رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز ينفرد بنشر النص الكامل لتحقيقات قضية مقتل الأسقف أبيفانيوس راعى دير أبو مقار

محمد الباز
محمد الباز

◄ التحقيقات تقع فى ١٠٦٥ صفحة.. وتمثل مرحلة جديدة فى حياة الرهبنة المصرية

بين محضر الشرطة الأول، الذى أثبت واقعة مقتل الأنبا أبيفانيوس راعى دير أبومقار فى ٢٩ يوليو ٢٠١٨، وقرار الإحالة الذى صدر عن مكتب المحامى العام الأول لنيابة استئناف الإسكندرية فى ١٩ أغسطس ٢٠١٨- عاشت مصر ٢٢ يومًا من القلق الشديد، وعشت أنا بين سطور ما يقرب من ١٠٦٥ ورقة، هى مجمل أوراق الجناية التى تحمل رقم ٣٠٦٧ لسنة ٢٠١٨ جنايات وادى النطرون، والمقيدة برقم ٨٠٥ لسنة ٢٠١٨ كلى جنوب دمنهور الكلية.
فى المحضر الأول، الذى حرره الرائد هشام يوسف، نائب مأمور قسم وادى النطرون، فى الساعة التاسعة صباح مقتل راعى الدير، يمكنك أن تقرأ: «تبلغ لنا من أحد مسئولى دير الأنبا مقار، دائرة المركز، بإصابة الأنبا أبيفانيوس، أسقف ورئيس دير الأنبا مقار، فى الرأس من الخلف، حال قيامه بالتوجه من السكن الخاص بالرهبان إلى الكنيسة فى حوالى الساعة الثالثة صباح اليوم، وتوفى عقب ذلك متأثرًا بإصابته، هذا وقمنا بالانتقال صحبة السيد اللواء مساعد الفرقة لغرب النوبارية، والسيد رئيس وحدة مباحث المركز، حيث تبين لنا وجود جثة الراهب بالعيادة الخاصة بالدير، ويرتدى ملابس الرهبان السوداء، وذو لحية كثيفة، وبها جرح فى أعلى الرأس من الخلف، ولم يتبين بعموم الجسد ثمة إصابات أخرى، وهذا وقد تبين بقعة كبيرة من الدماء على المشاية المؤدية من سكن الرهبان إلى الكنيسة. وتم إخطار الأدلة الجنائية، والنيابة العامة فى حينه، وجارٍ إخطار مرفق الإسعاف، وأقفل المحضر على ذلك عقب إثبات ما تقدم، وقيد برقم إدارى وللنيابة العامة النظر والتصرف».
فى قرار إحالة المتهمين بتنفيذ جريمة القتل، الذى أصدره المستشار ناصر إسماعيل دهشان، المحامى الأول لنيابة استئناف الإسكندرية، يمكنك أن تقابل ختامًا موجزًا لما جرى.
يقول القرار: «قرر المتهم الأول وائل سعد تاوضروس ميخائيل- السن ٤٠ سنة ويعمل، سابقًا، راهبًا بدير الأنبا مقار بوادى النطرون، ومقيم بدير القديس الأنبا مقار، وله محل إقامة آخر بأبوتيج شارع النصارى، محافظة أسيوط، ويحمل بطاقة رقم قومى ٢٨٤٠٩١٣٢٥٠١٣٣٦ (محبوس)، بتحقيقات النيابة العامة، أنه وعلى إثر خلافاته والمتهم الثانى، ريمون رسمى منصور فرج، السن ٣٣ سنة ويعمل، سابقًا، راهبًا بدير الأنبا مقار بوادى النطرون، ومقيم بدير القديس الأنبا مقار، ويحمل بطاقة رقم قومى ٢٨٥٠٧١٦١٤٠٢٦٧٥ (محبوس)، مع المجنى عليه، اتفقا منذ شهر سابق على الواقعة على قتله، بأن يكمنا له للانفراد به بطريقه المعتاد من قلايته (سكنه) لكنيسة الدير لأداء صلاة قداس الأحد، وتنفيذ ما اتفقا عليه، فأعدا لذلك الأداة المستخدمة (ماسورة حديدية) وأخفاها بمحل الواقعة، وحاولا تنفيذ مخططهما مرتين، ولم يتمكنا لعدم مرور المجنى عليه فى ذلك التوقيت.
وفجر يوم الواقعة تقابلا بناء على اتفاق مسبق بينهما لتنفيذ مخططهما، وكمنا بمحل ارتكابها، وما أن أبصراه وتأكدا من خلو المكان من شاهد عليهما، أخرج المتهم الأول الأداة من مخبئها وتتبعه حال سيره، ومراقبة المتهم الثانى للطريق، وعاجله بثلاث ضربات متتالية على مؤخرة رأسه لقتله، وفرا هاربين».
ثبت بتقرير مصلحة الطب الشرعى أن إصابة المجنى عليه بمواضع مختلفة بالرأس، رضية تنشأ عن المصادمة بجسم صلب، ويجوز حصولها من الأداة المضبوطة، ولا يوجد فنيًا ما ينفى ذلك، وحصول إصابة المتهم الأول براحة اليد اليسرى والرسغ الأيسر بسبب الجزء الحاد بأحد طرفيها فى وقت معاصر لتاريخ الوفاة، وأعزى وفاة المجنى عليه لإصاباته الرضية والقطعية بالرأس، بما أدت إليه مجتمعة من كسور بالجمجمة، وما صحبها من تهتك ونزيف بالمخ والسجايا وصدمة.
مثّل المتهم الأول تصويريًا كيفية ارتكابه الواقعة والمتهم الثانى أمام النيابة العامة.
لم يصل رجال النيابة إلى تلك النتيجة- رغم قصر المدة التى استغرقتها التحقيقات- إلا بعد جهد خارق، وتحقيقات مع عشرات الرهبان، واستخدام كل ما يملكون من مواهب وقدرات وتكنولوجيا لفك ألغاز القضية التى شغلت الرأى العام، وألهبت خيال من تابعوها.
هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها قتل أسقف على يد راهبين، كانت التوقعات كلها تشير إلى أن من ارتكب الجريمة فى الدير من داخلها، وأعتقد أن كل خيال وصلنا له لن يكون شيئًا إلى جوار ما سنسمعه فى تحقيقات القضية.
لن أصادر على ما فيها، ولن أتدخل كثيرًا لا بالتحليل ولا بالتفسير، فقط أضع أمامكم ما وجدناه فى أكثر من ألف صفحة، أتصور أنها تمثل نقطة انطلاق جديدة فى تاريخ الكنيسة المصرية.

لقراءة تفاصيل التحقيقات أضغط هنا