رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

BeforeSharia#.. «هاشتاج» يرصد صورًا قديمة لتحرر المرأة المسلمة

جريدة الدستور


«الإخوان يريدون إرغام المصريات على ارتداء الحجاب».. ضحك الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وضحك معه المصريون فى عام ١٩٥٨، حينما قال تلك الجملة فى خطابه، معلقًا على محاولات الجماعة إجبار النساء على ارتداء الحجاب، فى وقت لا ترتديه زوجات عدد من قياداتها.

هذه الضحكات تغيرت مع الزمن، ولم يتبق من مظاهر حرية الملبس سوى بعض الصور، التى ظهرت مؤخرًا على هاشتاج BeforeSharia# على موقع «تويتر».
وأثار الهاشتاج جدلًا واسعًا خلال الأيام الماضية، ما دفع صحفًا عالمية للكتابة عن فكرته، من بينها صحيفة «Daily News and Analysis»، موضحة أن الجملة التى استخدمها المغردون على «تويتر»، تعنى «ما قبل الشريعة»، أو ما قبل النداء بها، وترصد الهوية الحقيقية للعرب، قبل التراجع الثقافى الذى حدث خلال نحو ٦٠ عامًا.
وقالت الصحيفة إن صور بنات العرب كانت تُشبه فى الماضى صور أغلفة المجلات العالمية، مؤكدة أن عادات وتقاليد الشرق الأوسط والدول العربية فى الماضى، كانت لا تتعارض مع إظهار المرأة شعرها فى الشارع، وكانت الفتيات يلبسن فساتين قصيرة بتصميمات عالمية.
ورصد التقرير تغريدات مستخدمى «تويتر» على الهاشتاج، فالجميع تقريبًا اتفق على أن هوية مصر القديمة الأصلية، كانت تجعل الفتيات يعشن فى أمان وحرية، وأرفقوا صورًا كثيرة لبنات مصريات بالـ«مايوه»، وأرفقوا كذلك فيديو لكلمة عبدالناصر.
ومن ضمن الصور التى تم إرفاقها فى تغريدات على الهاشتاج، صورة لخمس نساء فى حفل زفاف على شاطئ فى مصر فى عام ١٩٥٩، ونساء بنجلاديشيات يطلقن الرصاص ببنادق فى قرية عام ١٩٦٥، وصور لنساء بـ«البكينى» على شاطئ سيدى بشر فى الإسكندرية.
وخلال تغريدات الهاشتاج تم توثيق التسلسل الزمنى الخاص بالصور والإعلانات المطبوعة ومقاطع الفيديو، التى غالبًا ما تكون باللونين الأبيض والأسود، وتظهر بها بنات الجامعات وهن يرتدين الملابس القصيرة، ويحرصن على التماشى مع الموضة فى تصفيف شعرهن.
ورصد المغردون أيضًا ذكريات شواطئ إيران، وفتيات المدارس فى أفغانستان، وإعلانات السجائر فى باكستان، وأطفال المدارس الذين يعزفون الموسيقى فى البلدان التى لديها اليوم حظر للتعليم الموسيقى، وحظر الاختلاط بين الرجال والنساء.
ومن بين الصور، صورة لبنات فى جامعة الأزهر بمصر عام ١٩٦٢، وهن يستمعن لأحد الشيوخ، ويرتدين الفساتين العادية دون حجاب، ورصد الهاشتاج صورًا للمطربة أم كلثوم بتصميمات فساتينها فى أول حياتها المهنية، وتسريحات شعرها القصير فى عام ١٩٤٨.
وكان اللافت فى الهاشتاج، وجود صور لفتيات سعوديات باللبس السعودى التقليدى المطرز، وبشعرهن الأسود الطويل، وذلك فى جدة فى أواخر الخمسينيات.
وحسب التفاعل مع الهاشتاج على موقع «تويتر»، فإن من ينادون بالتضييق على الحريات يفسدون كل شىء، وقد ضم الهاشتاج أكثر من ٤٠٠ تغريدة، توضح الاختلاف الكبير فى تلك الدول فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، ويقول فريق «BeforeSharia»، فى مقابلة عبر منصة التواصل الاجتماعى «تويتر»: «إننا نسعى لرسم صورة مختلفة للشرق الأوسط، التى غالبًا ما ترتبط بالعنف والتطرف الدينى، وتُظهر صورنا أشخاصًا يبدو أنهم أقرب إلى القيم الغربية من القيم التى يحاول الإسلاميون المتطرفون الآن تصويرها على أنها قيم إسلامية حقيقية».
ويعترف فريق الهاشتاج بأنه تلقى تهديدات بسبب حراكهم الثقافى هذا، ويترددون فى مشاركة التفاصيل الشخصية لهم، باستثناء الإشارة إلى أنهم أكاديميون فى أوروبا، ويقول الفريق إن فكرة الهاشتاج بدأت بعد أن لاحظ البعض منهم صورًا مماثلة على الإنترنت، وفكروا فى إنشاء حساب مخصص لتسليط الضوء على التاريخ العلمانى فى المنطقة.
ويوضح الفريق أن «معظم الصور إما موجودة فى زوايا مختلفة من الإنترنت، أو يتم إرسالها إلينا من قبل أشخاص مختلفين، وفى بعض الأحيان يكون من الصعب الحصول على التاريخ أو الوقت المحدد عندما تم تصوير الصورة، وبينما نحاول التحقق من المعلومات من خلال بحث الصور العكسى من جوجل، كانت هناك أوقات خاطئة فيها فى تقديم تواريخ أو تحديد البلد بدقة، وعندما يحدث ذلك نتلقى على الفور تعليقات لتصحيح الوقت والمكان من بعض المتابعين ونصحح الصورة».
وشرح الفريق أن العالم العربى شهد تراجعًا فى النزعة القومية العلمانية، وصعودًا للتطرف الإسلامى منذ أواخر السبعينيات، لذا فإن الصور التى يتم نشرها تبعًا للهاشتاج تتوافق مع الذاكرة الجماعية للجيل الأقدم، وليس الشباب، ويقول الفريق: «كثيرون كتبوا لنا قائلين إنهم ما زالوا يتذكرون هذه الأوقات أو إنهم يعرفون من آبائهم أن دولًا مثل مصر أو فلسطين أو إيران اعتادت أن تكون أكثر علمانية وأقل تشددًا فى الماضى».