رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أهالي المنيل القديم يستغيثون بالرئيس من تصدع منازلهم.. والحي: "بلغونا لما حد يموت" (فيديو)

أحد المنازل المتهالكة
أحد المنازل المتهالكة

قلق مشوب بالحذر والغضب يعتري أهالي منطقة المنيل القديم الذي تفوح منه رائحة الأصالة على شط النيل خلال اليومين الماضيين عقب انهيار عقار سكني مكوّن من 3 طوابق، ولحُسن الحظ والطالع والقدر قَطع ساكنيه تذكرة مغادرة، هربًا من شبح الموت الذي كان يحوم حول البناء الذي تصدّع ورفع رايته البيضاء للزمن، معلنًا الإنذار الأخير للمسؤولين لعل أحدهم يسمع أنّات الليل الأخيرة في برد ديسمبر القارس على ضفاف النيل الساكن (!)

الأمر الجّلل جعل أهالي المنطقة الشعبية يصبّون جام غضبهم على مسئولي الحي، ومحمد العقّاد، عضو مجلس النواب، متهمينه بتجاهل الكارثة الإنسانية التي يعيشونها، لتتوجه «الدستور» صوب منطقة المنيل القديم، لتقف على عتبات العقار الذي اعتلى مدخله لافتة حديدية صدأة تبشّر للقادم من بعيد بكُنه وتاريخ العقار القائم، مؤقتًا: "مشروع تطوير المنيل" برعاية وزارة الأوقاف.

بدخول «الدستور» إلى جنبات المنطقة المكتظة بالتجمعات السكنية، صادفنا مجموعة من السُّكّان لم يفارقوا أسئلتنا لحظة تجوّلنا بين الأطلال، مستنجدين بنا في توصيل أزمتهم إلى المسئولين ومَنْ على شاكلتهم لعل وعسى يستمعون إلى صرخات الليل من ساكني عقار الموت الذي يلاعب أعصابهم بين الحين والآخر.

داخل أزقّة ضيّقة وأرضية متعرّجة افترش عدد كبير من الأهالي ممَن يخشون العودة لمنازلهم المتصدّعة والمهددة بالانهيار في أي لحظة أغراضهم ومتعلقاتهم الشخصية، وفي الجهة المقابلة عمارات حديثة قاربت على الانتهاء من تشطيباتها تابعة لوزارة الأوقاف التي قامت بإنشائها في إطار مشروع تطوير المنيل.

وبعبارات حادة ووجوه يكسوها الحزن الشديد عبّر الأهالي عن غضبهم من عدم الاهتمام بمطالبهم العالقة وأحوالهم المعيشية الصعبة، وهو ما بدأه رجل ستيني يدعي ناجي، أحد أقدم قاطني المنطقة:"صحينا من أيام على صوت مزعج زي الانفجار ودربكة في الشارع اللي شوفنا فيه بيت من بيوت المنطقة يسقط أمام أعيننا وينهار على المنازل المجاورة دون أن نستطيع التدخل بسبب عدم امتلاكنا أي إمكانيات نواجه بها هذا الانهيار المفاجئ".

واصل ناجي حكايته: «قمنا على الفور بالاتصال بالجهات المسئولة من بينها مسئولي حي مصر القديمة الذين حضروا بعد خراب "مالطة" وياريتهم ما كانوا حضروا حيث أبلغونا أن هذا الأمر خارج عن سيطرتهم ولم يحدث أي جديد وما زاد من غضب الأهالي صور مشروع تطوير منطقة تل العقارب التي تحولت إلي الروضة في غضون فترة زمنية قصيرة، بالمقارنة بمشروع تطوير المنيل أي شئ يقدروا يعملوه.

تابع: لم يكتفوا بذلك، بل قام بعضهم بشحن مشاعر السكان وتشجيعهم على اقتحام شقق الأوقاف المقابلة لشققنا، لكن العقلاء من الأهالي رفضوا الإنصات لهذه الأقاويل خشية المساءلة القانونية، لكن في الوقت نفسه إحنا عايشين ظروف شديدة الصعوبة والعديد من السكان خايفين يطلع شققهم، خاصة بعد انهيار المنزل علي البيوت المجاورة.

واستكمل: "مطالبنا تتلخص في سرعة تدشين مشروع تطوير المنيل الذي الذي يدخل عامه الخامس دون أي جديد".

«الدستور» واصلت مسعاها؛ لكشف ملابسات أزمة "شط النيل" وبالدخول إلى حارة ضيّقة يتكشّف لنا من بعيد وعلى إضاءة خافتة أحد المنازل يغطي مدخله حجارة العقار المنهار يدخل سكّانه إليه حجراته عن طريق وضع سقّالة خشبية أسفل شُرفة الشقة حيث يدخلون ويخرجون منها لجلب ملابسهم حيث إنهم يفترشون الشارع منذ عدة أيام ويستخدمون دورة مياه المسجد كوسيلة للاستحمام وغسيل متعلقاتهم علي حد وصف (خ.د) الذي أكد أن سكان المنيل القديم "بيتعذّبوا كل يوم من شدة برد الشتاء الذي يهاجم أطفالهم ونسائهم دون أي اهتمام من جانب مسئولي الحي اللي قالوا لنا بالحرف الواحد "لمّا حد يموت ابقوا بلغّونا" وهو الأمر الذي أثار حفيظة السكان، خاصة أن هذه الكارثة الإنسانية تحدث داخل أحد أعرق أحياء القاهرة وليس في منطقة معزولة، مطالبًا رئيس الجمهورية بسرعة التدخل لإنقاذنا من هذه المصيبة التي نعيش فيها يوميًا، ليكن أقل تقدير هو تمكين الأهالي الذين انهارت منازلهم من دخول وحدات الأوقاف الجديدة.

بغيون ذائغة وعقل شارد تقلب أفكارها على نار الواقع الأليم بدأت الحاجة فتحية، معمّرة يتجاوز عمرها حاجز المئة مكتفية بمصمصة الشفاه حزنًا إلى ما آلت إليه أحوال سكان المنيل القديم عن طريق الانخراط في البكاء الشديد، مطالبة المسئولين بإنقاذها هي وغيرها من هذه المأساة الإنسانية:«هو إحنا هنبقى في المرار ده لحد امتى»، سؤال ملأ غرفاتها المتصدعة في انتظار جواب من خلف مكاتب المسؤولين المكيّفة.. لعلّ وعسى يجيد مَنْ يسمعه قبل أن يعض الشتاء بمخالبه أنامل العجوز على سرير الأمل !!