رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمريكا ترحّل النازي الأخير إلى ألمانيا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

صرّح البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية بإتمام عملية ترحيل آخر المشتبه بهم من النازيين إلى ألمانيا، صباح الثلاثاء 21 أغسطس.

وتم ترحيل حارس المعسكر النازي السابق، ياكيف بالي، بعد 25 عاما من التحقيقات، عقب مواجهته بوظيفته السابقة أثناء الحرب العالمية الثانية، واعترافه بالكذب بغرض الدخول إلى الولايات المتحدة، حيث ادعى بالي أنه كان يعمل مزارعا وعاملا في مصنع أثناء الحرب.

عاش بالي حياته بهدوء داخل الولايات المتحدة الأمريكية لسنوات طويلة رساما هندسيا، ثم تقاعد، حتى فتحت التحقيقات بشأنه، منذ ثلاثة عقود تقريبا، حينما عثر على اسمه في قائمة قديمة للنازيين، واعترف أحد زملائه الحراس بأنه يعيش "في مكان ما بالولايات المتحدة الأمريكية".

حينها، كان رد بالي على المحققين، عندما ظهروا ببابه عام 1993: "لم أكن لأحصل على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة إذا قلت الحقيقة، كان الجميع يكذبون آنذاك".. وعلى الرغم من اعتراف بالي بعمله حارسا في معسكر اعتقال ترافنيكي، إلا أنه نفى أي صلة له بأي جرائم حرب ارتكبت هناك.

في الواقع، يقول المسئولون إن بالي لعب دورا أساسيا في البرنامج النازي لقتل اليهود في بولندا تحت الاحتلال الألماني، كحارس للمعسكر، ضمن كتيبة شترايبل، وكانت وظيفته محاصرة وحراسة آلاف اليهود، وحينما قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية حصل على البيت الذي تملكه بجانب مطار لاجوارديا، عام 1966.

وباستفسار وحدة اصطياد النازيين في وزارة العدل الأمريكية من روسيا، ودول أخرى، حول ماضي ياكيف بالي، توصل المسئولون إلى مستندات تخصه عام 1990، وواجهوه بها عام 1993، لكن بالي لم يعترف إلا عام 2001، حيث قال في اعترافاته إنه كان مهددا بالموت إذا لم يعمل حارسا لذلك المعسكر.

وفي عام 2003، سحبت منه الجنسية الأمريكية "لمشاركته في أنشطة معادية للمدنيين اليهود" أثناء عمله حارسا مسلحا في معسكر اعتقال ترافنيكي في بولندا تحت الاحتلال الألماني، وصدر بحقه أمر بالترحيل بعد ذلك بعام واحد، لكنه لم يرحّل لرفض كل من ألمانيا وبولندا وأوكرانيا ودول أخرى استقباله على أراضيها، وعاش في طي النسيان بمنزل ذي طابقين بحي كوينز في مدينة نيويورك، مع زوجته ماريا (86 عاما)، لكن وجوده كان يثير حفيظة المجتمع المحلي اليهودي، وكانوا يهاجمونه من حين لآخر.

وفي سبتمبر الماضي، وقّع جميع أعضاء وفد الكونجرس لمدينة نيويورك طلبا قُدّم إلى وزارة الخارجية بترحيل بالي إلى ألمانيا، وهو الأمر الذي تبناه السفير الأمريكي في ألمانيا بمجرد وصوله إلى هناك هذا العام، باعتباره أولوية قصوى على جدول مهامه.

وجاء في تصريح البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وفريقه تمكنوا "من خلال مفاوضات مكثفة مع الحليف الأوروبي الرئيسي من التوصل إلى اتفاق بشأن ترحيل ياكيف بالي"، ولم تصدر أي بيانات من وزير الداخلية أو العدل أو المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بشأن المكان الذي سوف يرسل إليه آخر النازيين، إلا أن المدعي العام كان قد صرح، في وقت سابق، بأنه قد لا توجد أدلة كافية لإدانة بالي بجرائم تعود إلى زمن الحرب.

ويأتي ترحيل ياكيف بالي بعد 9 سنوات من ترحيل نازي آخر هو، جون ديميانيوك، الذي وافقت ألمانيا على استقباله عام 2009، ثم أدين عام 2011 بتسهيل عملية قتل أكثر من 28 ألف مدني، ثم مات المتهم بعدها بعشرة أشهر (91 عاما)، والقضية في طور الاستئناف.

يذكر أن قضايا البحث عن نازيين بدأت في السبعينيات من القرن الماضي، حيث هرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية الآلاف من النازيين بعد الحرب (10 آلاف وفقا لبعض التقديرات) ومنذ ذلك الحين، فتحت وزارة العدل الأمريكية تحقيقات ضد 137 من المشتبه بهم، حصل 67 منهم على أوامر بالترحيل، أو الهجرة الطوعية، بينما توفي 28 فيما كانت تنظر قضاياهم، وصدرت بحق 9 منهم أوامر بالترحيل من الولايات المتحدة، لكنهم ماتوا هناك، لرفض جميع الدول استقبالهم على أراضيها.