رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شعبنا العظيم.. تعظيم سلام


يا للهول وجدناهم يستنجدون بالشيطان الأكبر الذى أصبح حليفاً يدافع عنهم حفاظاً على مصالحه ومصالح الدولة الصهيونية التى رعاها وصانها الإخوان على أكمل وجه، ثم كان الاستفزاز والتهديد بإباحة الدم المصرى وقطع الطرق وتزايد العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة فى سيناء.

هناك مقولة دائماً ما يتم ترديدها تقول: «إن الشعب المصرى شعب عريق عمره سبعة آلاف عام»، وكثيراً ما يتم التعامل مع هذه المقولة كجملة إنشائية أو فى إطار المحسنات اللفظية أو أنها حالة شوفو فنيه من باب الانحياز لمصر وللمصريين ولكن دائماً ما يثبت التاريخ وتعلن الأحداث وتسجل المواقف أن الشعب المصرى بالفعل هو شعب عريق يحمل فى جنباته الحضارية سبعة آلاف عام أى أنه شعب عريق صاحب تاريخ ويمتلك خبرة تاريخية وحضارية لا ينازعه فيها أحد. ولذا لم نجد شعباً يقول عنه إنه خانع وخائف ولا يثور ويتحمل ما لا يطاق من هجرات جماعية وغزوات حربية على مدى التاريخ ثم نجده يثور وبشكل سلمى يذهل العالم ويسقط مبارك بعد حكم استمر ثلاثين عاماً، ويتم القفز على الثورة وسرقتها وتحكم الجماعة مصر لمدة عام وتفشل لأنها لم تضبط ساعة حكمها على توقيت الشعب المصرى.

ولكن ضبطتها على توقيت الجماعة ومصلحتها حسب توجه تنظيمها الدولى الذى يعتبر مصر طريقاً للوصول إلى إقامة خلافتهم المتخيلة فمصر لا تساوى عندهم غير «طظ» فيثور الشعب وبطريقة جديدة لم تعرفها الثورات عبر التاريخ وهى أن يطلب الشعب من الحاكم أن يعلن انتخابات رئاسية مبكرة نظراً لفشله ولعدم قدرته على إدارة الوطن ولخضوعه المفضوح لأوامر جماعته التى كانت تحكم بغير حق أو أن يتم سحب الثقة منه وكان هذا من خلال توقيعات الشعب الموثقة والموقعة منه والتى وصلت إلى اثنين وعشرين مليون وثيقة، ثم يعلن الشعب أنه سيخرج مرة أخرى للميادين إذا لم يستجب النظام.

ويخرج الشعب فى مشهد رائع ومهيب ولم يتكرر فى تاريخ الثورات الشعبية ولم يستجب النظام ليس لأنه فاقد النظر ولا يرى تلك الحشود، وليس مغيباً لا يريد أن يعيش الواقع بعيداً عن واقعه الافتراضى المصنوع والمتوهم الذى يعيشه ويستغرق فيه، ولكن لأنه لا يتصور لحظة واحدة انتزاع حكم مصر منه بعد وصوله لهذا الحكم فى غفلة من الزمن حتى ولو كانت شكلاً قد تم تحت اسم وادعاء الديمقراطية، حيث إن هذا الوصول هو مفتاح تحقيق حكم مشروعهم الدولى لتنظيمهم العالمى ولتحقيق أستاذية العالم، وكان الرد هو العند والاستكبار وعدم التجاوب مع إرادة الملايين الشىء الذى جعل هناك استحالة لاستمرار هذا النظام بما يهدد السلام الاجتماعى والأمن القومى وسلامة الوطن.

الشىء الذى فرض على القوات المسلحة دوراً استثنائياً عليها من منطلق دورها فى حماية أمن الوطن بما لا يهدد الأمن القومى وتحقيقاً لرغبة الجماهير فى أن تلعب القوات المسلحة دوراً لتحقيق أهداف ثورة 30 يونيو على أرض الواقع ومنعاً لحدوث حرب أهلية بين أبناء الوطن الواحد، وكانت الحوارات بين مرسى والسيسى حول كيفية الخروج من المأزق والتجاوب مع إرادة الجماهير بإعلان الانتخابات المبكرة ولكن كان الرد العند والعناد والمكابرة فكانت خطة الطريق التى توافق عليها الجميع عدا الجماعة ومن معها وخرج الشعب فى 3/7 مرة ثانية بعد ثلاثة أيام من 30/6 ليؤكد مرة أخرى الثورة الشعبية التى رفضت ذلك النظام الذى لم يرد التعامل مع المصريين إلا بطريقة «طظ» فكان الرد الادعاء بأن هذا انقلاب عسكرى.

ولا نعلم ولم نسمع عن أن انقلاباً عسكرياً يتم مسبقاً وفى تاريخ معلن ومحدد ومن خلال مطالب شعبية موثقة لم نسمع عن انقلاب تم بخروج ملايين البشر فى الميادين بأعداد مضاعفة عن الذين اختاروا مرسى من عاصرى الليمون ثم قالوا الشرعية والصندوق وهم لا يعلمون أن الشرعية تنتهى عند عدم التزام أى سلطة بهذه الشرعية ولا يفهمون أن الصندوق لا علاقة له بالديمقراطية إلا بالشكل الذى لا علاقة له بالمضمون، والمضمون هو رغبة الشعب وإرادته التى يعلنها بكثير من الوسائل وعديد من الآليات.

ثم يا للهول وجدناهم يستنجدون بالشيطان الأكبر الذى أصبح حليفاً يدافع عنهم حفاظاً على مصالحه ومصالح الدولة الصهيونية التى رعاها وصانها الإخوان على أكمل وجه، ثم كان الاستفزاز والتهديد بإباحة الدم المصرى وقطع الطرق وتزايد العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة فى سيناء، ثم زرع العبوات الناسفة فى المنصورة فكان لابد من دعوة السيسى للنزول ليس للتفويض فالدولة لا تحتاج إلى تفويض لمواجهة الإرهاب فهذا دورها. ولكن النزول كرسالة أخيرة للعالم الخارجى المتناقض مع المبادئ التى يعلنها والمتصالح مع مصالحه الخاصة مثل أمريكا وتركيا، ورسالة للإخوان ومن معهم بأن 30/6 هى ثورة شعبية مكتملة الأركان وأن الجيش هو من امتثل لإرادة هذا الشعب العظيم.

وكانت رسالة لمن لا يرون من الغربال وهنا كان دور الشعب المصرى العظيم دائماً والثائر عند اللزوم فهل هناك شعب ينزل لثورة حقيقية غير مسبوقة الحشد والأعداد والزخم لثلاث مرات فى أقل من شهر «30/6 ــ 3/7 ــ 26/7» فثورة 26/7 الرائعة والتى وضعت كل الأمور فى نصابها السليم أكدت الثورة الشعبية فسقط الادعاء بالانقلاب وهنا نقول إن العند والعناد لا يبنى دولاً والدم لا يحافظ على سلطة والإرهاب لا يحدث استقراراً ومن يريد أن يحكم فهذا حقه من خلال الحوار والمصارحة ثم المصالحة حقه بكسب مصداقية الجماهير لا التعالى عليها هناك خطة طريق تعطى الفرصة للجميع فهل ننبذ العنف ونحرم الدم المصرى ونواصل الكفاح فى إطار الدستور والقانون؟ مرسى الآن متهم حتى تثبت إدانته من اقترف جرماً القانون هو الفيصل بعيداً عن أى تصفية حسابات العودة للوراء انتهى مسارها المطلوب مشاركة للبناء والتقدم الوطن للجميع ومواجهة الإرهاب هى مهمة الجميع فهل هناك أحد مع الإرهاب؟ هل هناك قيم دينية أو وطنية أو إنسانية تحلل الإرهاب وتستملحه أعتقد لا؟ هل الإخوان ومن معهم مع الإرهاب؟ إذا كان نعم فالشعب ضدهم وفى مواجهتهم إذا كان لا وهذا ما أعتقده فكلنا معاً ضد الإرهاب فلا يجب أن يفهم أن دعوة ضد الإرهاب تعنى أحداً بذاته إلا إذا كان هو بالفعل مع الإرهاب فلتكن بداية جديدة لمصر جديدة، مصر الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، مصر التى لن تكون أبداً لغير كل المصريين نعم شعبنا العظيم تعظيم سلام.

■ كاتب سياسى وبرلمانى سابق