رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار "الحج المسيحى": ليس فريضة.. لا يغفر الخطايا وللتبرك فقط

تواضروس فى القدس
تواضروس فى القدس

- الأرثوذكسية: دون شعائر.. الكاثوليكية: سياحة وعبادة.. والإنجيلية: لم يُذكر فى الكتاب المقدس

اعتاد الأقباط ترديد مصطلح «الحج المسيحى» عند الذهاب إلى مدينة «القدس» فقط، لكن مع استقبال زوار مسار رحلة العائلة المقدسة فى مصر، بدأ هذا المصطلح يتردد بينهم شاملًا عدة مناطق أخرى، ما يثير عدة تساؤلات حول هذا المفهوم وشعائره وطريقة أدائه ومدى كونه إلزاميًا من عدمه.

القمص عبدالمسيح بسيط أبوالخير، أستاذ علم اللاهوت بالكليات الإكليريكية والمعاهد اللاهوتية، راعى كنيسة السيدة العذراء الأثرية للأقباط الأرثوذكس فى مسطرد، قال إن الحج يختلف فى مفهومه بين الإسلام والمسيحية، موضحًا: «رغم كونه ركنًا من أركان الإسلام الخمسة، إلا أنه لا يعتبر إلزاميًا ولا فرضًا على المسيحى، ولا علاقة له بخلاص الأفراد روحيًا».

وأضاف «بسيط»: «لا طقوس خاصة بالحج فى المسيحية، إلا أن المسيحيين من شتى بقاع العالم اعتادوا الحج إلى القدس أثناء الصوم الأربعينى، لتنتهى رحلة الحج برؤية النور المقدس المنبثق من قبر السيد المسيح كنوع من أنواع التبرك».

ورأى الأب هانى باخوم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية، أن الحج بالنسبة للمسيحيين ليس مجرد زيارة سياحية يزور فيها المؤمن الآثار الجامدة والجدران، بل إنه يساعد الفرد على الدخول فى علاقة مع الحدث الذى شهده المكان وأبطاله.

واستشهد على ذلك بأن «زيارة مسار رحلة العائلة المقدسة فى مصر، تساعد الأفراد على الدخول فى علاقة مع أبطال الرحلة وأفراد العائلة المقدسة والاقتداء بحالاتهم الإيمانية والروحية».
وأضاف: «الحج نوعان، الأول سياحى يهدف إلى التبرك والدخول فى علاقة مع أبطال الحدث والمكان، والثانى حج تعبدى ينال المؤمن خلاله تقوية للإيمان وحالة روحية عالية، مثل الحج الذى حدث فى روما عام ٢٠٠٠».
ومن الكنيسة الإنجيلية، قال القس رفعت فكرى، رئيس السنودس الإنجيلى، إن الحج ليس له أى سندات كتابية أو نصوص إنجيلية، مضيفًا: «كلمة الحج ذاتها لم ترد بين آيات الكتاب المقدس».
وأوضح «فكرى»: «المسيح لم يطالب أتباعه بزيارة قبره المقدس، الأمر الذى لم يجعل له أى مراسم كما لم تُلزم الكنيسة أبناءها به، بل هو عملية سياحية داخلية أو خارجية تخضع للمبدأ الاختيارى للبحت، ويقوم بها الراغبون فى مشاهدة الأماكن السياحية».
ورأى أن غفران الخطايا فى المنظور المسيحى يعتمد اعتمادًا كليًا على تقديم التوبة الخالصة والندامة على الماضى، والإصرار على عدم الرجوع إليه مجددًا، لا على الحج نهائيًا.
وممثلًا عن التيار العلمانى الكنسى، قال المفكر القبطى كمال زاخر، إن عنصر الإلزام هو الفرق الأبرز فى مفهوم «الحج» بين الإسلام والمسيحية، مضيفًا: «لا يمكن النظر إلى موقف البابا الراحل شنودة الثالث من منع الأقباط من زيارة القدس على أنه منع من البركة أو الحكم عليه من منطلق الحلال والحرام، لأن ذلك يُحمّل الأمر أكبر مما يجب».
ورأى «زاخر» أن البابا شنودة الثالث كانت له حكمة سياسية، دائمًا ما كان يستخدمها فى خدمة الوطن والكنيسة، لذا جاء قراره بشأن القدس فى إطار محاربة التطبيع وبسبب أزمة دير السلطان دون أى اعتبارات دينية.
وكشف مينا أسعد كامل، الباحث فى لجنة العقيدة القبطية الأرثوذكسية بأسقفية الشباب، عن أن بعض الدارسين يرون أن كلمة «حج» لها جذور فى اللغة القبطية، مكونة من مقطعين «حا» وتعنى هيا، و«أج» اختصار «أجيوس» وتعنى المقدس أو القدوس، أى «هيا إلى المكان المقدس»، مشددًا على أن الحج فى المسيحية ليس فريضة واجبة التحقيق.
وأضاف: «الحج يقتصر على مفهوم التبرك بزيارة الأماكن المقدسة، سواء التى كان فيها المسيح أو الكنائس والأديرة التى بها آثار القديسين الذين عاشوا على خطى المسيح بأمانة».
وتابع: «السائد فى المسيحية أيضًا أن عدم الزيارات لا يُحسب معصية، فالصلوات القبطية الأرثوذكسية المسماة (القداس) تؤمن بوجود المسيح وجودًا حقيقيًا أثناء إقامته، ويتعامل معه المؤمنون بالصلاة والتناول، لذا فهى أقدس بالتأكيد من زيارة المكان».