رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتيات الليل في شريعة الإخوان


«وهو كما تعرف جيدًا بحكم انتمائك السابق للإخوان..»، عبارة خاطفة وسريعة ومؤذية وخبيثة كتبها الإخوانى «قطب العربى» بوقاحة للكاتب والصديق أنور الهوارى، كان أنور يطرح تساؤلات على صفحته الخاصة حول إمكانية دمج الإخوان من جديد فى المجتمع، وتساءل عن «الاستعلاء الإخوانى»، و«هل هو السبب فى القطيعة الدموية مع الشارع المصرى؟».
هنا نطّ «قطب العربى» بوجهه الدسم وملامحه المتجهمة ليرد على وصف «الاستعلاء» قائلًا لأنور عبارته الخبيثة تلك: «ما ذكرته يا عزيزى عن الاستعلاء فهو كما تعرف جيدًا بحكم انتمائك السابق للإخوان، هو استعلاء الإيمان الوارد فى كتاب سيد قطب..»، العجيب أن أنور الهوارى عقّب على الرد ولم يصحح معلومة الانتماء للإخوان، ليس لتأكيدها على نفسه، ولكن لأن قائلها كاتب «وضيع» جاء يطعن طعنة ويمضى تاركًا النزيف على الأرض أمام المارة، قاصدًا تشويه الرجل فى مؤامرة إخوانية شهيرة ضد كل من يفضح توجهاتهم وأفكارهم، رافضًا عروضهم المغرية بالسفر والمتعة والدولارات الوفيرة، وأنور الهوارى واحد من هؤلاء الشرفاء الذين اختاروا البقاء حتى الموت على هذه الأرض الطاهرة تاركين لأمراء النكاح جهادهم من منصات الاستوديوهات وغرف نوم فى تركيا وقطر.
أعرف أنك غير مشغول بالأمر، وأنك لا تعرف الإخوانى صاحب الوجه الدسم، وربما لا تعرف أنور الهوارى، لكن هذه الواقعة الصغيرة تكعبلت فيها وأنا ذاهب للكتابة عن اللائحة الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين قبل دكها على رءوس قياداتها من الكذبة والأفَّاكين والمتاجرين بالدين، فأنا يا أخى وجدت تشابهًا كبيرًا بين بنود هذه اللائحة وبين طريقة عمل محترفات الهوى من فتيات الليل، صحيح أن ما وجدته يبدو غريبًا وقاسيًا فى الوصف وجارحًا فى التعبير، خاصة وأنت تتخيل ملامح فتيات الليل المثيرات وتتذكر فجأة صاحب الوجه الدسم الممتلئ بالدهن، فتبدو المقارنة بعيدة، لكنك لو تأملتها معى ستجدها قريبة أيضًا رغم قسوتها، فإن كانت فتاة الليل تسلم كل مقاليد عفتها وشرفها إلى قواد يشاركها عرق الجهاد الليلى ويقاسمها أجر ما صنعت مقابل حمايتها، فكذلك يفعل كل المنتمين إلى تنظيمات دينية أو أيديولوجية، فعلى باب مرشد الجماعة يخلع «العضو» المنتسب لجماعة الإخوان كل ما يملك من ملابس داخلية وخارجية، يعتزل حياة الناس وينضم مجاهدًا ومقاتلًا بالجهد والمال والشرف فى سبيل الحصول على عضوية كاملة تمنحه حق التصويت فى انتخابات المرشد ورجاله، وتمنحه حماية اجتماعية ودينية، ولن يختلف الأمر كثيرًا فى تنظيمات أصغر أو أكبر، فلكل جماعة أفكارها وأهدافها، وعلى الراغب فى الانضمام إليها الوفاء بالشروط والإخلاص للأفكار والمبادئ التى يسير عليها ويؤمن بها صاحب التنظيم وقائد القطيع، وتزيد جماعة الإخوان المسلمين- باعتبارها أكبر تنظيم وأقدم مهنة فى التاريخ السياسى- على كل ذلك بإلزام الشخص أو الشخصة التى حصلت على عضوية التنظيم دفع نسبة من راتبه أو راتبها شهريًا، فيفعلون ذلك عن طيب خاطر لتزويج أخت أو مساعدة أرملة فى العلن، أو لشراء احتياجات أخرى فى السر لزوم تأمين وتحصين وحراسة مقر التنظيم، وبعض الأسلحة والمفرقعات والأصول العقارية لحماية الجماعة ووجودها بين المصريين الضالين الغارقين فى الدنيا تاركين كتاب الله فى الشارع!، سحرتهم فكرة الدين كما تسحرنا جميعًا، ذابوا فى عسل الكلام عن شرع الله والكلمة الحسنة فقدموا جزءًا من عرق الليالى وجهد السنين لمن يحمى ويقود ويسلك المسلوك ويفتح المقفول، وتعاقبت أجيال الأعضاء الذين يقدسون المرشد وينحنون أمامه ويقبلون يده عشمًا فى الرضا، أجيال جعلت من نفسها حطبًا يحرق نفسه فى النار كى تظل شعلة التنظيم موقدة فى حماية المرشد المبعوث من رب العالمين!، تمامًا مثلما تبكى فتاة الليل بين يدى قوادها كى تظل فى حمايته وتعمل تحت قيادته من دون بخل عليه بما تفىء به الليالى الساخنة، كلاهما يستحق الشفقة، فالإخوانى يرى نفسه ضحية المجتمع والناس والحكومة والجهل بكتاب الله وسنة رسوله، وقد يبكى حرقة وألمًا قبل أن يُسلم نفسه كاملًا إلى القيادة الإلهية- متمثلة فى المرشد- التى ستنجو به من الفقر والعوز وقلة الحيلة والكفر والمهانة بين الناس، وهكذا تقول فتاة الليل أيضًا بعد أن حطمتها الليالى وأجبرتها الدنيا على ممارسة البغاء فترمى نفسها فى النار كى تظل شمعة العائلة موقدة.
فتاة الليل الضعيفة المهزومة التى تتستر بظلام الليل أكثر شرفًا ووضوحًا مع نفسها من شخص باع عقله ومفاصل تفكيره لمرشد الجماعة وأصبح مؤمنًا به مقاتلًا فى سبيله.
فعليك أن تتخيل إنسانًا خلقه الله حرًا ووهبه عقلًا ورأسًا فقرر فى لحظة أن يقتلعهما من مكانهما ويسلمهما عن رضا لأفكار الجماعة وأهدافها ومسعاها نحو الحكم والسيطرة!، دفع النسبة من الراتب شهريًا ابتكار شيطانى تفردت به جماعة حسن البنا منذ تأسيسها، وهو الذى صنع كل هذه الثروات الضخمة لقيادات الجماعة، وساهم فى وضع الرشاشات فى قبضة عصابات وميليشيات تغتال شبابنا على الحدود، وساهم فى تمويل كل الجيوش الإلكترونية التى تحاربنا وتهدم ما نحلم به، لا تسمح لجاهل أن يبتز مشاعرك بأن هؤلاء «ضحايا» ومشردون، فقد اختار كل واحد منهم طريق الليل بأساليب مختلفة لا تفضى فى نهاية الأمر إلّا لهذا المصير، اختاروا لأنفسهم وطنًا وقائدًا ومرشدًا دينيًا وأخضعوا حياتهم له ولمشروعه، وسيقاتلونك أنت وكل من يتشدد لك فى سبيل حصد ما قدموا من عربون وإخلاص وانعزال وعبودية للأفكار وأصحابها، لا تسمح للثعالب الماكرة أن تتودد إليك وتتمسح فى الديمقراطية والرطانة الفارغة، أنت أمام تنظيم يقتل أخاك وأختك ويهدد وجودك، ويحلم باليوم الذى يفرمك فيه فرمًا لا قبل لك به، اُنظر إلى وجوههم الدسمة المتحفزة وإلى وسامة الثعالب الماكرة التى يتمتعون بها لتعرف أنك مستهدف كمصرى بشكل عام، سواء كنت قريبًا من دوائر الحكم أو عاملًا فى مطعم تقدم المأكولات لأهل الكفر والمعصية من أهل مصر، فإن لم يصلوا إليك طعنوك وحاولوا تشويه صورتك لتكون معهم، كما فعل صاحب الوجه الدسم مع أنور الهوارى فى مشهد إخوانجى وضيع.