رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جمهور العيد يفضل "البدلة"


لأعوام سابقة، تصدرت أسماء بعينها شباك التذاكر في موسم أفلام عيد الأضحى، لم تكن الإيرادات تخرج من بين أصحابها وإن شاركهم البعض قليلًا. لم يكن منها المطرب تامر حسني، الذي يُعّد زائرًا لشباك التذاكر، لا واحدًا من المتمرسين على المُنافسة، أفلام مطرب الشباب اعتادت حقًا الوصول لترتيب مرموق مهما كانت جودتها أو رأي جماهير أخرى لا تنتمي لـ"نجم الجيل"؛ لكن، تصدر المشهد السينمائي هو شيء آخر.

ولكن فعلها تامر حسني هذا الموسم بفيلمه الكوميدي "البدلة" الذي تصدر الإيرادات وحصل على النجاح المنشود لصانعيه. اشترك في بطولة الفيلم مقدم البرامج أكرم حسني، ودلال عبدالعزيز، وأمينة خليل؛ عبر تقديم فيلم من نوعية الأفلام الكوميدية التي تتلاءم وما اعتاده جمهور مواسم الأعياد والإجازات، من حيث الموضوع والأحداث التي يغلب عليها الطابع الرومانسي والكوميدي؛ بالإضافة إلى بعض مشاهد الأكشن الخفيفة.

الفيلم مقتبس عن قصة الفيلم الأمريكي "let's be cops/ فلنصبح رجال شرطة" إنتاج عام 2014، بطولة جيك جونسون ودامون واينز. في النسخة المصرية- إن جاز القول- تم تقديم الفكرة نفسها مع بعض التغيرات الطفيفة في الأحداث والمشاهد؛ حيث يبدأ الفيلم بظهور ضيفي الشرف حسن الرداد وزوجته إيمي سمير غانم في دور والدي وليد "تامر حسني"، في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تلد الأم وابنتها في نفس الليلة، ليُصبح حمادة "أكرم حسني" هو خال وليد "تامر حسني"؛ ثم يُستعرض في مشاهد سريعة ومتتالية حياة هذين الشابين اللذين اشتركا في عدة عوامل، أولها تاريخ الميلاد نفسه، وأبرزها نصيب وافر من الفشل يجمعهما.

تقوم ريم "أمينة خليل"، بدعوة وليد لحضور حفل دفعة المدرسة التي كانت سببا في تعارفهما، ويتورط الثنائي في مشكلات جمة، نتيجة سوء التفاهم الذى وقع فيه حمادة باعتقاده أن الحفلة تنكرية، فيتنكران في ملابس ضابطى شرطة؛ وبعدما يستمتعان باحترام وتقدير المدعوين، خاصة نظرة الانبهار التي لاحظها وليد في عيني ريم، يقرران عدم التخلي عن البدلة؛ فيقعان في مشكلات متتالية بسبب ارتدائهما بدلتي ضابطي شرطة، حتى يتعرضا للتورط في عملية إرهابية دولية مع قناصين إيطاليين تم تكليفهما بتصفية مجموعة من الشخصيات المصرية المؤثرة.

تميز سيناريو أيمن بهجت قمر برشاقة وحيادية، إذ قام بمعالجة الفكرة سينمائيًا باحترافية، بل أضاف إليها الطابع الكوميدي المبالغ فيه والمحبب للجمهور؛ حيث يظهر الحوار الهزلي منذ بداية الفيلم وحتى اللحظات الأخيرة بعد اكتشاف هوية القناص المأجور ماركوس "ماجد المصري"؛ ولكن كلمة في أذن الكاتب، إذا ما تقبل هذه الملاحظة حول عدم منطقية أحداث مشهد النهاية الذي دارت أحداثه في أحد المراكز التجارية الشهيرة، حيث بدا تامر حسني وماجد المصري وكأنهما يتعاركان وحدهما، دون تدخل أفراد أمن المركز التجاري، وبحضور أطفال في المشهد.

بالرغم من بذل تامر حسني أقصى مجهود في الأداء، إلا أنه لم يزل هو نفسه ذلك الممثل صاحب الإفيهات والإيحاءات التي لا تفارق أدواره منذ أفلام "سيد العاطفي" و"كابتن هيما" و"عمر وسلمى"، وصولًا إلى آخر أفلامه، التي يلاحظ إقبال جمهوره على مشاهدة كل ما يصدر عنه باعتباره المطرب المفضل بالنسبة لهم. قد يكون تامر أبدى جملة تحمل الكثير من الإيحاءات عن عدم جدوى أدوات التجميل التي تستخدمها السيدات في تجميل وجوههن لأن الرجال ينظرون إلى مناطق أخرى في جسد السيدات غير وجوههن. وذلك في حوار مباشر مع ريم حبيبته التي جسدتها أمينة خليل، فظهرت بوجهها الرقيق وبراءة شخصيتها كما حددها السيناريو، أمينة خليل التي اعتادت تقديم مثل هذه النوعية اللطيفة من الأدوار.. قدمت دور ريم الذي لم يكن دورًا مركبًا أو تراجيديًا جادًا، ولكنها استطاعت أداء دور الفتاة التي نجد مثلها في الفتيات المصريات كل بضع دقائق تقريبًا.

أعتقد بشكل قاطع، أن أكرم حسني هو البطل الرئيسي في الفيلم وليس العكس، إذ كان من المقرر أن البطل هو تامر حسني والدور الثاني لأكرم حسني، ولكن في الواقع فإن أكرم كان هو الفاعل وتامر المتلقي والمنوط به الرد على الإفيه، في الواقع أبدى أكرم من خفة الدم واستجابة المشاهدين للقطاته أكثر مما قدم تامر بمراحل. لكن المفاجأة في فيلم "البدلة" كانت لصالح ثنائي القناصة ماجد المصري ومحمد علاء، اللذين أتقنا دوريهما كعضوي عصابة إيطالية تتحدث اللغة بطلاقة وأداء جيد ومقنع، إلى جانب تشابه ملامحهما مع أبناء الجنسية الإيطالية، ما يدل على حسن اختيار فريق العمل.

نجح المخرج محمد جمال العدل "ماندو" في تقديم عمل كوميدي متكامل بعد عدة محاولات درامية سابقة، مثل مسلسلات "الخروج" و"حارة اليهود" و"لأعلى سعر"، والمسلسل الكوميدي "أرض النفاق" كما لو كان ماندو يقوم بتجربة الكوميديا الأولى التي تحولت إلى إخراج جيد في فيلم "البدلة".

كما بدت موسيقي خالد داغر ملائمة بشكل كبير لأحداث الفيلم، الذي يتنقل بين مشاهد الكوميديا والرومانسية إلى الأكشن الجاد والأكشن الكوميدي بسلاسة بالغة تحسب له، الموسيقي الذي اعتاد تأليف موسيقى الأفلام الجادة والدرامية مثل أفلام "الليلة الكبيرة" و"سوق الجمعة" و"اشتباك" الذي طرق أبواب المهرجانات العالمية؛ ومؤخرًا الموسيقى الحربية في فيلم "حرب كرموز"، نجح في صنع خلطة من الألحان الرشيقة والمناسبة للأحداث المتتالية والمتلاحقة للفيلم.

نحن في انتظار جزء ثانٍ من فيلم "البدلة"، الذي فتح أبواب الترفيه والضحك في إجازة عيد الأضحى، وباعتبار أن السيناريست المتمكن في إمكانه رصد مساحة أكبر لأكرم حسني، لأن الرجل يستحق فرصًا من شأنها إبراز موهبة تأخرت في الظهور.