رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية أول فتاة تعمل بالمشغولات الذهبية.. زبائنها من مصر وخارجها (صور)

حكاية أول فتاة تعمل
حكاية أول فتاة تعمل بالمشغولات الذهبية.. زبائنها من مصر وخار

بالنار والمنشار فضلت «حبيبة حسني» في عقدها الثالث أن تعمل بهما متحدية كافة الأنماط المجتمعية التي تحصر الفتاة في دور الضعيفة وأن العمل الشاق مقتصر فقط على الرجال.

رغم حصولها على بكالوريوس تجارة وإدارة الأعمال عام 2009، وهو مجال مناسب لها من حيث العمل المكتبي لكنها حطمت هذه الكلمة أيضا ولم تدع لكلمة "عمل مناسب" مكان في قاموسها، فما يستطيع أن يقوم به الرجال تستطيع أن تفعله السيدات، وتتفوق فيه أيضا، وهو ما قامت به بالفعل، حيث اختارت العمل في تصميم وصناعة المشغولات النحاسية والفضية والذهبية، فكلما وطئت قدميك «الجاليري» الخاص بها تجدها ممسكة بالأدوات الثقيلة وتعكف على عمل قطعة حٌلى بنفسها، لتكون بذلك أول فتاة تعمل في هذا المجال في مصر.

كانت «حبيبة» منذ طفولتها تحب الرسم والعمل اليدوي، وبعد تخرجها من كليتها عملت في مكتب محاسبة قرابة الأربعة أشهر، لم ترى شغفها في هذا العمل الروتيني وغير المجدي نفسيًا ومعنويًا على حد قولها، فمكثت في البيت مدة بدون عمل، وهو الشيء الذي لا تحبه، ولأن كما يقول المثل "ابن الوز عوام"، فكرت أن تذهب للعمل في ورشة والدها الذي يعمل في صياغة المجوهرات، بهدف مساعدته واشغال وقت الفراغ: "بدأت كصبية في ورشة بابا أكنس وأمسح واعمل شاي واجيب سجائر للصنايعية" وفي خلال 6 أشهر فقط كنت أتقنت الحرفة وهو ما يعتبر رقما قياسيا.

بدأت «حبيبة» مشوارها وهي تواجه العديد من الصعوبات والمضايقات من أولاد الكار وصلت إلى أنهم حاولوا تطفيش الزبائن منها فقط لكونها "بنت": "كان اللي بيشتغل في المهنة كلهم رجالة فكثير من الصنايعية حاولوا يوقعوني وياخدو الزباين مني، فيقول للزبون اللي جايلي: الشغل الي هتعملهولك بـ20 هعملهولك انا بـ10 جنيهات"، وحينما سألت وراء سبب تصرفاتهم، أجابت أحد زبائنها بأن أحدهم قال لها: "ميبقاش بنت تاخد منى زبون".

لم تستسلم لهذه المحاولات بل أصرت على إثبات أنها لا تختلف عنهم في شيء، وسعت للتفوق عليهم، وبعد أن نجحت في ذلك، استطاعت الخروج من إطار المنافسة، لأنها حولت مسار عملها من (صنعة) إلى (فن)، حيث قامت بابتكار نوع جديد بعيدا عن المشغولات التقليدية التي يعمل بها حرفيي هذا المجال.

10 سنوات قضتهم "حبيبة" بين أحضان هذا المجال، قامت خلالها بإنشاء «جاليري» مستقل وخاص بها، خصصت جانبا فيه كمتحف صغير لبعض أعمالها التي تحتفظ بها، - غير مخصص للبيع-، أما عن المعادن التي تشكلها تقول حبيبة: "أتقنت التعامل مع المعادن حتى أنني أحيانا أتحدث إليها وهو تسمعني، حتى أنني أستطيع إيصال مشاعرى إليها ومن وجهة نظري هي السمة التي تمتاز بها الأعمال اليدوية وهي نقل مشاعر الصانع للمستهلك".

"بعرف أفهم العميل وأعرف إيه اللي في خياله وبطلعله القطعة زي ماهو عاوز"، هكذا وصفت «حبيبة» مهارتها في عملها، وتكمن سعادتها في ردود أفعال الزبائن حينما يعبرون عن اعجابهم بمنتجاتها، ورغم توسع شهرتها في المجال إلا أنها لا تزال تعمل بيدها وتتراوح ساعات العمل من 10 إلى 12 ساعة يوميًا، وأحيانا تصل الى 16 ساعة، ولم يقتصر زبائنها على محيطها الجغرافي فقط، بل يطلب منها شغل من كافة المحافظات، حتى خارج نطاق الدولة فلها زبائن بكندا ودبي وأمريكا، ويعد الهدف الأسمى التي تسعى إليه هو أن تعيش منتجاتها إلى عمر طويل ضاربة المثل بالمشغولات الأرمينية القديمة، التي تجاوزت القرن من الزمان ولا تزال بحالة جيدة: "أمنيتي أن تعيش أعمالي لأكثر من قرن".