رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مخطط عمره 40 عامًا لتهجير مواطني الخان الأحمر بفلسطين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نشرت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الأحد، مقالا للصحفية عميرة هاس، كشفت فيه عن مقترح لوزير الزراعة الحالي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي أوري اريئيل، قبل 40 عاما يقضي بطرد البدو من المنطقة الواقعة إلى الشرق من القدس.
وتستند الصحيفة في خبرها على وثيقة بعنوان "مقترح لتخطيط منطقة معاليه أدوميم وإقامة بلدة جماهيرية - معاليه أدوميم ب"، وتحمل توقيع "الوزير".
وتشير الصحيفة إلى أنه ومن الناحية العملية، فقد كانت الخطة تهدف إلى تحويل منطقة فلسطينية تضم حوالي 100،000 إلى 120،000 دونم، إلى منطقة يهودية (مستوطنات) وتطويرها على أنها "رواق يهودي"، كما يُعرفها أريئيل، يمتد من السهل الساحلي إلى نهر الأردن.
ويستدل من مراجعة للخطة أن جزءًا كبيرًا منها تم تنفيذه - رغم أنه لم يتم طرد جميع البدو، وتقوم ما تسمى بـ "الإدارة المدنية" وقوات الاحتلال حاليًا، بتسريع إجراءات هدم منازل المواطنين في قرية الخان الأحمر، بالقرب من مستوطنة كفار أدوميم.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أبلغت سلطات الاحتلال، ما تسمى بالمحكمة "العليا" للاحتلال، بأنها تستعد لهدم المنازل في غضون أيام قليلة، على الرغم من الأمر المؤقت الذي جمد هذه الخطوة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحديث عن أحد المجتمعات البدوية البالغ عددها 25 في المنطقة لنية السلطات الإسرائيلية اقتلاعهم من أماكن سكناهم، وتجميعهم في مناطق تلامس أراضي المنطقة A، وإجبارهم على الانتقال إلى نمط حياة تزعم سلطات الاحتلال أنه "نصف حضري" بحسب وصفها.
وتشمل حدود المساحة التي يرسمها أريئيل في خطته، القرى الفلسطينية حزما، عناتا، العيزرية وأبو ديس في الغرب، والتلال المطلة على وادي الأردن إلى الشرق، وادي القلط في الشمال، ووادي قدرون، وغور هوركانيا في الجنوب.
وكتب أريئيل في خطته أنه "يعيش في المنطقة الكثير من المواطنين البدو الذين يعملون في زراعة الأرض"–ما يفند تماما مزاعم دوائر المستوطنين، بأن البدو سيطروا فجأة على الأرض ولم يظهروا فيها إلا مؤخرًا.
لكن الوزير اقترح حلًا في حينه، جاء فيه: "بما أن المنطقة تستخدم للأغراض العسكرية ويخدم جزء كبير من العمل فيها، المؤسسة الأمنية، يجب إغلاق المنطقة أمام البدو وإجلاؤهم منها".
وتم العثور على الوثيقة من قبل الدكتور يارون عوفاديا، في أرشيف كفار أدوميم، في إطار تأليفه لكتاب عن صحراء الضفة الغربية المحتلة، حيث كتب عوفاديا أطروحة الدكتوراة عن قبيلة الجهالين، التي عاشت في قرية الخان الأحمر.
وكتب أريئيل عن المنطقة التي اعتبرها انها "احتياطي أراضي للبناء، والصناعة، والزراعة، والرعي للبلدات والقرى شرقي بيت لحم والقدس ورام الله، أنه "بما أن المنطقة خالية من الاستيطان، يمكن اليوم تخطيطها بكاملها.
وقال أريئيل: "هناك بلدة عربية حضرية ريفية، تنتشر بوتيرة مذهلة على طول الطريق من القدس إلى الشرق... يجب وقف هذا الانتشار فورًا".
وتشمل الحلول التي طرحها أرييل: بناء أحياء حضرية تشكل جزءا من القدس، و"الإغلاق الإداري لمنطقة القرى العربية بواسطة خطة مناسبة".
وبحسب الصحيفة أيضا، فانه في مصطلح "الإغلاق الإداري بواسطة خطة مناسبة"، يمكن العثور على بذرة الواقع الذي رسخته الاتفاقية المرحلية (أوسلو 2) في عام 1995، عندما قسمت الضفة الغربية بشكل مصطنع إلى مناطق إدارية فلسطينية، المناطق A وB، ومنطقة إدارية إسرائيلية في معظم مناطق الضفة الغربية – المنطقة C، وهكذا تولدت الجيوب الفلسطينية المحدودة والمقيدة من حيث المساحة المسموح لها بالتطور فيها، داخل الفضاء اليهودي".
وتحت عنوان مقترحات تحققت، فأشارت الصحيفة إلى أنه تمت كتابة الخطة بين نهاية عام 1978 وبداية عام 1979، ووفقا لما يتذكره اريئيل، فقد تم تحويلها إلى رئيس فرع التخطيط في جيش الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت، الجنرال أبراهام تمير".
ويكتب أريئيل: "نحن نجلس منذ ثلاث سنوات في المستوطنة القائمة في ميشور أدوميم"، ويقصد بذلك نواة المستوطنين التي تم عرضها كمعسكر عمل بالقرب من منطقة ميشور أدوميم الصناعية، التي بدأ بناؤها في عام 1975، وحتى قبل بناء معاليه أدوميم "أ" رسميًا، اقترح أريئيل بناء "معاليه أدوميم ب" - كفار أدوميم، التي أقيمت في سبتمبر 1979".
ونوهت الصحيفة إلى أن مقترحات أخرى طرحها أريئيل، قد تحققت، مثل توسيع وتعبيد طرق (ليس كلها) لتقصير وقت السفر إلى القدس، وإعلان وادي القلط كمحمية طبيعية.
ووفقًا لرؤية أريئيل عن "منطقة أدوميم"، فإن مساحة نفوذ معاليه أدوميم وحدها - دون جميع المستوطنات التابعة لها - تبلغ حوالي 48 ألف دونم (من أجل المقارنة، تبلغ منطقة نفوذ تل أبيب 51،000 دونم).
وأضافت الصحيفة: "لقد تم بالفعل طرد بعض العائلات الفلسطينية من قبيلة الجهالين، من أماكن إقامتهم في عامي 1977 و1980 لصالح مستوطنة معاليه أدوميم، وفي عام 1994، صدرت أوامر إخلاء ضد عشرات العائلات البدوية الأخرى وتم تنفيذ طردها في أواخر التسعينيات، بموافقة "المحكمة العليا"، لكن آلاف السكان البدو وقطعانهم بقوا في المنطقة، وإن كان ذلك في ظروف تزداد صعوبة، لأن مناطق إطلاق النيران والمستوطنات والطرق قلصت مناطق الرعي الخاصة بهم، وحصولهم على الماء".
ومنذ بداية العقد الأول من القرن الحالي، كانت ذراع الاحتلال المسماة بـ"الإدارة المدنية" تخطط لإخلاء جميع السكان الفلسطينيين في المنطقة، وتركيزهم بالقوة في تجمعات يقيمها الاحتلال يسميها بـ"المدن الدائمة".
وفي السنوات العشر الأخيرة، كانت عناصر مثل المنظمة اليمينية "رجافيم" واللجنة الفرعية المعنية بشؤون الاستيطان في لجنة شؤون الخارجية و"الأمن البرلمانية"، تضغط من أجل إخلاء جميع السكان الفلسطينيين من المنطقة بواسطة تنفيذ أوامر هدم ضد مبانيهم السكنية البسيطة وحظائر أغنامهم.
وكانت مستوطنة كفار أدوميم، التي أسسها أريئيل ويعيش فيها حتى يومنا هذا، من بين المؤيدين الرئيسيين لهدم قرية خان الأحمر ومدرسة المبنية من الإطارات.
وتحت عنوان "خطة قديمة"، أشارت الصحيفة إلى أنه من المغري عرض اقتراح أريئيل قبل 40 سنة، كمثال على التصميم الشخصي والسياسي، الذي يعتبر سمة مميزة لكثير من النشطاء الآخرين في الصهيونية الدينية، والتي أصبحت ممكنة بعد فوز الليكود في انتخابات عام 1977. لكن حكومة رابين الأولى، كانت أول حكومة قررت بناء منطقة صناعية في خان الأحمر، تخدم القدس المحتلة على مساحة 4.500 دونم.
وفي عام 1975، قررت حكومة الاحتلال مصادرة حوالي 30 ألف دونم من القرى والبلدات الفلسطينية في المنطقة، وبناء مستوطنة تحت غطاء معسكر عمل للمنطقة الصناعية، وفي دراسة كتبها نير شليف من جمعية "بمكوم"، والتي نشرت بالتعاون مع منظمة "بيتسلم".
ويلاحظ أن شلومو كوهين، الذي عمل مديرا لمنطقة القدس في وزارة الإسكان، خلال إنشاء معاليه أدوميم في عام 1975، قال أن الهدف من إقامتها "كان سياسيا...كانت هناك حاجة لإغلاق مداخل القدس أمام الخطر الأردني"، ومع ذلك، إذا كان الهدف سياسيًا، فمن الواضح أن ما قصده كوهين هو ليس الخطر العسكري، بل الزيادة الديموغرافية التي تتطلب بناء واسع النطاق.
ولقد بدأت الخطط لإنشاء معاليه أدوميم خلال فترة حكومة غولدا مئير، لكن الوزير يسرائيل غاليلي نصح الصحفي حجاي أشيد من صحيفة "دفار"، بأنه من الأفضل ألا تتعامل الصحافة مع هذه المسألة "المحمسة والمثيرة للاهتمام"، لأن "هذا قد يسبب ضررًا".
وأشارت الصحيفة الى ان حكومتا مئير ورابين تعاملتا مع المستوطنة العتيدة كجزء من الفضاء الوظيفي للقدس، وخلال فترة حكومة رابين الثانية، في فترة أوسلو، تم طرد بدو من المنطقة، بروح اقتراح أريئيل.
وأوضحت الصحيفة أنه وفي ظل حكومة مئير، جليلي وموشيه ديان، بشكل خاص، صدر في عام 1971، الأمر العسكري رقم 418، الذي أدخل تغييرات متطرفة في نظام التخطيط في الضفة الغربية. وصادر الأمر من المجالس المحلية الفلسطينية حقوقها في التخطيط والبناء.
وكما ورد في دراسة أخرى أجرتها "بمكوم"، هكذا تم تصميم الإطار القانوني للفصل بين نظام التخطيط الضيق والمقيّد، الذي يخص الفلسطينيين، والنظام السخي والمشجع، الذي يخص المستوطنات، لقد رفض نظام التخطيط المشوه هذا استيعاب المجتمعات البدوية المخضرمة التي طُرد سكانها من النقب بعد عام 1948، التي عاشت في المنطقة قبل فترة طويلة من إنشاء المستوطنات.
واعتبرت "هارتس" ان ما وصفته بـ"حصة الأسد" من اقتراح أريئيل قد نجحت بأن تكون حلقة في سلسلة من الخطط والأفكار التي كانت لا تزال سارية المفعول خلال فترة حكومة "المعراخ"، التي تم دفعها بواسطة مخططات بنية تحتية بيروقراطية لإقامة المستوطنات، التي ترجع إلى ما قبل عام 1948.
واختتمت الصحيفة بالقول أن اليوم في ظل الحكومة التي ينشط فيها حزب أريئيل بشكل فاعل، يصبح الطرد الصريح وغير الخفي للفلسطينيين، ممكنا، لكن "حل" طرد الفلسطينيين، أو "الإخلاء"، بعبارة مغسولة، ليس غريبًا على إسرائيل وليس اختراعًا لحزب البيت اليهودي، فعمليات الترحيل الجماعي للفلسطينيين لم تحدث في عام 1948 فحسب، بل بطرق مخفية وخفية، عسكرية وبيروقراطية، منذ عام 1967 فصاعدًا، من قبل حكومات "المعراخ" والعمل.