رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماسونية الإخوان


تجنيد الشخص وتربيته وهو فى بلاد الغربة أيسر بكثير من تجنيده فى مصر لذلك فما أن يذهب المبعوث المصرى للدراسة والحصول على الدكتوراة فى أمريكا مثلا حتى تتلقفه أجهزة استخباراتية أمريكية وهى أجهزة ماسونية العقيدة لتجنيده وتجهيزه كى يكون له دور ما فى بلده فى لحظة من اللحظات.

فى كتابى «سر المعبد» أشرت إلى أن الماسون اخترقوا جماعة الإخوان، وأن المخابرات الأمريكية جندت بعض المصريين الذين كانوا يدرسون فى أمريكا ودفعتهم لدخول جماعة الإخوان، وأثناء حوارى مع الأستاذ الفيلسوف أحمد أبو غالى دار الحوار الآتى بيننا وقد وضعته كله فى سر المعبد.

قلت وأنا أستدرجه: والشيخ الغزالى؟

قال وهو ينظر لى بطرف عينيه: هو امتداد لمدرسة جمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده، وتأثر تأثرًا كبيرًا بالكواكبى، يعنى تقدر تعتبره مجددا من مجددى هذه الأمة.

ــ قال عن بعض الإخوان إن لهم صلات بالماسونية، وكانت اتهاماته خطيرة.

ــ لتريح وتستريح، هناك صلة نسب بين كل الجمعيات السرية فى العالم، طريقتها واحدة حتى ولو اختلفت الأفكار والتوجهات، لا تقوم جمعية سرية إلا لأنها تؤمن أنها مختلفة ومتميزة عن باقى مجتمعها، أو أنها مختلفة عن العالم كله، لا تقوم جمعية سرية إلا لتـُعد نفسها ليوم مشهود تكون فيه فى منتهى الجاهزية لفرض أفكارها على العالم، والماسونية من هذه الجمعيات وقد كانت لها هيمنة وتأثير على المجتمع المصرى فى بدايات القرن العشرين إلى منتصفه، وبعد أن ألغاها عبد الناصر أخذت تظهر فى صور أخرى، لذلك كن على يقين أن الماسونية استطاعت دخول جماعة الإخوان، ودخول جمعيات مصرية أخرى، بل إن الماسونية دخلت إلى القصر الرئاسى فى مصر، وقصور رؤساء وملوك عرب، بل إن معظم وزراء مصر ورجالها الكبار ماسون، ولعلك قد قرأت من قبل أن أمريكا بجلالة قدرها تدار من المحفل الماسونى، وخذ عندك هذه واحفظها كما تحفظ اسمك.. الماسون هم الذين أقاموا أمريكا وأنشأوا دولتها، هذه حقيقة يعرفها كل العالم، وما أمريكا إلا قارة ماسونية، ثم ألم تقل لى أن الأمن المصرى استطاع تجنيد بعض أفراد من الإخوان.

ــ نعم حدث هذا كثيرًا.

ــ إذن فلماذا لا تكون الماسونية قد فعلت ذلك أيضا؟ وخذ بالك يا فتى، جمعية الإخوان جمعية عالمية، والماسونية جمعية عالمية، الماسون أخوية، والإخوان كذلك، ولذلك ليس من المستبعد أبدا أن تكون الماسونية قد قامت فى أمريكا وغيرها من دول الغرب بتجنيد بعض مواطنين مصريين ودفعهم دفعا لدخول تنظيمات الإخوان فى المجتمعات الغربية.

ــ وأيضا ليس من المستبعد أن تقوم بتجنيدهم وهم فى مصر، أليست يد الماسون المخابراتية طويلة؟.

ــ نعم ممكن ولكن تجنيد الشخص وتربيته وهو فى بلاد الغربة أيسر بكثير من تجنيده فى مصر لذلك فما أن يذهب المبعوث المصرى للدراسة والحصول على الدكتوراة فى أمريكا مثلا حتى تتلقفه أجهزة استخباراتية أمريكية وهى أجهزة ماسونية العقيدة لتجنيده وتجهيزه كى يكون له دور ما فى بلده فى لحظة من اللحظات.

ــ يعنى أى مبعوث يذهب للدراسة يخضع لهذا الأمر؟! هذا تصور غير منطقى!!.

ــ ليس أى شخص يا ثروت، ألم تكن تقوم بتجنيد أفراد وإدخالهم للإخوان؟.

ــ نعم فعلت ذلك كثيرا.

ــ هل كنت تقوم بتجنيد أى فرد يقع عليه نظرك؟.

ــ لا طبعا ولكننى كنت أتخير أشخاصا بأعينهم أتفرس فيهم الاستعداد.

ــ هذا هو منطق التجنيد لأى منظمة فى الكون، الماسون أو أجهزة المخابرات الغربية تتفرس الأشخاص التى لديها الاستعداد، وتتأكد من قدراتهم وملكاتهم وإمكانياتهم ثم تخضعهم لاختبارات متعددة، المنطق واحد فى كل العالم يا عم ثروت، ومِن هؤلاء المبعوثين من يتم دفعه لدخول الإخوان ومساعدته فى ذلك وترقيته سريعا فى الجماعة، ومنهم من يتم دفعه للالتحاق بالحزب الحاكم، وحين يعود إلى مصر يلتحق بوظيفة مرموقة فى الدولة حيث ينتظره دور ما فى المستقبل تحدده وقتها هذه الأجهزة، فإذا كان إخوانيا يتم وضعه بمكان مميز فى الجماعة ويظل تحت الرعاية إلى يوم الوقت المنشود، أجهزة استخبارات أمريكا الماسونية لا تلعب ولا تترك شيئا للصدفة، والماسونية هى أكبر وأقدم جمعية محترفة فى العالم.

قام الشيخ إلى ركن من أركان مكتبته وعاد بكتاب مغلف بطريقة خاصة، أعطانى الكتاب فأخذت أقلب صفحاته فوجدت كل صفحة من صفحاته مغلفة بغلاف شفاف، فى الصفحة الأولى عنوان الكتاب «الحقائق الأصلية فى تاريخ الماسونية العملية» تأليف شاهين بك مكاريوس، ويتذيل الكتاب فى صفحته الأخيرة عبارة «وكان الفراغ من طبعه فى أول ديسمبر كانون الأول سنة 1879 مسيحية» وتحتوى صفحة الغلاف على تعريف بالمؤلف ومن التعريف يتضح أنه حاصل على درجة الأستاذية العليا فى الماسون وهى الدرجة الثالثة والثلاثين، وفى الصفحة الثانية صورة لرئيس المحفل الماسونى الأكبر إدريس بك راغب ثم تعريف به وبتاريخه وأعماله من أجل الماسونية.

نظرت إلى الأستاذ وأنا أقول: يبدو أن هذا الكتاب قديم جدا، ولكن ما حكاية سنة 1879 مسيحية هذه.

ــ يقصدون ميلادية ولكن الماسون لهم تعبيرات خاصة بهم، وقد مر على طبع هذا الكتاب أكثر من قرن من الزمان، وهو يحتوى على تأريخ للماسون وبعض وصاياهم وتعليماتهم، اقرأه لعلك تجد فيه شيئا.

استمر الشيخ فى حديثه: تاريخ الماسونية يكتنفه الغموض، وهى تـُعرف بجمعية «البنائين» أى المهندسين وكانت عضويتها قاصرة على البنائين والرسامين والمثالين، وانضم إلى هذه الجمعية مجموعة من عظماء العالم فى هذه الفنون الذين تمكنوا من إقامة البنايات الفخيمة فى جهات متعددة من العالم، وحدث أن تهاوت «فنون البناء» فى العالم بسبب الحروب وانسحب البناءون الكبار من عضوية الجمعية فكادت أن تتلاشى، وتوقف كثير من المحافل الماسونية فى كثير من دول العالم حتى غدت أثرا بعد عين فارتأى محفل «مارى بولس» بلندن أن يسمح بالعضوية لغير البنائين بشرط موافقة الأعضاء على ذلك وكان ذلك عام 1715 ميلادية، وفى الماسون لا يتم إعطاء العضوية إلا لأصحاب الشهادات العليا، ولأن للماسون أهدافا سرية فإنها تضع أسرارها هذه فى جوف حصن من الرموز بحيث لا يستطيع أحد الوصول إليها، وقد يظن المستمع للوهلة الأولى أننا نتحدث عن شىء أسطورى لا وجود له فى الواقع، ولكنه واقع، وأظن أن معظم الرؤساء فى العالم الآن يتبعون الماسونية ولهم درجاتهم فى تلك الجمعية السرية الرهيبة، والهدف المعلن للماسونية هو توحيد العالم كله تحت راية واحدة هى رايتهم، والماسونية ليست جمعية محلية ولكنها جمعية دولية، كل دولة فى العالم فيها «محفل رئيسى» يسمى المحفل الأعظم، وتوجد فى الدولة الواحدة عدة محافل، وكان مقر المحفل الأعظم للعالم كله فى لندن ثم أصبح الآن فى واشنطن، وستقرأ فى صفحات الكتاب الذى بين يديك ما كتبه صاحبه «شاهين مكاريوس» من أن «الماسونية منتشرة فى العالم انتشارا يحسدها عليه أعظم الأديان» المولودة «التى امتدت فى أربعة أقطار المعمورة، والماسونية ترغب فى أن يكون العالم كله عائلة واحدة لا فرق بين أعضائها تجمعهم جامعة الإخاء» والماسون فى سبيل تحقيق هدفهم يقومون بتجنيد الأفراد القادرين على تحقيق غاياتهم من كل الأديان والأجناس والمِلل، إلا أن الماسونية لا تقبل عضوية النساء، وهم ينادون على بعض بلقب «أخ» و«الأخوة».

وهناك قضية منطقية لها عدة فروض، تقول هذه القضية أنه: إذا كان قد ثبت أن الماسون يقومون بتجنيد أفراد من كل الديانات ومن كل الدول لتحقيق هدفهم الظاهر وهو التحكم فى العالم كله بحكوماته ومؤسساته المدنية وجعل العالم «قرية واحدة» وأنهم اهتموا بمصر اهتماما كبيرا حتى أنهم كانوا السبب فى إنشاء قناة السويس لتربط العالم ببعض، وإذا كان الحلم الماسونى الأمريكى الذى يعيش حكام أمريكا من أجله هو أن تصبح بلادهم إمبراطورية لم ينجب التاريخ مثلها، يدين لها كل العالم بالتبعية، وكانت أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية تحت سيطرة الماسونية العالمية وتدار من خلالها واقرأ فى ذلك كتب الإخوان عن الماسونية ليست أجهزة المخابرات فقط بل إن أمريكا كلها تدار من خلال الماسون، ولا يجوز أن يحكم أمريكا رئيس لا ينتمى للماسونية، ثم أكمل مقدمات القضية وقل إن مصر دولة لها أهمية عظمى فى الشرق وهى خاضعة لأمريكا منذ فترة، ولا ينبغى لها أن تفلت من قبضة الماسونية، وجماعة الإخوان أيضا لها أهمية كبرى فى مصر وفى العالم كله باعتبارها سيدة الحركة الإسلامية فى العالم والمتحكمة فيها، وهى أيضًا جمعية دولية تبتغى ابتلاع العالم وجعله تحت «أستاذيتهم» إذن فمن المنطقى أن يقوم الماسون أو المخابرات الأمريكية والغربية بتجنيد بعض المصريين المسلمين فى الحركة الماسونية ودفعهم للالتحاق بالإخوان وتهيئة السبيل لهم حتى يصلوا إلى مبتغاهم، هذه فرضية لا ينبغى أن تغيب عن ذهن الباحثين أبدا.

■ قيادى سابق بجماعة الإخوان المسلمين