رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسن فتح الباب.. طه حسين أعطاه منحة مجانية.. وكتب ديوانًا كاملًا فى زوجته

جريدة الدستور

ولد الشاعر حسن فتح الباب في 27 نوفمبر 1923 في "حارة المجدلي" بحي شبرا، لأب يدعى فتح الباب حسن موظف حكومي، وأم ربة منزل، اقترن الشاعر برفيقة حياته السيدة ابتسام يوسف أستاذة الموسيقى، وله ثلاثة أبناء، ترجع أصول عائلته إلى بلدة منسفيس بمحافظة المنيا.

كان آخر المناصب التي تقلدها مدير القضاء العسكري بوزارة الداخلية ثم تقاعد بعد ترقيته إلى رتبة لواء، عمل في أثناء الوظيفة أستاذًا جامعيًا في مجال تخصصه، وأسهم بمحاضراته وكتاباته وشعره خلال فترة عمله بالجزائر أستاذًا للقانون الدولي والعلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعة وهران، وفي حركة التعريب وفي النهضة الثقافية والأدبية، واختير عضوًا منتسبًا باتحاد الكتاب الجزائريين، وهو رائد من رواد الشعر الحر، "الدستور" التقت الدكتورة منار حسن فتح الباب أبنة الشاعر الكبير والتي تعمل بالتلفزيون المصري وكان هذا الحديث الخاص جدًا في السطور التالية.


حسن فتح الباب.. أهدى ديوان كامل كتبه خصيصًا لوالدتي

قالت الدكتورة منار حسن فتح الباب، ألتقى والدي رحمه الله بوالدتي أستاذة الموسيقى - والتي تجمعها صلة قرابة بالشاعر الكبير أحمد شوقى- فى خمسينات القرن الماضي، والدتى كانت على قدر من الجمال، وكانت بيانست والأولى على دفعتها فى معهد الموسيقى العربية.

كانت والدتي سليلة أسرة تركية، ولها سمات أوروبية مميزة، تتذوق الشعر والأدب وجمال الطبيعة وكانت ترسم أيضا، ووالدي يكتب القصيدة العمودية الرومانسية في ذلك الوقت شأن أبناء جيله من شعراء الخمسينيات، والذي حدث أن عمتي "عواطف" تعرفت على والدتي وهى تعزف البيانو في مدرسة "شبرا الثانوية للبنات"، وأسرعت الخطى إلى أبى تزف له خبر العثور على عروسة له وإنها جميلة وفنانة وعازفة؛ فاندهش أبى وقال: "لا يمكن".. لا أعتقد أن هناك من تناسبني"، لكن عمتي أكدت له، وبالفعل تقابلا وخطبها، ومنذ الدقيقة الأولى بينهما سطرا قصة حب رائعة، وعندما عقد قرانهما كان أبي يعمل ضابط شرطة فى صعيد مصر وتحديدا في مدينة أدفو بأسوان، وكتب ديوان حب لوالدتى بعنوان "الضحى والليل"، ونشر لأول مرة ضمن الأعمال الشعرية الكاملة بهيئة قصور الثقافة.

وتابعت منار، كانت أول مولودة لهما أختى الكبرى دكتورة نجلاء والثاني أخي هشام وهو فنان تشكيلى ومهندس ديكور، ثم أتيت أنا منار حسن فتح الباب، ومن شبرا منطقتنا هاجرنا إلى أرض الجولف بمصر الجديدة، وكانت الفيلا الخاصة بنا يقام بها صالونا أدبيًا ثقافيًا أسسه أبي، وكانت أمى تستقبل الأدباء فى فرح وتقدير كبير وتطبخ لهم أشهى المأكولات، وتعزف لهم على البيانو ألحان شرقية وغربية منها الكومبارسيتا.

سمع طه حسين شعره فأعطى له منحة مجانية بكلية الآداب

قالت منار فتح الباب: كان أبي طالبًا بالتوجيهية وقت أن استمع طه حسين إلى شعره وأعجب به جدًا، وبعد أن انتهت الندوة ناداه وأثنى عليه، وأعطى له منحة مجانية بكلية الآداب قسم اللغة العربية، وكان أبي يتفاخر كثيرا بهذا الأمر، خاصة وأنه وطد الصلة بينه وبين طه حسين والذي كثيرا ما ذهب إليه بعد ذلك يسمع منه الشعر، وكان أبي في ذلك الوقت يدرس بالمنحة بكلية الآداب وتعرف وقتها على لطيفة الزيات بنت دفعته، وفي نفس الوقت يدرس بكلية الحقوق التي كان يحبها، وحين صدر قانون عدم الجمع بين كليتين ترك المنحة وأكمل في كلية الحقوق.

كتب عن أختي وأخي.. وديوانه الثاني كان مرثية لصديقه الذي انتحر

كتب أبي عن أختي قصيدة "نجلاء والحياة" فى ديوانه الاول "من وحى بورسعيد" وكان عموديًا، وقدم له محمود أمين العالم ومحمد مفيد الشوباشي، فعائلة الشوباشى العائلة الصديقة لأبى.. وتتلمذ على مؤلفات العالم الكبير محمد مفيد الشوباشى فى اهتمامه بالترجمة والتراث الإسلامى والفكر الإشتراكى، وكتب أبي عن أخى هشام قصيدة مهمة فى ديوانه فارس الأمل؛ والذى شجع فيه ثورة يوليو وقت ذاك نصيرة الطبقة الفقيرة والمكافحة والتى كان أبى ينتمى لها فكرا وموضوعا.
أما ديوانه الثاني فكتبه لصديقه عبد العزيز الكرداني، والذي انتحر شابا فرثاه في ديوان عنوانه "فارس الأمل"، وصدر في ستينيات القرن الماضي.

ينتمى أبى إلى عائلة صوفية مغربية فجده العالم الصوفى "على الحافى"، وهو المدفون ببلدة "منسفيس" بأبى قرقاص بالمنيا.. والعائلة كلها تنتمى إلى قبيلة بنى حرام بالجزيرة.

ألف أبي عن استاذه العلامة محمد مفيد الشوباشى كتابًا ضخمًا جمع فيه كل تراثه بالتحقيق والتحليل.


كان صديقًا لآل حمدان والبخاري

وأضافت منار، أما عن أصدقاؤه فكان أخلص صديق له هو المحقق التراثى محمد محمود حمدان والد الفنان التشكيلى الكبير وائل حمدان وشقيق العالم الكبير دكتور جمال حمدان، وكانوا جيران فى حارة المجدلى بشبرا، ولازالت هناك صورة لمخطوط ديوانأاصداء فرعونية لأبى بخط جميل لمحمد محمود حمدان.
أما صداقات عمره فكانت مع الشاعر والمترجم الكبير محمد البخارى والذى عمل مع ثروت عكاشة وزير الثقافة السابق والشاعر والناقد الكبير أحمد لطفى، وشكرى الديب المحامى وعصمت الهوارى المحامى إبن حارة المجدلى، ومحمد توفيق الشاعر، وعبد المنعم عواد يوسف، ومحمد السباعى المشرف على مجلة الأمن العام التى نشطها أبى.

ونوقشت عن أبى رحمه الله 8 رسائل جامعية، وحاليا هناك رسالتان عن انتاجه الشعرى فى آداب سوهاج وآداب عين شمس.. قسم اللغة العربية، زنار قدرى وسمية نبيل.

تحقق معه في علاقته بالشيوعيين بسبب الأدب.. وحمته الوظيفة من السجن

وأردفت منار، تلك هى تجربة العمر المأساوية والدرامية، كان أبى إشتراكيا يؤمن بالتراث الإسلامي مثل أستاذه العلامة محمد مفيد الشوباشى، وعبد الرحمن الشرقاوى، هضم الثقافة الأجنبية لإتقانه عدة لغات أبرزها الإنجليزية والفرنسية، كان يترجم أدبهما وكانت الدولة بعد الثورة تعج بالمخبرين الذين لا يفهمون؛ فتم التحقيق مع أبى رحمه الله تحقيقات موسعة بشأن علاقته بالشيوعيين، وحمته وظيفته من السجن لأفكاره الإشتراكية وإيمانه بالحرية.. وأسفرت هذه التجربة عن أهم ديوان له وهو "أحداق الجياد".

ولأبى مسرحية شعرية عن السلطة والشاعر بعنوان "محاكمة الزائر الغريب"، وبطلها المتنبى، فأبى عاشق للتراث العربى، وكان يحفظ معظم أبيات الشعر العربى القديم..

أطروحته عن كامب ديفيد.. وسافر للجزائر بسبب بنودها

وكشفت منار، فى ظل ظروف مادية صعبة حصل أبى رحمه الله على الدكتوراة فى القانون الدولى والعلوم السياسية واصطدم ببطرس غالي فى المناقشة.. كان مفيد شهاب هو المشرف على الأطروحة التى تعرضت لاتفاقية كامب دافيد وكان أبى من أشهر المعارضين لبنودها السرية، ولهذا سافر إلى الجزائر بلد المليون شهيد وبلد الثورة، أحبها منذ الخمسينات، حتى أنه كاد أن يقول أدفنوني بها لشدة حبه لها، وألف عن ثقافتها موسوعة وأكثر من سبع مؤلفات.. وعن وهران كتب الكثير من القصائد.


له 65 مؤلفا ومنها موسوعات

وفى سياق متصل قالت منار، قائمة المؤلفات الإسلامية لأبي وكانت طبُعت فى الستينات مرة واحدة.. ضمن مجالاته الموسوعية والعلمية التى لاحدود لها، مجلات العلوم الإدارية والدبلوماسية القانونية التى اتقنها أكاديميًا ولكن بلغة الأديب، ومنها "التخطيط والتنظيم فى الهجرة"، "السفارات الثقافية فى الدبلوماسية الإسلامية"، "مقومات السفراء فى الإسلام"، "على طريق الهجرة دراسة علمية"، "المؤامرات اليهودية من خيبر إلى القدس"، "القيم الخلقية والإنسانية فى الغزوات"، "حسان بن ثابت شاعر الرسول"، "محمد العيد آل خليفة شاعر الجزائر"، "محمد مفدى زكريا شاعر الثورة الجزائرية"، "موسوعة ماكتب فى الثورة الجزائرية ثورة المليون شهيد"، "مقومات القيادة الإدارية فى الإسلام".

مضيفة، لأبى مؤلفات "أسمى الوجوه باسمائها" وهى مذكراته السياسية و"شاهد على العصر"، ومن آدب الرحلة "تنويعات على لحن السندباد"، إذ أحب سوريا، كما كانت فلسطين قيثارته الأثيرة؛ فنال جائزة القدس العالمية.. وله "حارة المجدلى" سيرة ذاتية عن موطنه شبرا مكتوبة شعرًا.. له 65 مؤلفًا موسوعيًا.

خاتمة.. كان رحيله فى 28 سبتمبر 2015.