزامن هذا الخلل مع الإعلان عن بدء تحقيق جنائى فى الواقعة، التى وصفتها وسائل إعلام أمريكية بـ«الفضيحة الرقمية»، وتمثلت فى قيام شركة «فيسبوك» بإتاحة الوصول إلى بيانات المستخدمين الشخصية دون علمهم، بموجب صفقات عقدتها مع منصات تقنية أخرى مثل «أبل» و«أمازون» و«مايكروسوفت». وذكرت جريدة «نيويورك تايمز»، أن هيئة المحلفين فى نيويورك طلبت معلومات بشأن تلك الصفقات، ونقلت عن متحدث باسم «فيسبوك»، أن الشركة تتعاون مع المحققين بجدية، وأجابت عن الأسئلة التى تم طرحها.
ما يجعل هذا التحقيق الجنائى ضربة موجعة لشركة «فيسبوك»، هو أنه يأتى قبل أن تلملم فضيحة تسريب بيانات لشركة «كامبردج أناليتكا»، التى أدت إلى خسارتها مليارات الدولارات من قيمتها السوقية. إذ كانت تلك الشركة البريطانية، قد قامت بتطوير «تطبيق» أو برنامج معلوماتى، مكّنها من الحصول على بيانات عشرات ملايين المستخدمين، واستطاعت بعد تحليلها أن تتعرف على توجهات وميول وآراء أصحاب تلك الحسابات، وأن تضع استراتيجية للتأثير على البريطانيين والأمريكيين وتوجيههم سياسيًا: توجيه البريطانيين للتصويت بـ«نعم» فى استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.. وتوجيه الأمريكيين لانتخاب دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.
أيضًا، جاء هذا الخلل أو الشلل بعد مرور أقل من أسبوع على قيام شركة «فيسبوك»، لأول مرة، بحذف حسابات وصفحات ومجموعات، بريطانية، كانت جزءًا من شبكة إلكترونية «انخرطت فى أحاديث كراهية ونشرت تعليقات مثيرة للانقسامات بين طرفى الجدل السياسى القائم فى المملكة المتحدة»، واعتادت تناول «موضوعات كالهجرة، وحرية التعبير، والعنصرية، وقضايا المثليين، وسياسات اليمين المتطرف، وقضايا عالقة بين الهند وباكستان، ومعتقدات دينية تضمنت الإسلام والمسيحية»، بحسب ما أعلنت الشركة التى أشارت إلى إنها شاركت تلك المعلومات مع جهات إنفاذ القانون ومع الحكومة البريطانية. فى حين أعلن داميان كولينز، الذى يرأس لجنة تتولى التحقيق فى الأخبار المزيفة، أن هذه الحسابات والصفحات والمجموعات لم تكن سوى «نقطة فى بحر».
اللافت، هو أن الخلل أو الشلل التقنى الذى أصاب شبكة التواصل الاجتماعى الأشهر، صاحبها خلل آخر أصاب عقول كثيرين من مستخدمى الشبكة، جعلهم يتداولون، للمرة الألف تقريبًا، رسائل ساذجة (أو عبيطة) بشأن طريقة حل المشكلة، أبرزها تلك الرسائل التى زعمت أن «إعادة تفعيل الحساب» تتطلب أو تستوجب إرسال أحد الرموز إلى ٢٠ مستخدمًا آخرين، ورسالة أخرى كان حلها المزعوم هو تمرير الرسالة نفسها إلى الجميع. بل إن هناك رسائل تضمنت فيديو مزيفًا، أى مضروب، لمؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج، شخصيًا، يتحدث فيه عن اعتزامه حذف حسابه على فيسبوك!.
مع تزايد درجة الخلل، أو تفاقم حالة «الهبل»، التى أصابت مستخدمى الشبكة، فى مختلف دول العالم وليس فى المنطقة العربية فقط، كان طبيعيًا أن ينصح خبراء من جنسيات مختلفة، هؤلاء المستخدمين بتجاهل كل الرسائل الواردة لهم وعدم تمريرها إلى آخرين، وانتظار ما تعلنه إدارة «فيسبوك»، بينما نصح ظرفاء محليون بانتظار بيان «المتحدث العسكرى»!.