رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نادى «الأحزاب» الوحيدة!



عدت ١٥ سنة إلى الوراء، وتذكرت تجربة «نادى القلوب الوحيدة» المهمة والرائعة، حين قرأت بيان تأسيس ما يوصف بـ«نادى الأحزاب المدنية الديمقراطية»، الذى شدد على ضرورة خلق حراك ثقافى ومجتمعى لتطوير قيم المجتمع الأخلاقية والاقتصادية والإنسانية لخلق رأى عام مستنير!.
بين الأحزاب الـ٨٣ أو الـ٩٠ أو الـ١٠٥، التى لا قيمة لها ولا وزن، ظنّ رؤساء أربعة منها أن أحزابهم «حقيقة وغير مصطنعة»، وقرروا تأسيس ذلك النادى، وجاء فى بيان التأسيس أن الهدف منه هو تقوية الحياة الحزبية التعددية، تمكين الأحزاب، تحقيق الديمقراطية السياسية، و«التصدى لأى محاولات رجعية تستهدف الاستحواذ أو الإقصاء، أو التحايل والعودة إلى نظام الحزب المسيطر المصنوع من مؤسسات الدولة». وإياك أن تتهكم أو تسخر حين تعرف أن أحد الموقعين على البيان هو آخر أمين عام للحزب الوطنى المنحل، والذى يرأس حاليًا مجلس أمناء «حزب الاتحاد». ولا أريدك أيضًا أن تتشكك فى ثقافتك السياسية لو لم تكن تعرف شيئًا عن هذا الحزب أو عن زملائه الثلاثة فى النادي: حزب المحافظين، حزب الإصلاح والتنمية، والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى.
لدينا، بالمناسبة، ثلاثة أحزاب باسم الاتحاد. الأول هو حزب «الاتحاد المصرى العربي»، تأسس فى ١٠ إبريل ٢٠١١، وكان له ممثل وحيد فى برلمان ٢٠١١، هو المحاسب سيف رشاد، الذى سبق أن كان عضوا بمجلس الشعب، قبل ٢٥ يناير، عن الحزب الوطنى المنحل. ولدينا أيضًا حزب «الاتحاد» الذى تأسس فى ١٨ سبتمبر ٢٠١١ واكتفى وكيل مؤسسيه (الدكتور حسام بدراوي) بلقب رئيس مجلس الأمناء، ولمحاسن الصدف، كان آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى قبل أن يتم حله. وهناك حزب ثالث اسمه «الاتحاد الديمقراطي» تأسس، فى أبريل ١٩٩٠، بحُكم قضائى.
قد يجعلك تشابه الأسماء تخلط أيضًا بين حزب «الإصلاح والتنمية»، عضو «النادي»، وحزب «البناء والتنمية» الذراع السياسية لما توصف بـ«الجماعة الإسلامية». غير أن ما يطمئن وما يمنع حدوث الخلط هو أن الحزبين لا وجود لها على الأرض، باستثناء بعض المناوشات التى يقوم بها رئيس الأول، محمد عصمت السادات، بين حين وآخر. وبعض «العمليات الإرهابية» التى يشارك فيها أعضاء فى الحزب الثاني!.
كنت سأطرح ذلك السؤال المنطقى أو البديهى عن المشترك بين برامج الأحزاب الأربعة، غير أن بيان تأسيس الكيان الذى جمعها، لم يتضمن أهدافًا أو رؤى قد تجتمع لأجلها أحزاب سياسية، بشكل يجعلك تعتقد أن النادى يضم منظمات مجتمع مدنى أو جمعيات حقوقية، أو إعادة إنتاج لتجربة «نادى القلوب الوحيدة». ودعْك «أى سيبك»، من عدد المقاعد الهزيل التى حصلت عليها تلك الأحزاب، قياسًا بما حصدته أحزاب أخرى أو حصده المستقلون، ولا تشغل بالك بقوتها على الأرض أو تأثيرها فى الشارع، ولا تحاول أن تعرف ما يميزها عن الأحزاب التى قد لا تعرف عددها هيئة شئون الأحزاب ذاتها.
نحتاج، بالطبع، أحزابًا قوية، ولن يحدث ذلك إلا باندماج الأحزاب التى يصعب حصرها فى حزبين أو ثلاثة أو خمسة على الأكثر. ومرارًا وتكرارًا، قلنا إننا نتعلق فى رضا ربنا، وفى أى حزب له ثقل أو قيمة من بين الأحزاب الـ٨٣ أو الـ٩٠ أو الـ١٠٥، مع أن منها ١٩ لها مقاعد بالبرلمان. إلا أن ذلك لن يحدث من خلال تلك الكيانات التى سرعان ما تختفى أو لا يكون لها وجود إلا على الورق. وهناك أمثلة كثيرة على كيانات وتكتلات وحركات، انحصر نشاطها كله فى إصدار بيانات، ولا شيء غير ذلك!
غير «نادى القلوب الوحيدة»، قد يقودك اسم «النادي» أيضًا إلى حركة لها الاسم نفسه، «الحركة المدنية الديمقراطية»، وقد تندهش لو عرفت أن اثنين من الأحزاب الأربعة (حزب الإصلاح والتنمية والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعي) بين أعضاء تلك «الحركة» التى تضم ٧ أحزاب قائمة وثامنًا تحت التأسيس وكان النشاط «السياسي» الوحيد الذى قامت به تلك الحركة (أو أعلنت عنه) هو دعوتها إلى مقاطعة للانتخابات الرئاسية التى جرت فى مارس الماضى. ومع أنها وعدت فى يناير الماضى، بـ«خطواتٍ تنفيذيةٍ على أرض الواقع فى الأجل القريب»، إلا أننا لم نر لها أى نشاط «سياسي» آخر أو نشاط فى المطلق غير حفل إفطار أقامته فى رمضان الماضى، بالنادى السويسرى، وما كنا سنسمع عنه شيئًا لولا قيام «مجهولين» بإفساده!.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «نادى القلوب الوحيدة» بدأ نشاطه، فى ٢٠٠٣، بتنظيم دورة للعلاج النفسى الجماعى وتبادل الخبرات بين من يعانين فقد الأعزاء‏. وكن يجتمعن بمبنى جريدة الأهرام تحت إشراف الدكتور يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة‏، الذى أكد فى اللقاء الأول، على أهمية ممارسة النشاطات الاجتماعية للخروج من الأزمة‏.