رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المأذون الإلكتروني.. وسيلة الدولة للقضاء على زواج القاصرات

جريدة الدستور

ردد ورائي: "زوجتك ابنتي البكر الرشيد"، ويرد الطرف الآخر: "قبلت زواج ابنتك"، تلك الكلمات التي تسمعها حين تشهد عقد قران الزوج والزوجة في تواجد المأذون الذي يبارك هذا الزواج من خلال وثيقة تثبت صحته، إلا أن هذه الوثيقة تعرضت في الآونة الأخيرة للتلاعب، جعلت بعض المآذين يقرون زواج القاصرات، من خلال إدخال بيانات مغلوطة.

هذا التلاعب جعل الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات، يجدد الدعوى إلى إطلاق خدمة الزواج الرقمي للقضاء على ظاهرة زواج القاصرات، والذي يتم من خلال جهاز التابلت أو أجهزة الكمبيوتر، وسترسل لحظيا إلى الهيئة المعلوماتية المصرية للتحقق من أعمار الزوجين، والتأكد من أن الزواج يتم في الإطار القانوني المنصوص عليه.

تطبيقه ليس المرة الأولى..
ولكن هذه الدعوى لم تكن المرة الأولى التي تُطرح فيها من قبل وزارة الاتصالات، ففي عام 2015 أثارت الفكرة انقسامًا بين المأذونين ما بين مؤيد ومعارض، بحجة أنه يحتاج للكثير من الوقت لتدريب العاملين على استخدامه لتسجيل بيانات عقود الزواج المختلفة، لذا لم يطبق هذا القرار آنذاك.
وعادت الفكرة مرة أخرى عام 2017 مع ازدياد عدد زواج القاصرات على مستوى الجمهورية، وكان الشيخ إبراهيم على سليم، المتحدث الإعلامي باسم صندوق المأذونين، هو صاحب تجديد فكرة تطبيق "المأذون الإلكتروني" للقضاء على زواج القاصرات.

كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، العام الماضي، عن ارتفاع نسب زواج القاصرات فى مصر لتصل إلى 118 ألف حالة سنويًا، بما يعادل نحو 40% من إجمالي حالات الزواج فى مصر، ومن بينهم 1200 مطلقة وأكثر من 1000 فتاة أرمل.

تضارب في الاعتراف بالمأذون الإلكتروني..
وعلى الرغم من أن الغرض من هذا التطبيق محاولة القضاء على ظاهرة زواج القاصرات ومنتحلي صفة المأذون، إلا أن الشيخ إسلام عامر، رئيس رابطة المأذونين الشرعيين، كان له رأي آخر، فيقول: "مصر لديها 4000 مأذون مزيف، نتج عنهم أن نسبة كبيرة من وثائق الزواج المحررة تعد وثائق مزورة وتحتاج لإجراءات أخرى لإعادة توثيقها، ناصحًا بالذهاب لمأذون المنطقة المعتمد".

وأكد "عامر"، في تصريحاته، أن المأذون منتحل الصفة يمكنه ببساطة ممارسة دوره من خلال الكمبيوتر ويقوم بعقد القران أيضًا من خلال الإنترنت، وأن هذا التطبيق لن يكون الحل الوافي للقضاء عليهم، لكن الأجدر اتباع الإجراءات المتخذة عن تعيين مأذون شرعي؛ والتي منها أن يكون مقيما في الدائرة أو المنطقة التي سوف يعمل بها، وأن يكون حسن السير والسلوك، وهناك شروط أخرى.

وفقا للإحصائيات الواردة في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد شهد مؤشر حالات الزواج العرفي لمن هم دون 18 عامًا، زيادة ملحوظة في الفترة من 2014 وحتى 2016، حيث سجلت 88 ألف و80 حالة في عام 2014، وفى عام 2015 بلغت 105 ألف حالة، وسجلت في عام 2016 نحو 128 ألف و411 حالة.

وعلى النقيض، شجع الشيخ إبراهيم علي سليم، رئيس مجلس إدارة صندوق المأذونين الشرعيين، هذا التطبيق الجديد، شارحًا أنه عبارة عن المأذون سيحمل "تابلت" يسجل عليه وثيقة الزواج، من خلال إرسال بيانات الزوج والزوجة لحظيًا للتحقق من أعمار الرجل والمرأة، والتأكد من أن الزواج يتم فى الإطار القانونى المنصوص عليه.

وأشار "سليم"، في تصريحاته، إلى أن هذا النظام مطبق في الدول الغربية، حيث يطبقه الأجانب في زواجهم، وفي عدد من الدول العربية، لافتا إلى أن هذا التطبيق يحقق الربط بين قاعدة بيانات الأحوال المدينة وقاعدة بيانات التأمينات والمعاشات، ويمنع زواج القاصرات من خلال رفض إدخال بيانات من هم دون السن القانونية، مبديًا استعداده لتنظيم دورات تأهيل للمأذونين الشرعيين على تطبيق المأذون الإلكترونى.

الرأي الشرعي..

وفي حديث للدكتور عبد الفتاح خضر، الأستاذ بجامعة الأزهر، يرى أن تطبيق هذا القرار لن يمنع الزواج العرفي، معللًا أن من يرغب فى زواج ابنته القاصر سيتجه إلى الكتابة العرفية ثم المصادقة ولا حاجة له بالمأذون، مطالبًا بضرورة بحث المسار المخالف أولا.

حوادث تزوير سابقة..

في 30 نوفمبر 2017، نجح فريق بحث من ضباط مصلحة الأحوال المدنية بالتنسيق مع المباحث الجنائية بمركز المحلة، في ضبط المأذون "ا.ا.د"، 42 عامًا، الذي وُجد بحوزته 93 قسيمة زواج مزورة وقيامه بتزويج القاصرات دون السن القانونية، وبعرضه على النيابة العامة قررت إخلاء سبيله بضمان مالي 20 ألف جنيه.

وفي 3 سبتمبر 2018، تمكنت الأجهزة الأمنية بالغربية من ضبط المأذون "ه. م"، 45 عامًا، والذي ثبت تعاونه مع مأذونين شرعيين بالشرقية والدقهلية مشهور عنهم تزويج فتيات قاصرات، وبحوزته 32 وثيقة زواج لقاصرات تتراوح أعمارهن 15 - 16عام، و29 وثيقة زواج فارغة البيانات وممهورة بتوقيعات وبصمات للزوجين فقط و150 شهادة صحية للزوجين بدون أي بيانات، وممهورة بشعار ختم الجمهورية، و6 وثائق شهادات طلاق غير مدون بها أي بيانات ومهورة بأختام شعار الجمهورية، و51 عقدًا عرفيًا جاهزًا لتحرير الزواج، و6 عقود زواج عرفي مدون ببيانات الأزواج ومرفق بهم بطاقات رقم قومي وشهادات ميلاد، و3 دفاتر زواج مصطنعة ومقلدة، وأختام وأكلشيهات مطموسة، و78 شهادة بيانات مصدرة ومنسوب صدورها من نيابة شبين الكوم لشئون الأسرة بدون بيانات وممهورة بأختام شعار الجمهورية.
تم تحرير محضر بالواقعة رقم 5913 لسنة 2018 إدارى السنطة، وأخطرت النيابة العامة للتحقيق.

جهودات الدولة للقضاء على الزواج العرفي..

وللقضاء على ظاهرة زواج القاصرات، خاضت الدولة دروبًا مختلفة في ذلك، فكان أولها سن تشريعات رادعه تجرم زواج الفتيات قبل بلوغهن سن 18 عامًا، ثم المحاولات الجادة لإحلال المأذون الإلكتروني، على اعتبار أن المأذون هو الطرف الأساسى فى عمليه تزويج القاصرات، لأنه المسئول عن تسجيل البيانات.