رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نشأت الديهى: مصر تحارب على ٣ جبهات.. والحديث عن الحياد خيانة

جريدة الدستور

- قال إن الجماعة تستعين بمكاتب علاقات عامة فى الخارج.. وقطر تتحمل التكلفة المالية
يمتلك الإعلامى نشأت الديهى، مقدم برنامج «بالورقة والقلم» على شاشة قناة «ten»، تجربة مختلفة عن غيره من زملاء المهنة، فقد سبق له العمل فى إحدى القنوات التركية لسنوات طويلة، إلى أن أعلن موقفه المعارض لسياسة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ومواقفه المعادية لمصر، وتقدم باستقالته على الهواء، ليعود إلى مصر ويبدأ مرحلة جديدة فى مسيرته الإعلامية.

وقال «الديهى» فى حواره مع «الدستور»، إن «الحياد الإعلامى» خيانة لا تغتفر فى الوقت الحالى، مطالبًا من سماهم الإعلاميين السياسيين بأن يتوقفوا تمامًا أو يختفوا من الساحة الإعلامية.
■ هل تتفق مع النظرية الداعية للحياد الإعلامى ؟
- على الإطلاق، فهذا كلام غير منطقى، وأرى أن الحياد خيانة، خاصة فى ظل الظروف الحالية، فمصر تخوض ثلاث حروب، الأولى ضد الإرهاب، والثانية ضد الفساد، والثالثة حرب تنمية، وعليك كإعلامى أن تعلن توجهك بشكل واضح وصريح، وتعلن موقفك للجمهور فى القضية التى تناقشها.
■ هل استفدت من فترة عملك فى الإعلام التركى؟
- بالطبع استفدت، لأن أى تجربة جديدة ستضيف إلى رصيدك من الخبرات، لتصبح إنسانًا صاحب خبرة كبيرة، لكن أبرز ما تعلمته من تجربتى فى تركيا، أن الإعلام التركى بأكمله يتبع أردوغان، ويدار من مكتبه شخصيًا، وتعلمت جيدًا كيف يتم تسييس كل الأمور واستغلالها لخدمة الدولة التركية، وهذا كشف لى عن أن الإعلام فى العالم كله يعمل ضمن شبكة مصالح للدول التابع لها، وهكذا يدار الإعلام فى تركيا، وأعتقد أن مصر أيضا كانت كذلك فى فترة من الفترات، كان الإعلام الخاص يعمل لمصالح ملاكه فقط، ولكن أرى أن الدفة تغيرت الآن، وأصبح الجميع يعمل لمصلحة الدولة، إلا القليل ممن يظنون أنهم إعلاميون سياسيون.
■ لماذا يتعرض الإعلام المصرى لانتقادات من الجمهور والمشاهير؟
- الأمر الطبيعى جدًا أن ينتقد المشاهد الإعلام والإعلاميين طوال الوقت، سواء أصابوا أو أخطأوا، فهذه هى طبيعة المشاهد، لكن الغريب أن هناك بعض المسئولين يهاجمون الإعلام وينتقدونه، فى حين أنهم لا يمكن أن يستغنوا عنه تمامًا، ويستغيثون به فى أى مأزق يتعرضون له. لن أجد أفضل من مقولة نقيب النقباء كامل زهيرى- هى الأفضل دائمًا فى مثل هذه الحالات- عندما قال «الإعلام هو أعز ما يملك أى نظام»، ونحتاج حاليًا لإعلام تنموى، وتثقيفى بشكل أكبر فى المرحلة الحالية.
■ فى رأيك من هم الإعلاميون الذين عليهم أن يتوقفوا فورًا؟
- كثير من الإعلاميين عليهم أن يتوقفوا تمامًا، خاصة من يعتبرون أنفسهم سياسيين وليسوا إعلاميين، كذلك من اعتبروا أنفسهم نجوم مجتمع، ويتعاملون معنا على أنهم محركو الأحداث، عليهم جميعًا أن يختفوا من الساحة تمامًا، وأعتقد أن توفيق عكاشة أحدهم، وأنا أرفض أسلوبه على الشاشة، والطريقة التى يتحدث بها للمشاهدين.
■ كيف تستعد لبرنامجك؟
- أعمل بطريقة طبيعية جدًا مثل باقى زملائى من الإعلاميين، فعند انتهاء حلقة اليوم، أبدأ لمدة ساعة فى رصد ردود الفعل، وأبحث عن الأمور التى فاتتنى، ثم أبدأ بعدها مباشرة التجهيز لحلقة اليوم التالى، ودائمًا أركز على ما يقال عن مصر فى الخارج، بهدف تفنيده والرد عليه، وتوضيح الأمور للمشاهدين داخل مصر، كما أتابع جميع برامج زملائى، وأبحث عن الأشياء التى تجاهلوها.
فى صباح كل يوم أستمع إلى الإذاعات الأجنبية مثل «مونت كارلو» و«بى بى سى» وغيرهما، وأخصص ساعتين من وقتى يوميًا للقراءة العامة بعيدًا عن الأحداث الجارية، أقرأ للمعرفة وربط التاريخ بالحاضر والمستقبل، وأجتمع مع رئيس تحرير البرنامج وفريق العمل قبل الحلقة بساعتين، لمناقشة المحتوى والاستقرار على الموضوعات النهائية للحلقة.
■ ما الشىء المختلف الذى تقدمه من خلال برنامجك؟
- هناك اختلاف كبير عن البرامج الأخرى، لأنك لن تستطيع تصنيف برنامجى، لا تستطيع حصره فى لون واحد، هل صحافة أو توك شو أو مينى شو، فالبرنامج له طابع وشكل خاص تمامًا، ودائمًا أناقش ما وراء الخبر، ولا أنقل الخبر، ونهتم بالمقالات ومختلف الآراء، ونفند ما يقوله الغرب وقنوات الإخوان وقطر، ضد مصر، ونرد عليه أولًا بأول.
■ أنت متهم بنقل ما يقوله الإخوان فى قنواتهم من خلال برنامجك؟
- الأمر لا يمكن أخذه بهذا الشكل، فهناك الكثير من القنوات المعادية لمصر، ولا يمكن أن ننكر أن كثيرًا من المواطنين يشاهدونها، ومعنى نكران ذلك أننا ندفن رءوسنا فى الرمال، بدلًا من أن نفند أكاذيبهم ونكشف ألاعيبهم.
■ لماذا لا يخاطب إعلامنا الغرب ويتحدث للداخل فقط؟
- مخاطبة الغرب فضيلة، ولكن مخاطبة الداخل ليست رذيلة، بالعكس فهناك فى الداخل ما يقرب من ١٠٥ ملايين مواطن علينا أن نخاطبهم ونتحدث معهم، فالأولوية لمخاطبة الداخل، أما مخاطبة الخارج فهناك جهات أخرى عليها أن تقوم بهذا الدور، منها السفارات، ووزارة الخارجية، والهيئة العامة للاستعلامات.
والإعلام تغير كثيرًا ولم يعد الهدف منه إعلام الناس بالخبر، فالخبر يصل لهم فور وقوعه، ولكن الإعلام عليه أن يكشف كواليس الخبر وما وراءه للمواطنين بهدف صنع جبهة داخلية، ودورنا توعية الناس ووضع الأمور فى سياقها الصحيح.
انضباط الجبهة الداخلية، سيصب فى صالح النظرة الغربية للداخل المصرى، ولا أنكر أنه من المهم أن نخاطب الخارج، ولكن صورتى فى الداخل أهم بكثير منها فى الخارج، خاصة أن عدوك وكارهك سيظل كما هو مهما فعلت، ولذلك عليك أن تخاطب أولًا الشعب فى الداخل، لأنه الجبهة الوحيدة التى تستحق أن تراهن عليها.
■ كيف يتغلب الإعلام الإخوانى علينا فى التواصل مع الغرب؟
- أولًا ليس كل ما يقال عن مصر فى الإعلام الغربى صحيحًا، بالعكس فهو غير دقيق وغير مهنى على الإطلاق، أما عن الإخوان وتواصلهم مع الغرب، فهذا يرجع لاستعانتهم دائمًا بمكاتب علاقات عامة فى الخارج تخدم أهدافهم بمقابل مادى تتحمله قطر، وعلينا مواجهة ذلك من خلال توفير المعلومات للغرب، لأنه فى حال عدم توفر المعلومات لن يكون أمامهم سوى تصديق أكاذيب الإخوان.
■ ما الحلقة التى لن تنساها أبدًا طوال مسيرتك الإعلامية؟
- حلقة فى التليفزيون المصرى يوم خطاب مرسى الذى يعرف بخطاب «الشرعية»، وكان وقتها القيادى الإخوانى صلاح عبدالمقصود، وزيرًا للإعلام، وكنت أتحدث مهاجمًا مرسى، وفجأة أغلقوا الميكروفون الخاص بى، ووضعوا إخوانيًا على خط الهاتف وأفسحوا له المجال للرد على الهواء مباشرة بتعليمات من عبدالمقصود، وبعد أن تحدث الشخص أوقفوا بث الحلقة دون أن يسمحوا لى بالتعليق بعده، وعندما خرجت من الاستديو أبلغونى بأن الوزير طلب منعى من الظهور مرة أخرى.
■ هل تهتم بنسب المشاهدة؟
- بالطبع أهتم بها، والإعلامى الذى لا يهتم بنسب مشاهدته «معندوش دم ويقعد فى بيته أحسن».
■ هناك جهات خارجية تقدمت بشكوى ضدك فى الأمم المتحدة.. ما الأسباب؟
- كنت قد هاجمت بالمستندات مجموعة من المراكز الحقوقية التى تعمل فى مصر، وكشفت دورها المشبوه، وأكدت علاقة هذه المراكز بقنوات الإخوان والإعلاميين الهاربين وآخرين، فى «دويتشه فيله» وقناة «الحرة»، وغيرهما من القنوات المعادية لمصر، وفوجئت بأن هذه المنظمات جمعت توقيعات ضدى لمقاضاتى فى الأمم المتحدة، ولكنى استكملت معركتى ضدهما حتى النهاية، ومستمر فى ذلك، وأصبحت شخصًا مزعجًا جدًا لهم، وأعتقد أن هذا هو دورى كإعلامى مؤمن بما أقدمه، وتوافقت رؤيتى الشخصية مع رؤية الدولة نفسها، ومنذ عودتى لمصر قررت ألا أمسك العصا من المنتصف وأن أتحمل مسئولية ما أقوله.
■ ما الكتاب الذى تقرأه حاليًا؟
- أقرأ حاليًا كتاب مذكرات محمد حسين هيكل، وزير المعارف فى الثلاثينيات، وهو مؤلف كبير دَوَّن مذكراته حول السياسة المصرية أثناء توليه الوزارة، وهو كتاب ثرى لغويًا وبه الكثير من الأفكار والمفردات الرائعة، ووجدت خلاله أن التاريخ يعيد نفسه فى كل شىء، فمثلًا الواقعة الأخيرة الخاصة بمستشفى ٥٧٣٥٧، وما دار من خلاف بين الكاتب الكبير وحيد حامد، ومدير المستشفى شريف أبوالنجا، يشبه إلى حد كبير واقعة حدثت فى ثلاثينيات القرن الماضى، فهناك واقعة فساد جرت على إثرها إقالة وزيرين بعد الكشف عن واقعة فساد، ولكن بعد قرار الإقالة كتب مجلس الوزراء حينها برئاسة النحاس باشا أن ما حدث لم يكن فسادًا، ولكنه جاء (لعلة فنية لا يمكن البوح بها)، وإلى الآن وقد أصبحنا فى ٢٠١٨ لا يوجد تفسير للواقعة، ولا أحد يعرف ما العلة التى لا يمكن البوح بها.
■ كيف تفصل بين عملك الإعلامى وبين رئاستك قناة «TEN»؟
- فى الحقيقة مسئولية الإدارة أكبر وأصعب بكثير من العمل الإعلامى، وأضع دائمًا برنامجى فى سياقه الطبيعى كأى برنامج آخر فى القناة، وقررت منذ اليوم الأول لى فى الإدارة أن أخوض كل يوم معركة من أجل التطوير والتحديث، ولدىّ دائمًا شعور بعدم الرضا عما نقدمه وأطمح للمزيد، وإدارة الناس أمر صعب جدًا ومرهق فى أى مهنة، خاصة فى مهنة الإعلام وتقلباتها ووضعها الضبابى مؤخرًا، ولكن القناة هنا تشهد استقرارًا، وأنا أؤمن بمبدأ مواجهة «الشللية»، وأتعامل مع الجميع مثل أى مذيع فى القناة، ولا أتعامل معهم كرئيس لها، وهذا سبب حالة الحب والمودة والثقة بيننا، وهو ما يسهم بشكل كبير فى النجاح الذى نحققه، ولا يوجد أى تضارب بين العمل الإعلامى والإدارى، خاصة فى ظل وجود قواعد وآليات تحكمنا جميعًا فى القناة.
■ ماذا عن شكل برامج التوك شو الحالية؟
- التوك شو يظلم مقدمى البرامج، وأرى أن هناك الكثير من الزملاء الإعلاميين لديهم إمكانيات أكبر بكثير من أن يتم اختزالها فى برامج التوك شو، وبصفة شخصية أرى أن الشكل الحالى للتوك شو لا يصلح لهذه المرحلة، ولا يعطى الإعلاميين مساحة لاستغلال إمكانياتهم بشكل أكبر، كما أنه لا يخدم مصالح الدولة. التوك شو ظلم الإعلاميين وظلم المشاهدين، وظلم الدولة نفسها، وعلى الزملاء أن يغيروا جلدهم من خلال تقديم أشكال مختلفة من البرامج، لأن الإعلام هو الذى يشكل وعى الجمهور، وهو أمر لن يحدث من خلال برامج التوك شو فقط، ولكن الدراما أيضًا، وهى الأخرى تدهورت بشكل كبير، وأصبحنا غير قادرين على استغلالها لصالح الدولة.