رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تحول إشعياء وفلتاؤس من أبناء يسوع إلى القتل؟

جريدة الدستور

- الكنيسة تخصص مطرانًا و3 أساقفة لدعم أسرتى الراهبين.. والبابا يتسلم تقارير دورية عن حالتهما
بينما ينتظر وائل سعد، أو الراهب المشلوح إشعياء، وشريكه الذى حاول الانتحار «فلتاؤس»، المتهمان بقتل الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير «أبومقار»، مصيرهما أمام القضاء، اتجهت الأنظار لقصة حياة الراهبين، وكيف تحوّلا من الإيمان إلى الجريمة، ومتى بدأ الشر فى حياتهما؟

أصدقاء وائل وأب الاعتراف الخاص به: بدأ حياته متدينًا.. عمل بتجارة الملابس.. ووالدته حاولت منعه من الرهبنة
فى شارع النصارى بمركز أبوتيج بأسيوط، ولد الراهب المشلوح إشعياء، أو وائل سعد تواضروس، منزله بدا خاويًا بعد أن تركته الأسرة عقب الحادث، متفادية مطاردات وسائل الإعلام، وعيون الآخرين.
التقت «الدستور» عددًا من جيران المتهم، الذين تحدثوا عن شاب بدأ حياته متدينًا، وقالوا إنه من أسرة ثرية، والده يعمل مقاول بناء، تخرج فى كلية التربية قسم اللغة الإنجليزية، وعمل بتجارة الملابس نحو خمس سنوات، وحينما جاءته وظيفة حكومية قرر أن يسخر حياته للرب، وقال للمقربين إنه يحلم بأن يكون أحد رجال يسوع فى الأرض.
أحد جيران المتهم أعطانا «رقم هاتف» للتواصل مع الشقيق الأكبر للمتهم، الذى رفض التعليق على الواقعة، واكتفى بالقول لـ«الدستور»: «يكفينا أن جميع من يعرفونه يشهدون بسيرته العطرة وحسن خلقه»، مشيرًا إلى أن البابا تواضروس، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اتصل بالأسرة عقب الحادث، وقال إنه يُصلى من أجلهم.
وحسب المعلومات المتوافرة، فإن «وائل» شقيق لأربعة ذكور، هم «صموائيل وهانى- ترزيان، وثروت- راهب، وإيميل- طبيب».
كما التقت «الدستور» القس صموئيل إثناسيوس، أب اعتراف الشاب «وائل»، الذى رفض التعليق على الحادث، وحينما سألناه حول شخصية الراهب المجرد، قال: «لم يظهر على وائل أى سلوك عدوانى، ولم ألحظ عليه حتى شغب الأطفال، والأمر الآن بيد القضاء».
وقرب المنزل، التقينا عماد صموائيل، أحد أصدقاء وائل، وجاره بنفس المنطقة، وقال: «أعرف وائل معرفة جيدة، وكانت تربطنى به صلة صداقة امتدت لـ١٢ عامًا، قبل أن ينتقل للرهبنة ويهب حياته ليسوع».
وأضاف عماد: «وائل كان حريصًا على الذهاب إلى الكنيسة، وكان دائمًا ما يزور كنيسة دير الجنادلة مساء يوم السبت من كل أسبوع، ليشارك فى التسبيحات وينتظر صلاة القداس صباح الأحد، ثم يعود للمنزل مرة أخرى، وكان كثير التردد على دير المحرق».
وتابع: «وائل كان دائم المرح محبًا للضحك، وكان يحظى بسمعة طيبة، وحسن الخلق، ونحن فوجئنا عندما علمنا بالخبر المشئوم، الذى نزل علينا كالصاعقة»، مؤكدًا أن «وائل» لم يكن عدوانيًا تجاه أحد، لا هو ولا أشقاؤه، فهم جميعًا حريصون على مودة الآخرين ولا يثيرون الشغب ولا المشكلات.
وذكر أن وائل كان دائم التواصل مع أهله تليفونيًا، والذين كانوا يزورونه من وقت لآخر فى الدير، ولم يحضر إلى أبوتيج سوى مرتين، الأخيرة كانت عندما تنيح صديقه الأب أكسيوسى المقارى ناجى عاطف وحضر لتقديم واجب العزاء، وزار أهله وجيرانه.
وأضاف عماد: «وائل كان دائم التحدث عن الرهبنة حتى فى أثناء دراسته، وعندما أنهى دراسته فتح محلًا لتجارة الملابس، وكان ناجحًا وله سمعة طيبة فى المنطقة، وعندما جاء إليه قرار تعيينه فى وظيفة حكومية ترك منزله وتوجه إلى الدير للرهبنة، وترك المحل بعد أن أصبح من أشهر المحال التجارية بالمركز، وترك به مبلغًا يفوق ٢٥٠ ألف جنيه فى ذلك الوقت».
وأكد أن والدة وائل ذهبت إليه أكثر من مرة فى الدير لتنصحه بالعدول عن قراره، ولكنه رفض متمسكًا برأيه بأن الرهبنة هى حياته المستقبلية وأنه يريد خدمة الله.
فى السياق ذاته، قال مصدر كنسى، رفض نشر اسمه، إن وائل كان دائم التردد على الكنيسة، وكان شديد الاهتمام بأمور الدين، ويتحدث كثيرًا عن حياة الرهبنة، وكان يملك من المقومات ما يميزه، خاصة أنه كان حسن الخلق ودائم الضحك ومحبًا للعبادة والتعلم.
وأضاف المصدر أن مسيحيى أبوتيج، خاصة من لهم سابق معرفة بوائل، يعيشون صدمة بسبب الحادث، موضحًا أن والدته شديدة التدين، وكان دائمًا يرافقها لزيارة الكنيسة ولحضور الصلوات والعظات والتسابيح، وكان يتطوع فى العمل داخل الكنيسة دون أن يطلب منه.
من جانبه، قال مينا عادل، أحد جيران «وائل»: «فور سماعنا بالحادث لم نصدق، خاصة أن وائل كان يمتلك سمعة طيبة وسيرة عطرة وكان محبوبًا من المسلمين قبل المسيحيين».
وأضاف «عادل»: «إننا نصلى له كل يوم من أجل إزاحة الغمة»، مؤكدًا أن المسيحيين يعلمون جميعًا أن تهمة القتل معصية كبرى، فكيف لوائل أن يرتكبها؟.

ريمون عمره 33 سنة.. ينتمى لمحافظة القليوبية ومصدر قضائى: المتهمان يواجهان عقوبة الإعدام شنقًا
الراهب «فلتاؤس» أو ريمون رسمى منصور، ٣٣ عامًا، المتهم الثانى فى القضية، من القليوبية، وماتت والدته منذ أن كان طفلًا، وقد ظهر عدد من أسرته فى أثناء وجود الراهب فى مستشفى الأنجلو أميريكان بالزمالك، عقب محاولته الانتحار.
وقال مصدر كنسى إن الكنيسة تتواصل مع أسرتى «ريمون» و«وائل»، بشكل مكثف خلال الفترة الحالية، بتوجيهات من البابا تواضروس، الذى حرص على إجراء اتصال هاتفى بالأسرتين بعد الحادث، للتخفيف عنهما.
وأضاف المصدر، لـ«الدستور»، أن البابا تواضروس التقى الراهب باخوميوس الرزيقاتى، شقيق «وائل»، مُطمئنًا إياه على مستقبله الرهبانى، بدير مار جرجس بالرزيقات بالأقصر، مشيرًا إلى أنه لا ذنب له أو لأسرته فيما حدث، وذلك فى إطار التخفيف عن الأسرتين.
وأوضح أن هناك ٤ أساقفة يولون اهتمامًا خاصًا بالأسرتين، الأول هو الأنبا مكسيموس، أسقف بنها وقويسنا، والثانى هو الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة وتوابعها، مقرر لجنة الإعلام بالمجمع المقدس، ويتواصل الاثنان مع أسرة «فلتاؤس» بشكل دورى، ويحاولان تلبية احتياجاتها الروحية والنفسية قبل المادية.
والراهبان الثالث والرابع، هما الأنبا أنطونيوس، مطران القدس والأراضى المقدسة والشرق الأدنى، والأنبا أندراوس، أسقف صدفا وأبوتيج، ويهتمان بعائلة «وائل»، أو إشعياء المشلوح، ويوفران للأسرة الرعاية الروحية والتأهيل النفسى.
ويقدم الأساقفة الأربعة تقارير دورية عن حالة الأسرتين، تُرفع إلى البابا تواضروس شخصيًا.
وبشأن البيان الذى أصدرته أسرة الراهب المُجرد إشعياء، الذى حمل عنوان «بيان من أسرة وائل سعد»، والذى أفاد بمطالبة الأسرة بلقائه، الأمر الذى فشلوا فيه منذ الحادث حسب البيان- أوضح المصدر أن الأسرة تحاول التوسط لدى بعض الكوادر العلمانية القبطية للتدخل، وإصدار قرار بلقائه.
وأشار المصدر إلى أن الكنيسة تبذل قصارى جهدها فى رعاية الأسرتين، إلا أن المقر البابوى رفض رفضًا قاطعًا التدخل فى سير التحقيقات.
من جانبه، قال الأنبا سرابيون، مطران لوس أنجلوس وجنوب كاليفورنيا وهاواى للأقباط الأرثوذكس، إن البابا تواضروس الثانى كان واضحًا منذ اغتيال الأنبا أبيفانيوس، وطلب من السلطات أن تتدخل، مؤكدًا أن الكنيسة لا تتدخل فى التحقيقات.
وفيما يخص الموقف القانونى لـ«وائل»، و«ريمون»، قال مصدر قضائى، إن المتهمين سيخضعان للمادتين ٢٣٤ و٢٣٠ من قانون العقوبات، اللتين تتعلقان بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والعقوبة المنتظرة هى الإعدام شنقًا.
وأضاف المصدر القضائى، لـ«الدستور»: «أوجبت المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهى عقوبة الإعدام لكل من قتل نفسا عمدًا مع سبق الإصرار على ذلك والترصد، فى حين قضت المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات فى فقرتها الثالثة على أنه (أما إذا كان القصد منها- أى من جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار والترصد- التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة).. والمتوقع هو الإعدام».