رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتصار المهزومين


كل مهزوم مأزوم يتوق دوما لانتصار، وإن كان وهميا، المأزوم الواهم يخترع ويتوهم دوما انتصارات هي ليست بالانتصارات لكنه لا بدَّ وأن يحمل بين أياديه أكاليل النصر الواهمة وأن حمل من أجل ذلك أكاليل الغار وكان نافخا للكير الانتصار لدى المهزومين لديه صور عديدة ومختلفة، كلها مختلقة انتصار المهزوم هو دوما اعتداء فليشعر المهزوم بالنصر، لا بدَّ وأن يكون باغ آو عاد، يظن أنه قد هزم غيره في حين أنه هازم لنفسه المأزومة التسبب في تعاسة الغير هي انتصار دائم للمهزومين الغلو والجور والغل والكراهية هي انتصارات المهزومين دوما.

حرق الأرض والزرع وهدم البيوت ودور العبادة وتعرية النساء والتحرش بهن وإذلال الضعفاء وترويع الآمنين وكسر خاطر العاشم وترك الملهوف لاهفا لاهثا هي قمم وقامات النصر والسؤدد لدى المهزومين.

التلذذ بنحر رقبة سائحة هي قمة النشوى التي يشعر بيها المأزوم هزيمتهم للغير وللحضارات وللقيم هي انتصاراتهم الأكيدة التنكيل بالغير عموما يمثل بالنسبة إليهم انتصارا النصر المبين لديهم دائما ما تحركه الشرور وهزائم الغير، انتصاراتهم تتبلور وتتشكل دوما بإلحاق الضرر والهزيمة بالآخرين ويعتبرون هزيمة الآخر انتصارا لهم!

و بالطبع، لا توجد هزيمة دائمة ولا انتصار دائم الحياة ما هي إلا مراحل وجولات، كر وفر، على أصعدة عديدة فالتنكيل بالأخر في سياق ما ليس انتصارا وليس فتحا مبينا، لكن المهزومين المأزومين يرونه كذلك كل جولة يسددون فيها ضربة موجعة هنا أو هناك يعدون ذلك انتصارا أبديا فهكذا تكون دوما انتصارات الصغار الصغيرة التي تحدث أضرار جسيمة للغير. فلا سبيل لنصر إلا بإلحاق الأذى والاستقواء على كل ضعيف، كل حسب ظروفه أو سياقه فتاة الأزهر التي تم فصلها من الكبار. ومن الهيئة والأساتذة والعلماء الأجلاء يحسبها.

كل هؤلاء انتصار مبينا لهم، انتصار نصر الإسلام والدين والبلاد والعباد وهزم وشتت الأحزاب والكفار والمتآمرين عندما هدم مستقبل فتاة وتسبب كل هؤلاء في تعاستها والإضرار بها، هزيمة الفتاة في فرحتها وتلقائيتها، هو انتصار لمن هزمها وهزم معها قيم كثيرة ابسطها الجمال وأغلظها العدل فرحة فتاة بمستقبل آت جعلها تعانق من تقدم لخطبتها في طقس احتفالي تم خارج أسوار جامعتها، ولكن تلك الجامعة والقائمين عليها يرون أن من ينتسب اليها لطلب العلم عليه أن يكون في كفالتها ليوم الدين، وحتى يوم الحشر العظيم ستلازمه الجامعة في حله وفي ترحاله، في أثناء تواجده بين جدرانها وخارج الجدران أيضا!

قيم تلك الجامعة الوضعية والتي وضعها أناس يظنون أنهم منتصرون لأنفسهم وللحق وللإسلام، تفرض هيمنة ومحاصرة ومطاردة للمنتسب إليها لطلب العلم في كل مكان وفي كل زمان بل وفي كل لحظات حياته!

و كأن الجامعة هي كفيله على أرض بلده وكأن بلده ودولته قد أعطت وجعلت للجامعة الحق في تتبع المنتمي إليها طوال أيام الأسبوع ولمدة ٢٤ ساعة وكأنه مراقب أو موضوع تحت المجهر! وفي حالة اختبار دائم وتقييم لأدائه وسلوكه حتى خارج أسوارها، فلا حياة له خارج حدود سيطرتها ولا يوجد لديه رفاهية أن تكون له حياة شخصية يمارسها خارج الأسوار أو حتى في أجازاته، الجامعة تظن أنها جيشا ينتمي إليه الدارس والطالب ولا يجوز له تقرير مصيره بنفسه لنفسه في أي شيء يخص حياته أو سلوكه طالما أنه يدرس في محاضراتها صباحا !، فمن يخرج من السجن آو المعتقل تظل عليه مراقبة محددة لساعات محددة ولمدة محددة تنتهي مع الوقت حتما ومهما طال الوقت فله نهاية. ومن يدخل إلى الحياة العسكرية يستطيع في أجازاته فعل ما يريد.و في يوم ما أن أراد خلع زيه وحياته العسكرية يصبح له حياته الخاصة وما يختاره.

أما الدارس في الأزهر فلا مخرج له ولا يستطيع أن يأخذ أجازة من الأزهر آو أن يخلع عن نفسه عباءتها الموضوعة على جسده آو روحه فعلا آو مجازا ولا معاش له ولا مكافآت على سنين الرقابة المستديمة التي يرزح تحتها طوال حياته حتى يموت وربما يكون أيضا لجامعته دور ورأي ملزم له في تفاصيل دفنه وجنازته. فلا بد من الإسراع بدفنه لإخفائه عن الأرض بأسرع وقت ممكن فقد طال عمره وبقائه عليها ولا بدّ من أن نسرع بوضعه تحت التراب كي يضيق عليه قبره ويظهر له الثعبان الأقرع.

لا فكاك من تلك (الجامعة الجيش) والتي تمارس دور الشرطي والدوريات المستمرة لمدة 24 ساعة حتى في أيام العطل والأجازات الرسمية وحتى في حالات الفرح والابتهاج والتعبير عن المشاعر، فلابد وأن تبتهج بطريقة أزهرية وتعبر عن مشاعرك وفقا لحسابات الأزهر وناسه وتسعد على الطريقة الأزهرية (أي طريقة شيوخها) فلقد صار للأزاهرة - على ما يبدو - طريقة الآن تسمى بالطريقة الأزهرية التي لها قوانينها الصارمة وكما قال ابن الأزهر البار " عبد الله رشدي " " اللي عنده أزهر زينا نقول له يا عمنا.

خلصانة بكهنوت " فمن وجهة نظر بعض الأزاهرة من أمثال رشدي صار الأزهر كهنوت وصار للإسلام كهنوت!

فالفتاة كان يجب عليها من وجهة النظر الأزهرية الكهنوتية آن تقول لمن تقدم لخطبتها ( بارك الله لك أيها الشاب المسلم..يا من تستطيع الباءة وأردت الزواج.. فلا تحادثني ولن المسك وعليك أن تتقدم لخطبتي من رئيس جامعتي واهل بيتي فقط لا سلام ولا كلام بيننا والحضن الإنساني الفرح حرام حرام حرام.. لعنة الله على الأحضان وعلى الحاضن والمحضون فكلاهما في النار ).

أما على الأرض فالفصل التعسفي هو جزاء الحاضن لأنه حضن غيره وفرح فالفرح حرام والأحضان حرام والاختلاط حرام والسعادة حرام والبهجة حرام والحب حرام ونصرة الدين والإسلام تكون بالقضاء على كل هذا الحرام هكذا انتصر الأزهريون ممن قرروا فصل طالبة الأزهر في عام 2019 نصرهم المبين كان هو هزيمة فتاة في قلبها ومشاعرها ومستقبلها وتلقائيتها وعفويتها وبراءتها وعدم تخفيها وعدم ممارستها للكذب والرياء والادعاء والتخفي فكل هذه تهم وجرائم في دستور هؤلاء الأزاهرة جوزيت الفتاة عليها كي لا تسول لها او لغيرها نفسها ان تكون تلقائية تفعل كل شيء في الظاهر وفي وضوح الشمس.

فالحب والفرحة بلوة عليها أن تستتر، وأن تتستر الفتاة وهي تمارس ما تمارسه وأن تعمل وتعيش دوما في الخفاء وفي الظلام كي لا تطالها رقابة الأزهر البوليسية العسكرية الأشد وطأة وأبدية من اعتي الجيوش وأجهزة الأمن الشرطية عندما تنتمي للأزهر فهذا يعني انك أصبحت ذميًا.. اي (في ذمته ) ليوم الدين ففي يوم الدين فقط سيكون لك الخلاص من رباط الأزهر والأزاهرة.

أما أن ظللت على قيد تلك الحياة وانتميت في يوم ما لتلك المؤسسة ستظل ملازمة لك وكأنها جلد آخر يستقر تحت جلدك الذي صنعه الله لك وكأنها دماء تسير في عروقك وتسيرك وفقا لأحكام المتحكمين فيها، والمنتصرين دوما علينا وعلى أبناء الأزهر الركع السجود والرازحين بالطبع لقوانينهم الوضعية الخاصة التي تفوق في سطوتها أي سطوة آو سلطة قد يمارسها أي كيان مهما علا أو سما شأنه على أعضائه ولن ينتشي ولن يسعد أي كيان بانتصاراته كما يسعد الأزهريون اليوم بانتصاراتهم فهكذا تكون دومًا، انتصارات الصغر هكذا تكون دوما انتصارات المهزومين.