رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تنهي مؤامرات قطر وتركيا في سوريا


بعد سبع سنوات من الصراع وظهور الحركات المعارضة والمسلحة، تظل «درعا»- نفس المحافظة التى بدأت فيها الأحداث فى مارس ٢٠١١ بمظاهرات، انقلبت إلى مصادمات، ‏ثم ظهور لقوى مسلحة- هى المنطقة الأبعد عن سيطرة الجيش السورى، وظلت كما أطلق عليها المعارضون صامدة.. فى حين نظر إليها الآخرون على أنها ستكون أهم محطة نحو ‏عودة سوريا الموحدة.‏
بعد انطلاق أحداث ما أطلق عليه الربيع العربى فى يناير ٢٠١١ بدءًا من تونس، قال قادة فى مصر إن مصر ليست تونس، فى حين رأى المتظاهرون فى الميادين أن الإجابة هى ‏تونس، وبعدها قال الأسد إن سوريا ليست مصر، وإن ما حدث فى تونس ومصر لن يحدث فى سوريا، وانطلق قطار الربيع العربى فى طريقه ليبدأ رحلة جديدة فى سوريا عبر أولى ‏محطاته فى «درعا».‏
وفيما عدا العام الأسود لحكم الإخوان كانت مصر، وما زالت، حريصة على العلاقة مع الشعب السورى، وأيضًا تمسكها بما أكد عليه الرئيس السيسى أن مصر تدعم الجيوش ‏الوطنية فى المنطقة العربية، لحل الأزمات وحفظ الأمن والاستقرار، ومن أهم الجيوش التى تدعمها مصر الجيش العربى السورى، فهو الجيش العربى الأول والذى كان يومًا جزءًا ‏مهمًا من جيش الجمهورية العربية المتحدة، وظلت القوات المسلحة المصرية حتى الآن تضم الجيش الثانى والجيش الثالث فى رمز إلى وجود الجيش الأول فى سوريا، فيما عدا ‏تصريحات مرسى أثناء وجوده بالاستاد الرياضى عندما طالب القوات المسلحة المصرية بالعمل مع الحركات المناهضة والمسلحة فى سوريا وعن فتحه باب الجهاد لإسقاط الأسد. ‏
فيما عدا هذه التصريحات المجنونة ظل موقف مصر ثابتًا.. مصر تدعم الشعب السورى والجيش السورى حرصًا على وحدة الوطن.. ومنذ ٢٠١٣ وقبلها مع وصول السوريين ‏لمصر لم يعامل سورى واحد معاملة اللاجئ.. حضروا إلى بلد ثانٍ لهم فتح لهم مدارسه ومستشفياته، وضرب السوريون فيما عدا قلة منهم المثل على مقابلة كرم الضيافة، بالحرص ‏على بيت المضيف والعمل به وقدموا صورة رائعة للسورى خارج بلاده.. لم يغرق أطفال سوريا على شواطئ مصر، ولم يمت منهم مواطن داخل خيمة من البرد، لأنه من الأصل لم ‏يقم سورى واحد داخل خيمة. ‏
لم يكن الدور المصرى مقصورًا على الضيافة والتعاون بين الشعبين بل بدأت الحكومة المصرية وبتوجيهات من الرئيس السيسى، رحلة لتطبيق رؤيتها للحل السياسى بعقد مؤتمر ‏للمعارضة السورية المعتدلة فى القاهرة خلال يونيو ٢٠١٥، واتفق المعارضون السوريون فى ختام المؤتمر على خريطة طريق لحل سياسى تفاوضى، مستندة إلى اتفاق جنيف ‏السابق، وتحققت مخرجات المؤتمر فى رعاية مصر المصالحات السورية على الأرض والذى بدأ فى ٢٠١٦ باتفاقية خفض التوتر فى الغوطة الشرقية، ثم تلاها التوصل إلى اتفاق ‏فى القاهرة حول إنشاء منطقة أخرى لتخفيف التوتر فى شمال مدينة حمص برعاية مصرية- روسية. ‏
وطوال الفترة السابقة، كان صقور مصر يتابعون ما يحدث ويواصلون جمع الشتات السورى ومحاولات رأب الصدع، منطلقين من طبيعة الدور المصرى الذى لم تتورط حكومته ‏فى مساندة أى حركة تناهض الحكومة السورية، خاصة الفصائل المسلحة.. وتواصلت مصر مع فصائل معتدلة لا ترفع السلاح ولا راية الإسلام السياسى، وحرصت مصر على ‏علاقات جيدة إلى حد ما مع معظم الأطراف المتصارعة فى سوريا باستثناء الأطراف التى تدعمها تركيا وقطر وإيران، وارتكز الدور المصرى فى المصالحة السورية على عدة نقاط ‏مهمة كانت السبب الرئيسى فى نجاحه أولاها أنه استبعد التنظيمات المصنفة بالإرهابية من قائمة المفاوضات، حتى لا يكسبها شرعية سياسية، بالإضافة إلى أن رؤية مصر تلقى ‏قبولًا من عدة دول عربية وأيضًا كان وقوف مصر على الحياد منذ ما بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ حافزًا لأن تكتسب ثقة جميع الأطراف على الأرض، لذا فدورها ينظر إليه بأنه الدور ‏المحايد الذى يخلو من أى مصلحة. ‏
الدور المصرى الذى نجح فى إدخال مساعدات غذائية وقوافل طبية وإخلاء لعائلات عالقة.. نجح أيضًا فى استمرار الاحتفاظ بثقة الشعب السورى الشقيق بما يقدمه المصريون لهم ‏من حلول، وبرعاية مصرية وضمانة روسية ووساطة الشيخ أحمد الجربا، رئيس تيار الغد السورى، وقّعت فصائل المعارضة السورية فى الساحل السورى على اتفاق لوقف إطلاق ‏النار، وشمل الاتفاق المشاركة فى جهود مكافحة الإرهاب والعمل على اتخاذ تسوية سياسية للأزمة السورية وعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم والإفراج عن المعتقلين.. لم يكن ‏هذا الاتفاق هو الوحيد بل كان هناك اتفاق آخر يضم الفصائل المسلحة فى ريف حمص الشمالى، وعلى رأسها جيش التوحيد، وتم فيه أيضًا الانضمام إلى جهود مكافحة الإرهاب. ‏
تيار الغد السورى، برئاسة أحمد الجربا، يرى أن مصر طرف مقبول من جانب طرفى الصراع فى سوريا، لأن القاهرة لا أطماع أو مصالح خاصة لها، وأنها تهدف إلى الحل ‏السياسى السلمى لصالح الدولة السورية وشعبها.. رأى الجربا يتشابه مع رأى سلمان شبيب، رئيس الهيئة التأسيسية لحزب سوريا أولًا.. وكذا آراء الناطق الرسمى باسم الجبهة ‏الديمقراطية السورية المعارضة ميس الكريدى.‏
مصر اليوم تثبت أن رؤيتها هى الصحيحة، وأن موقفها كان هو الأوضح والأصدق من قوى عديدة وأن جهودها فقط موجهة لصالح الشعب السورى.. واليوم أيضًا تبدأ رحلة جديدة ‏مع سوريا لجمع الشمل وتضميد الجراح. عمل مهم ترعاه مصر وتقدم له كل العون. إعادة رسم خريطة سوريا الموحدة مرة أخرى مهمة يتحملها صقور مصر ولن تتخلى مصر عن ‏دورها حتى عودة آخر لاجئ سورى إلى منزله، وإلى أن يرتفع العلم السورى مرة أخرى على كل القطر السورى، وأن يعود الجيش السورى العربى إلى مكانته.‏
القاهرة دائمًا ستظل المعبر الحقيقى عن دمشق، وستعود دمشق مرة أخرى لتكون سند القاهرة، ولتذهب مؤامرات تركيا وقطر ودعم جهات أخرى إلى الجحيم.. ما يحدث فى سوريا ‏من توافقات وأيضًا فى ليبيا ومناطق أخرى فى إفريقيا سيعلن عنه فى حينها- يؤكد أن مصر بقيادة الرئيس السيسى وبأجهزتها الوطنية، تبحث فقط عن مصلحة الشعوب ولم ولن ‏تكون سندًا للمتآمرين. ‏