رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضهر الغلابة| السيسي والغارمات.. القصة الكاملة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

سيدات ورجال حملوا فوق أكتافهم عبء مسئوليات المنزل، دفعتهم الأقدار والظروف للاستدانة رغبة منهم فى عدم خذلان أبنائهم أو أزواجهم، واختاروا طواعية أن يكتبوا إيصالات أمانة وشيكات مقابل شراء طعام أو دفع إيجار منزل أو جلب جهاز ابنتهم العروس التى اقترب موعد زفافها، ومع عدم مقدرتهم على السداد انتهى بهم الحال فى السجن. حكاية مكررة تحدث فى العديد من بيوت المصريين، وتنتهى بزج الأم أو الأب خلف القضبان، مقابل مبالغ مالية كبيرة أو قليلة، وهو ما انتبه إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليطلق فى يونيو الماضى حملة «سجون بلا غارمين أو غارمات»، التى أفرج بموجبها عن ٣ دفعات من الغارمين والغارمات، تزيد كل منها على ٦٠٠ فرد، كان آخرها صباح الثلاثاء الماضى، الذى وافق أول أيام عيد الأضحى. «الدستور» تشارك فى السطور التالية فرحة المُفرج عنهم من الغارمين والغارمات، وتلقى الضوء على ما تم فى إطار الحملة الرئاسية الخاصة بهم، وتحاور مسئولى الجمعيات الأهلية المشاركة فيها، وتستطلع آراء نواب البرلمان والحقوقيين عن الحملة.

الحملة بدأت أثناء وجوده وزيرًا للدفاع.. و٣ دفعات بـ٢٠٠٠ شخص بعد توليه رئاسة الجمهورية
«وجهت اليوم وزارة الداخلية نحو اتخاذ اللازم للإفراج عن جميع الغارمات من السجون، بعد سداد مديونياتهن من صندوق (تحيا مصر)، كما أكدت على ضرورة أن يقضين أول أيام عيد الفطر المبارك وسط أسرهن».. بهذه الكلمات التى كتبها الرئيس عبدالفتاح السيسى عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، انطلقت الحملة الرئاسية «سجون بلا غارمين أو غارمات»، والتى شهدت الإفراج عن ٣ دفعات من الغارمين والغارمات، تزيد كل منها على ٦٠٠ فرد، منذ يونيو الماضى وحتى الآن.
وتستهدف حملة الرئيس تسديد ديون الغارمين من أموال صندوق «تحيا مصر»، وشدد الرئيس فى إعلانه عبر «تويتر» على ضرورة التخلص من أزمة الغارمين، قائلًا: «نسعى دائمًا لإعلاء الإطار الإنسانى وتنفيذ اللازم من إجراءات الحماية الاجتماعية، للحد من مثل هذه الظواهر التى تؤثر سلبًا على الاستقرار المجتمعى».
الدفعة الأولى خرجت فى ١٥ يونيو ٢٠١٨، وشهدت الإفراج عن ٦٩٠ غارمًا وغارمة ليقضوا عيد الفطر مع أسرهم، وشمل حفل الإفراج عن الغارمين، الإفراج عن ٢١١٠ سجناء بعفو رئاسى، و٦٧٧ مفرجا عنهم شرطيًا ممن انطبقت الشروط عليهم.
وفى الذكرى الـ٦٦ لثورة يوليو ١٩٥٢ جاءت الدفعة الثانية من المفرج عنهم ضمن الحملة الرئاسية، فأعلنت وزارة الداخلية الإفراج عن ٢٣٩١ سجينًا، كان من بينهم ٦٨٣ من الغارمين بعد تسديد ديونهم من خلال الصندوق، أما باقى المفرج عنهم فضمن العفو الرئاسى عن قضاء باقى المدة، والمفرج عنهم شرطيًا.
وبعد أقل من شهر، وتحديدًا الثلاثاء الماضى، كانت السجون على موعد مع دفعة جديدة من الغارمين المفرج عنهم، فأعلن مساعد وزير الداخلية اللواء زكريا الغمرى الإفراج عن ٢٣٧٦ سجينًا على مستوى الجمهورية، بينهم ٦٢٧ غارمًا وغارمة، ويتوزع الباقى بين مفرج عنهم بالعفو الرئاسى عن باقى المدة، ومستحقى الإفراج الشرطى.
ويتولى صندوق «تحيا مصر» سداد ديون الغارمين المفرج عنهم من أموال التبرعات الخاصة بالصندوق، ضمن برنامج «مصر بلا غارمين»، الذى دشن بناء على حملة الرئيس، بالشراكة مع مؤسسة «مصر الخير»، المنظمة المدنية الأبرز فى مجال سداد ديون الغارمين.
ولم تكن حملة «سجون بلا غارمين أو غارمات» هى الحملة الرئاسية الأولى فى هذا المجال، فقد سبقتها حملة «مصر بلا غارمات» التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ٢٠١٥، وشهدت الإفراج عن ١١٠٠ سجين وسجينة على دفعات، بدأت فى فبراير ٢٠١٥، واستمرت طوال العام.
وأثناء تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى منصب وزير الدفاع فى أغسطس ٢٠١٣، تم الإفراج عن ٤٨ سجينة من ربات الأسر، الغارمات، بتسديد وزارة الدفاع لديونهن.
خطوات السيسى دفعت مؤسسات أخرى للالتفات لأزمة الغارمات، وكان على رأسها «بيت الزكاة والصدقات» الذى خصص فى ٢٠١٤ ما يقدر بـ٣.٥ مليون جنيه من أموال الزكاة لتسديد ديون الغارمات.
ووضعت النيابة العامة آلية للإفراج عن الغارمات اللاتى يختار الصندوق تسديد ديونهن، بعد فحص ملفاتهن، واستطاع الصندوق منذ ٢٠١٤ وحتى ٢٠١٦ الإفراج عن ٩٥ غارمًا وغارمة فقط، نظرًا لطول إجراءات فحص حالات الغارمين لدى الصندوق.

ناجيات من السجن بعد سداد ديونهن: الرئيس جبر بخاطرنا وفرّح عائلات بأكملها فى العيد.. و«توبة نستلف مرة تانية»
عبرت بعض الغارمات من المفرج عنهن، ضمن الدفعات الثلاث للحملة الرئاسية «سجون بلا غارمين أو غارمات»، عن سعادتهن بقضاء عيد الأضحى فى منازلهن، موجهات الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى تدخل لسداد ديونهن من صندوق «تحيا مصر».
البداية عند «آمال أحمد عباس» وزوجها «عبدالله بدوى محمد أحمد»، اللذين فقدا أى أمل فى العودة إلى أسرتهما، بعدما حرما من رؤية أبنائهما الأربعة، عقب حبسهما منذ ما يزيد على ٤ أشهر، إثر عدم قدرتهما على سداد ديونهما التى اضطرا إليها للإنفاق على الأسرة.
وجاءت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى «سجون بلا غارمين وغارمات»، لتعيد الأمل من جديد إلى هذه الأسرة، من أبناء محافظة أسيوط، وتجمع شمل الأبوين وأبنائهما.
وأعرب الزوجان عن عميق تقديرهما لجهود الرئيس السيسى التى أسفرت عن عودتهما إلى أسرتهما من جديد، وقالت «آمال»: «شكرًا يا ريس.. ربنا ينصرك.. شكرًا إنك رجعتنى لحضن ولادى».
وقالت نبيلة أحمد، إحدى الغارمات المفرج عنهن من سجن «طرة»، إنها فوجئت بقرار العفو الرئاسى الصادر لها عن طريق إدارة السجن، الذى قضت فيه ٦ أشهر من العقوبة، وذلك بعد عجزها عن سداد ٢٥ ألف جنيه اقترضتها من جيرانها لإقامة مشروع ملابس، لكنه فشل، ما تسبب فى تراكم المديونيات ومواجهتها عقوبة السجن.
وأضافت «نبيلة» -ابنة محافظة سوهاج- أنها لجأت لكل من تعرفهم من أجل التدخل لسداد ديونها للخروج من السجن، حتى زوجها السابق الذى طلقت منه إثر سجنها، إلا أن أحدًا لم يستطع مساعدتها.
وأعربت عن فرحتها الكبيرة بقضاء العيد وسط أهلها، وجمع شملها مع ذويها مرة أخرى، ما أعاد البهجة والسعادة إلى العائلة كلها.
الأمر نفسه بالنسبة لـ«أسماء مختار»، التى توفى زوجها بعدما سافر إلى المملكة العربية السعودية مرافقًا لإحدى بعثات الحج منذ ٣ سنوات، وترك ٦ أبناء فى رقبة زوجته الشابة التى تبلغ من العمر ٣٦ عامًا، ما جعلها تكافح لتربيتهم.
تقول ابنة محافظة أسيوط: «حاولت أن أكمل مسيرتى فى تربية أبنائى، وتوفير أفضل معيشة لهم، خاصة أننا أثناء سفر زوجى وعمله فى السعودية اشترينا أجهزة كهربائية مختلفة بالقسط، لكننا بعد وفاته المفاجئة اضطررنا لبيعها برخص التراب لسداد الديون وإعالة الأطفال».
وتضيف «أسماء»- التى لم يتجاوز عمر أكبر أبنائها ١٨ عامًا: «التطورات المفاجئة فى العائلة جعلتنى مدينة للقريب والبعيد فى محاولة منى لتوفير لقمة العيش والكساء والتعليم لأبنائى الذين حرمتهم الحياة من الأب».
ومع تراكم الديون وفقدان مصدر الدخل، أصبحت الأسرة عاجزة عن سداد ما عليها، حتى كانت النهاية هى السجن، إلى أن جاء القرار المفاجئ بالإفراج عنها.
وعن استقبال العائلة لأمر الإفراج عن «أسماء»، قالت «منار» زوجة شقيقها: «قرار الرئيس السيسى بالإفراج عن أسماء وسداد الديون اللى عليها، رجع السعادة والبهجة للعيلة كلها فى العيد، والعيد بقاله طعم بعد ما رجعت لبيتها وعيالها اللى كانوا محرومين منها».
وختمت حديثها بقولها: «ساعة ما عرفنا وتأكدنا من خروجها، وشفناها وسط اللى خرجوا فى التليفزيون، بقينا ندعى للريس ربنا يبارك له وينصره».
سوزان عبدالنعيم، إحدى الغارمات المفرج عنهن، بدأت قصة مواجهتها للسجن بحصولها على قروض من ٣ جمعيات أهلية لتنفيذ بعض المشروعات، ولم تستطع السداد نظرًا لتعرضها للخسارة، حتى اضطرت للهروب من ديونها إلى مدينة سفاجا فى البحر الأحمر، حيث ألقى القبض عليها وسجنت.
وأضافت ابنة محافظة أسوان: «بعد قضاء سنوات بعيدة عن عائلتى داخل السجن، جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى ليعيد لى ولأسرتى الحياة، بعد أن رجعت إلى زوجى وأولادى وقضيت العيد معهم دون قلق أو خوف».
وعبرت «سوزان» عن سعادتها الكبيرة بالعودة إلى منزلها، وما حلّ فى بيتها من فرح عارم، وتابعت: «بعد اللى حصل لى.. حرمت آخد قروض تانى من أى حد، ولو هشتغل عاملة نظافة».
القصة نفسها تقريبًا روتها أميمة عبدالغنى، التى تبلغ من العمر ٥٠ عامًا، بقولها: «اقترضت مبلغ ٣٠ ألف جنيه من الجيران لإقامة مشروع أدوات تجميل، لكن بعد ٣ سنين فشلت فى سداد الديون، وواجهت حكمًا بالحبس ٦ سنين».
وأضافت: «السجن وصمنى بالعار رغم إنى مرتكبتش جريمة واللى حصل لى كان غصب عنى، عشان كده مش قادرة أعبر عن سعادتى بعد ما خرجت فى الإفراج، وربنا يخلى لنا الريس اللى اتدخل عشان أقضى العيد فى وسط أهلى».
وروت إحدى الغارمات المفرج عنهن- طلبت عدم نشر اسمها- أنها واجهت حكم السجن بسبب ظروفها الصعبة، لافتة إلى أنها لم تكن تتوقع صدور قرار بالإفراج عنها يسمح لها بالعودة إلى أهلها.
وأضافت: «لم يكن لدىّ أى مصدر دخل غير المعاش الذى لا يزيد على ألف جنيه، فاضطررت للاستدانة، ثم سجنت بسبب تعثرى فى سداد ديونى».
وتابعت: «الحمد لله.. قرار الرئيس جه وأحيانى من جديد، رغم أنى كنت فاقدة الأمل فى الخروج، ومكنتش أتوقع إنى هقدر أقضى العيد مع أسرتى».

نواب برلمان: مشروعات قوانين لمنع حبس «متعثرى الديون» فى الانعقاد الرابع
أشاد نواب برلمانيون بقرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالإفراج عن الغارمين والغارمات، بعد سداد ديونهم من صندوق «تحيا مصر»، واصفين إياه بـ«الإنسانى» الذى يرسخ مفاهيم التكافل المجتمعى، كاشفين عن اعتزامهم مناقشة مشروع قانون يمنع حبس الغارمين، خلال دور الانعقاد المقبل للبرلمان، فى أكتوبر المقبل.
وقال النائب أشرف عثمان، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن القرار لاقى ترحيبًا كبيرًا من الشعب المصرى، وكان له أثر كبير فى قلوب الغارمين وذويهم، خاصة أنه جاء فى توقيت أكثر من رائع، أتاح لجميع الغارمين فرصة قضاء عيد الأضحى المبارك مع أسرهم.
واتفق النائب سليمان العميرى، عضو مجلس النواب، مع ما قاله «عثمان»، مطالبًا فى الوقت ذاته بسرعة تعديل المادة ٣٤١ من قانون العقوبات، لإلغاء السجن كعقوبة فى قضايا إيصالات الأمانة واستبداله بعقوبات أخرى، منها الخدمة المدنية فى المجالات المختلفة، خاصة أن ذلك يتماشى مع أهداف مبادرة الرئيس السيسى «مصر بلا غارمين أو غارمات»، التى تؤكد حرصه على تماسك الأسرة المصرية والحفاظ عليها.
ووصف محمد أبوحامد، عضو لجنة التضامن بمجلس النواب، قرار رئيس الجمهورية بالعفو الرئاسى عن عدد من الغارمين والغارمات بمناسبة عيد الأضحى، بـ«المبادرة الإنسانية التى تهدف إلى نشر الفرحة والسعادة بين المصريين»، لافتًا إلى أن ذلك دفعه إلى تقديم مشروع قانون يمنع حبس هؤلاء الغارمين مع بداية دور الانعقاد الرابع.
وأوضح «أبوحامد»، لـ«الدستور»، أنه بدأ فى إعداد مشروع القانون فى الشهور الماضية، لكن نظرًا لترتيب بعض الأولويات تحت قبة البرلمان تم تأجيله لدور الانعقاد المقبل، مضيفًا: «الوضع الحالى للغارمين يتطلب تشريعًا قانونيًا للحد من سجنهم وإيجاد حلول للمتعثرين فى سداد القروض نظرًا للظروف الاقتصادية التى يمر بها المجتمع».
وكشف «أبوحامد» عن أنه سيطلب تعديل بعض مواد قانون العقوبات والإجراءات الجنائية، بما يمنع تصنيف الغارمين والغارمات ضمن حالات الاختلاس وخيانة الأمانة والتبديد.
وأضاف عن مقترحه الثانى: «إذا ارتأى القاضى فى حالات الغارمين والغارمات- السابقة الأولى- ما يفيد حسن النية والتعثر الحقيقى عن السداد، يجوز طبقًا لتقديره التحول من الحبس إلى الخدمة المجتمعية بشرطين، الأول هو أن تتم إعادة جدولة الدين طبقًا للظروف الخاصة للغارم، والثانى أن يلتزم بالسداد وساعات الخدمة المجتمعية تحت إشراف وزارة الداخلية حتى لا يقع تحت طائلة الحبس».
وتابع: «مشروع قانون العقوبة البديلة لا يقتصر على عقوبة الغارمات فقط، إنما يشمل عددًا من الجرائم التى يرتكبها أشخاص غير معتادى الإجرام عن حسن نية، ووزارة الداخلية مخولة للإشراف على تنفيذ العقوبات البديلة، والتأكد من التزام المتهم بسداد الديون».
أما النائب عماد حمودة، فاعتبر قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالإفراج عن الغارمات، نابعًا من أب وإنسان يعلم مُعاناة الأسر المصرية ويسعى دائمًا للتخفيف عن كاهلها.
وقال «حمودة»: «القيادة السياسية مهتمة بهذه القضية خلال الفترة الراهنة، وبهذا القرار يكون السيسى قد وضع حدًا لقضية ظلت فترات طويلة تمثل أزمة، حتى أصبحت معها الحلول والمبادرات وحدها لا تكفى، لولا تدخله الذى أدخل به البهجة على الأسرة المصرية ولم شملها».
وكشفت النائبة إليزابيث شاكر، عن أنها تقدمت بصيغة لمشروع القانون الجديد، بعدما لاحظت انتشار قضايا الغارمين واكتشفت أن ٢٠٪ من النساء دخلن السجن بسبب عدم قدرتهن على ‏سداد مديونياتهن، رغم أنهن مدينات بمبالغ تبدو بسيطة، وهذا يعنى أنهن لسن جناة وإنما مجنى عليهن.
وأضافت: «كل المساعدات التى تقدم لهن لم تكن أكثر من مساعدات مالية لا تكفى لمحو عار ‏السجن عنهن، لذا تقدمنا بالمشروع للبرلمان وأعتقد أن مناقشته ستكون قريبة».‏
وتابعت: «اقترحنا أن يكون هناك تشريع خاص بالغارمين يحل أزمتهم، على أن يكون التعامل معهم مختلفًا عن غيرهم من المتهمين الذين ارتكبوا جرائم جنائية، بحيث تستبدل عقوبة الخدمة ‏الاجتماعية بعقوبة السجن، التى يحصل فيها الغارم على أجر رمزى، يوجه جزء منه لسداد الدين، ويوجه الجزء الآخر إلى خزينة الدولة».
وكشفت عن أن مشروع القانون يعرف الغارم بأنه «كل من عجز عن سداد ديونه نتاج ظروف قهرية، سواء كانت هذه الديون ممثلة فى إيصالات أمانة أو شيكات أو صكوك دين أو أى أداة ائتمانية ‏أخرى، رسمية كانت أو عرفية، إذا ثبت فيه حسن النية والرغبة فى السداد، كما يشمل ذلك أيضًا كل من كان قادرًا على سداد ديونه ثم تعثر لأسباب وظروف استثنائية، على أن يقع عليه عبء إثباتها، وهو ما يخضع لتقدير القاضى وفقًا لكل حالة على حدة».‏
ووفق النائبة، يضع المشروع بديلًا لعقوبة الحبس، وهو التشغيل فى أعمال تتعلق بالمنافع العامة، فى جهات بعيدة عن السجن، يقدرها القاضى، تبعًا لظروف كل حالة، وترك للائحة التنفيذية مسئولية تحديد طبيعة ‏هذا العمل العام ومكانه، مع الأخذ فى الاعتبار سن المحكوم عليه، وظروفه الاجتماعية والصحية،‏ كما ترك المشروع للائحة التنفيذية مسألة تحديد آليات العمل وساعاته، وضمانة الإنتاجية، ووضع لائحة خاصة تتضمن الإثابة والعقاب حال المخالفة.‏
وأشارت النائبة إلى أن أغلب دول العالم تحاول تقليص عقوبة السجن فى مثل هذه القضايا غير الخطيرة، مع إيجاد عقوبات أخرى أكثر نفعًا للمجتمع،‏ داعية إلى توعية البسطاء بخطورة التوقيع على إيصالات الأمانة «على بياض»، أو التوقيع تحت ضغط الحاجة على إيصالات بأرقام مالية أكبر من الدين الحقيقى، كما يحدث فى أغلب الأحيان.‏
وطالبت «إليزابيث» أجهزة الدولة، ووزارة التضامن الاجتماعى، بالعمل على إقامة معارض خاصة للأجهزة المنزلية يكون الدفع فيها بالتقسيط، حتى لا يضطر الفقراء للوقوع تحت طائلة جشع التجار ‏ومخالفة القانون.‏

حقوقيون يطالبون بالقضاء على «بذخ تجهيز العروس»
أيد عدد من الخبراء والناشطين فى المجال المدنى، التوجه المقترح لاستبدال عقوبة الحبس فى قضايا الغارمين، مع ضرورة أن تتبعه إجراءات من الأجهزة المعنية بالدولة لحماية الفقراء ودعمهم. ‏
وعبرت الدكتورة مايا مرسى، رئيس المجلس القومى للمرأة، عن سعادتها وفخرها واعتزازها بقرار الرئيس السيسى، واصفة الرئيس بأنه مدرك لمعاناة العديد من الأسر البسيطة التى تعولها امرأة.
وأشادت بحرص الرئيس على قضاء الغارمات أول أيام العيد وسط أسرهن، خاصة أن ذلك أدخل الفرح والسرور على قلوب العديد من الأسر البسيطة التى لديها أم أو زوجة أو أخت غارمة، وتسببت ظروفها الاقتصادية وعدم وعيها بالقانون وبحقوقها، أن تقضى العيد بعيدًا عن حضن أسرتها.
وأعربت عن عميق شكرها للرئيس الذى وعد بتنفيذ اللازم من إجراءات الحماية الاجتماعية للحد من مثل هذه الظواهر التى تؤثر سلبًا على الاستقرار المجتمعى، مشيرة إلى أن مشكلة الغارمات خطيرة، وبحاجة إلى حل فورى ومواجهتها بأقصى سرعة.
وشددت على أن المجلس القومى للمرأة مهتم بالقضية ويعقد ندوات توعية للسيدات بالمحافظات حتى لا يقعن فريسة لأصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون معاناة هذه الأسر واحتياجاتها.
فيما رأت دينا حسين، عضو المجلس القومى للمرأة، أنه من الأفضل للمجتمع أن يؤدى الغارم خدمة اجتماعية بدلا من السجن، باعتبار الحبس لا يسدد الدين ولا ينفع المجتمع، بل تضيع أسر بأكملها ‏بعد سجن عائلها الوحيد.‏
وأضافت: «الخدمة المدنية تسمح للغارم بأن يتعلم مهنة جديدة، كما تمكنه من سداد دينه، بالإضافة لاستمرار تواجده مع أسرته، وضمان حمايتها من المخاطر التى قد تتعرض لها».‏
ورأت الدكتورة سهير لطفى، أستاذ علم الاجتماع، الأمين العام السابق للمجلس القومى للمرأة، أن حل الأزمة يجب ألا يقتصر على تشريع قانونى فى ظل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لأزمة ‏الغارمين، داعية إلى النظر إلى المسألة من جميع جوانبها، مع تغيير ثقافة البذخ فى «تجهيز البنات»، لكونها أكبر متسبب فى المشكلة.
ودعت أستاذ علم الاجتماع إلى توسع الدولة فى مظلة الحماية ‏الاجتماعية للبسطاء ومحدودى الدخل، مع ضرورة أداء الجمعيات والمؤسسات الأهلية دورها الوطنى فى تدريبهم ودعمهم أثناء تأسيس مشروعاتهم الصغيرة ومتناهية الصغر، لضمان عدم وقوعهم فى ‏براثن السجن.‏
ورحب عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، بتوجه البرلمان لإقرار عقوبة الخدمة العامة بديلة عن سجن الغارمين، مشيرًا إلى أهمية تعديل القانون الذى أوقعهم فى ‏السجن.
وطالب «شكر» أجهزة الدولة المعنية، بالعمل على إنهاء تلك الأزمة، لأن «الغارمين مكبلون بأعباء أسرهم، وهو أمر يتطلب تكاتف المجتمع معهم لا سجنهم».

جمعيات داعمة: مبادرة الرئيس ساهمت فى فك كرب كثيرين.. لكن الحل الجذرى فى تفعيل «العقوبة البديلة»
ثمّنت جمعيات خيرية عاملة فى مجال رعاية السجينات وأطفالهن، مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى للإفراج عن الغارمين والغارمات فى مناسبة عيد الأضحى.
محسن محجوب، أمين صندوق مؤسسة «مصر الخير»، قال إن المؤسسة ساهمت فى الإفراج عما يزيد على ٥٥ ألف غارم وغارمة، مطالبا بإلغاء القانون الذى يحبس هؤلاء كخطوة حقيقية لتنفيذ مبادرة الرئيس السيسى.
وأضاف «محجوب»: «أكثر ما يسعدنا أن الرئيس مهتم بالملف، ونحن نحاول تعديل التشريع فى مجلس النواب لكى نجد فرص عمل للغارمين والغارمات بدلا من الحبس»، مطالبًا بتوفير دخل لهم بدلا من الزج بهم فى السجون وتعريض أولادهم للتشرد.
وتابع: «فكرة إن أى إيصال أمانة تكون عقوبته السجن صعبة جدًا ويتسبب فى عواقب وخيمة، هناك شىء يسمى أسبابا مخففة مثل أن يحكم عليهم القاضى بالعمل فى مصنع أو أى شىء يدر لهم دخلا بدلا من الحبس، ونحن نعكف على هذا حاليا».
وشرح أن هناك ١٧ خطوة قانونية يقومون بها لإخراج الغارمين والغارمات، مسجلة على موقع «مصر الخير» لكل من يريد المشاركة فى فك أسر غارم أو غارمة.
وأوضح: «نحصد جميع القضايا ثم نذهب للدائن ونجرى تصالحا معه وندفع له ويقوم بعمل تنازل فى الشهر العقارى»، مشيرًا إلى أنهم استطاعوا مع النائب العام السابق اختصار بعض الخطوات فى النيابة لتقليل مدة خروج الغارمات لتصبح شهرًا فى الإفراج من وصول الحالة إلى المؤسسة.
واعتبر «محجوب» مبادرة الرئيس السيسى «سجون بلا غارمات» فكرة عظيمة وأملا كبيرا منحه لمصر ولكل من هو فى ضيق، مستدركا: «لكن هذا لن يتحقق إلا بتغيير القانون، فعندما يخرج بعضهم يدخل آخر وكأنها سلسلة لا تنتهى.
وأوضح: «ستتحقق هذه المبادرة عندما لا يدخل الغارمات السجن من الأساس، الآن جزء كبير منهن خرج، ولكن ما زالت هناك قضايا سيتم الحكم فيها، لذا لا بد من تغيير القانون لإخلاء السجن من أى غارمات».
وأشار إلى أن هناك خطوات وضعتها المؤسسة للتسهيل على من يريد التبرع للغارمين والغارمات إلكترونيًا، وهى أن يزور المتبرع أقرب منفذ معتمد فى «سوبر ماركت» أو صيدلية، ويخطر التاجر بأنه يرغب فى التبرع لصالح مؤسسة مصر الخير، ثم يدخل قيمة المبلغ الذى يرغب فى التبرع به بعد إدخال رقم الموبايل، ويسدد نقديًا ويتسلم إيصال سداد إلكترونيًا كإثبات لعملية التبرع.
من جانبها، أكدت الدكتورة سهير عوض، مدير مشروع الغارمات فى المؤسسة، دعم كل مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بهذا الملف لمبادرة رئيس الجمهورية الخاصة بسجون بلا غارمات. واستدركت: «لكن هناك مشكلة حقيقية تواجه الفاعلين فى تلك المبادرة وهى أنه فى مقابل الأعداد الكبيرة التى أُفرج عنها ووصلت إلى ٦٠ ألف غارم وغارمة منذ ٢٠١٠، هناك أعداد كبيرة جدا تدخل السجون كغارمين جدد ويأخذون أحكامًا نهائية». وأوضحت أنهم فى المؤسسة أقاموا عدة مشروعات للمنسوجات اليدوية كالسجاد والكليم لتشغيل الغارمين المفرج عنهم والمدينين حتى يتمكنوا من السداد.
ونوهت بأن المشكلة الأكبر فى هذا الملف هى «الهرابة»، وهم أعداد كبيرة ممن صدرت ضدهم أحكام نهائية بالحبس فى قضايا غارمات، ولا حل أمامهم إلا الهرب إلى أماكن بعيدة حتى لو اُضطروا إلى ترك أولادهم ومنازلهم.
ولفتت إلى وجود اقتراح تشريعى مقدم لمجلس النواب لتعديل المادة ٣٤١ من قانون العقوبات التى تقتصر عقوبتها على الحبس والغرامة، بأن يكون قضاء العقوبة فى عمل يسددون من خلاله مديونياتهم من منازلهم وسط أبنائهم، مشيرة إلى أن العقبة الكبرى أمام تفعيل هذا هى إيجاد آليات مناسبة للتنفيذ.
نوال مصطفى، مؤسس ورئيس جمعية رعاية أطفال السجينات، كشفت عن إنشاء الجمعية صندوق «أموالكم» للغارمات، بهدف دفع ديون السيدات الغارمات اللاتى وقعن على إيصالات أمانة لشراء مستلزمات لهن، وإنقاذهن من المحاكمات والسجن. وأشادت بقرار الرئيس الإفراج عن الغارمين والغارمات وسداد ديونهم بالتنسيق مع صندوق تحيا مصر، مشيرة إلى أنه مع كل مناسبة واحتفال بالأعياد يصدر الرئيس قراره بالإفراج عن عدد من المسجونين لتكتمل فرحة هذه الأسر. وشددت على ضرورة تكاتف المؤسسات المصرية والعمل على سداد ديون الغارمات قائلة «إنه منذ الإعلان عن المبادرة وهناك عدد من المؤسسات بادر بالتعاون مع الصندوق لسداد الديون».
وأضافت أن هناك تحركا قانونيا بإعداد مشروع قانون لتحويل عقوبة الحبس للغارمات والغارمين إلى العمل المدنى كعقوبة بديلة وهو ما سيتم التحرك به من خلال مجلس النواب وذلك بعد الحصول على توقيع ٦٠ نائبًا، وينتظر مناقشته تحت القبة، مؤكدة أن الجمعية تسير فى طريقين جنبا إلى جنب هى إنشاء الصندوق والحل التشريعى والقانونى.
من ناحيته، أشاد محمود البدوى، رئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان، باهتمام الرئيس بالأسر المصرية بشكل عام والبسيطة بشكل خاص والإفراج عن عدد من الغارمين والغارمات فى الاحتفالات والأعياد وذلك من أجل نشر الفرحة والسعادة فى بيوتهم. وطالب «البدوى» بإعداد دراسة للذين يقعون تحت وطأة تلك المشكلة، وإيجاد حلول اقتصادية مثل توفير قروض صغيرة ميسرة لإقامة مشروعات صغيرة، وتوفير فرص عمل تناسب الظروف الاجتماعية الحالية. وشدد على ضرورة التحرك بشكل فورى وعاجل لحل المشكلة لما لها من آثار داخلية ونفسية للأسر، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الأطفال مما يجعل هناك تسربا تعليميا وغيره من الأمور الاجتماعية الخطيرة.