رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قلب أمه في مكانه الطبيعي.. في قطر!


لم أقل، في العنوان، إن «قلب أمه» على عرش قطر. ومع ذلك، لا توجد مشكلة ولن نختلف، لو اعتقدت أن المقصود هو آخر عنقود العائلة الضالة التي تحكم تلك الإمارة بالوكالة، وليس ذلك الفيلم الكوميدي، الناجح جماهيريًا، الذي حقق المليون العاشر بعد ثلاثة أسابيع من عرضه، والذي أنتجه أحمد السبكي وأخرجه عمرو صلاح ويقوم ببطولته شيكو وهشام ماجد وبيومي فؤاد.

الخميس، احتفل فريق عمل الفيلم بعيد ميلاد «شيكو» في الكويت، أثناء عرض الفيلم هناك. ونشر هشام ماجد بعض صور الاحتفال بعيد الميلاد على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «إنستجرام»، مع «بوستر» يعلن عن عرض الفيلم في دول الخليج: الإمارات، البحرين، عمان وقبل الكويت و«قريبًا في المملكة العربية السعودية»، جاء اسم «قطر». نعم، قطر تلك الإمارة المارقة التي قررت الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب، مقاطعتها بسبب تورطها في دعم الإرهابيين، تمويلًا وتسليحًا وتدريبًا، ووفرت لهم الملاذ الآمن، ووضعت في خدمتهم وتحت تصرفهم عدة وسائل إعلام كـ«الجزيرة» وأخواتها.

مجدي تختوخ (شيكو) يصاب في مشاجرة، ويتم نقله إلى المستشفى في حالة خطيرة، ويحتاج إلى نقل قلب، في الوقت الذي تموت فيه والدة يونس (هشام ماجد)، فيقوم الأطباء بنقل قلب والدة الثاني إلى الأول إنقاذًا لحياته، وبالتالي يتعامل الأول مع الثاني بكل حنان الأم وخوفها عليه. ومع اختلاف ما يحدث في الفيلم عن الحادث في قطر، إلا أن هيئة «الشوال» التي ظهر بها «شيكو» في الإعلان، وهو يحمل بيديه الاثنتين سلاحين آليين، جعلته قريب الشبه بـ«الفتى تميم»، الذي تتطابق حالته، وظروف نشأته ومجمل سلوكياته وتصرفاته مع عنوان الفيلم: «قلب أمه».

قلب أمه، ابن أمه، أو حيلتها، كلها صفات يتم إطلاقها على الشخص الذي تتدخل والدته في كل تفاصيل حياته الشخصية. ويكون ذلك، غالبًا، بسبب تدليل الأم لابنها بشكل يؤثر على شخصيته ويسبب أعراضًا خطيرة تبدأ في الظهور عند بلوغه ٤ سنوات، كأن يكون اتكاليًا لا يجيد التصرف في أمور حياته الشخصية، ولا يتمكن من التخطيط لمستقبله، ويظل يعتمد على والدته حتى بعد زواجه، الأمر الذي يتسبب في كثير من المشكلات تنتهي عادة بالطلاق. ولك أن تقيس على ذلك، حالة فتى مدلل ساقته الأقدار أو أجلسه الاستعمار على عرش إمارة، ليكمل مخططًا أوكل إلى والدته تنفيذه، فاستحق عن جدارة أن يكون قلب أمه، وروح أمه، وابن أمه، الأستاذة موزة!.

الدستور نشرت الخبر، أمس. وتحت عنوان «السبكي يعرض قلب أمه في قطر» كتب زميلنا محمد قدري أن مجموعة من دور العرض القطرية بدأت في عرض الفيلم المصري «قلب أمه»، بعد تعاقد الشركة الموزعة للفيلم في الخليج مع الدوحة، بحجة وجود عدد كبير من المصريين فيها. وأكدت مصادر مطلعة، لـ«الدستور»، أن هناك عدة أفلام مصرية ‏لشركات إنتاج مختلفة تُعرض في قطر، مشيرة إلى أن فيلم «قلب أمه» يعرض في سينمات «نوفو قطر مول»، بواقع ٤ حفلات يوميًا، ويصل سعر التذكرة إلى ٤٥ ريالًا قطريًا.‏

الحاج أحمد السبكي هو نفسه منتج فيلم «جواب اعتقال» الذي تم عرضه في عيد الفطر، العام الماضي. وكان طريفًا وظريفًا أن يضع أعلى إعلان الفيلم شريطًا أسود يقول: «فيلم العيد بجميع سينمات مصر و... و..... ودول الخليج ما عدا قطر». ووقتها قال الحاج أحمد إنه اتخذ هذا القرار، تضامنًا مع مصر والدول العربية، واعتراضًا على دعم الدوحة للإرهابيين، أفرادًا وجماعات، وإصرارها على التدخل في شئون دول المنطقة ومحاولة زعزعة الاستقرار وشق الصف فيها. وأكد أن هذا القرار سيسري على كل الأفلام التي سيقوم بإنتاجها في الفترة المقبلة، ولا يتعلق فقط بفيلم محمد رمضان «جواب اعتقال». وقد تكون صفّقت مثلي للحاج أحمد حين قال: «أنا مع البلد.. أنا مع مصر».

وقتها، أي في عيد الفطر الماضي، التزمت كل شركات الإنتاج بقرار قطع العلاقات مع قطر، إلا شركة الطاهر (ولفت النظر واجب إلى وجود اللام الشمسية، منعًا لحدوث أي لبس). وبالتالي عرضت سينمات دويلة قطر فيلم «عنتر ابن ابن ابن شداد» الذي قام ببطولته محمد هنيدي. وللإنصاف، نضيف أن شركة الطاهر، أوضحت في بيان أنها ليست صاحبة القرار فيما يتعلق بعرض الفيلم خليجيًا، وأنها باعت كل حقوق الفيلم في منطقة الخليج لشركة إماراتية، قبل صدور قرار المقاطعة، وبالتالي فهي ليست مسئولة على الإطلاق عن الدول الخليجية التي تعرض الفيلم. ونقل البيان عن المنتج يوسف الطاهر أنه وباقي صناع الفيلم متمسكون بالثوابت الوطنية المصرية ويرفضون عرض الفيلم هناك، لكنهم في الوقت ذاته لا يستطيعون منع عرضه. ويقتضي الإنصاف أيضًا أن نشير إلى أن محمد هنيدي اعتذر عن عرض فيلمه في قطر، وأعلن في بيان عدم مسئوليته عن ذلك، وأكد أنه تواصل مع الموزع الخارجي لسحب الفيلم من الدوحة.

هنا، قد تكون الإشارة مهمة، وقد لا تكون، إلى أن تلك الإمارة لم تعرف دور العرض السينمائية، إلا بعد سنة ١٩٦٠، وقبلها كانت هناك قاعات صغيرة تعرض أفلام ١٦ مم داخل شركات البترول العاملة في تلك الإمارة أو الدويلة. ومع بداية الستينيات ظهر عدد من دور العرض الصيفية، قبل أن تتأسس سنة ١٩٧٠ شركة قطر للسينما وتوزيع الأفلام، وهي شركة حكومية تتولى الإشراف على دور العرض القائمة، وبناء دور عرض جديدة.

ولأن قليلًا من الجد لا يضر، لا مانع من توضيح أن قطر، كعادتها في كل شيء، حاولت (وتحاول) أن تشتري من ينتجون لها أفلامًا بزعم أنها من إنتاجها، كما أنها ضخت (ولا تزال) أموالًا ضخمة في إقامة مهرجانات سينمائية، كان أبرزها وأفشلها نسخة قطرية أو هزلية، من مهرجان «تريبيكا»، Tribeca، لا أعرف إن كانت لا تزال مستمرة أم توقفت. أما المحاولة الأولى لإنتاج فيلم روائي قطري، فكانت سنة ١٩٨٣، حين قام المركز الخليجي للتدريب الإذاعي والتليفزيوني في الدوحة، بإنتاج فيلم عنوانه «حارس الفنار». وتحت إشراف المخرجَين المصريين كمال أبوالعلا، وفهمي عبدالحميد، اشترك في إخراج الفيلم كل مخرجي التليفزيون في دول الخليج تقريبًا: غافل فاضل، وعامر الزهيري من الكويت.. وعبدالحسن مصطفي من السعودية.. وعبدالغني المنصوري، وحمد بريك عمر من الإمارات.. ومن قطر شارك في إخراج الفيلم نفسه أحمد الشيباني، وراشد الخاطر، وعلي الحمادي، وعلي الجاعوني، وخليفة المناعي، وعبدالله ميرزا.

كل هؤلاء وغيرهم اشتركوا في إخراج ذلك الفيلم الذي دارت أحداثه في فنار يعيش فيه حارسه مع ابنه في عزلة تامة، وبعد زيارة يقوم بها الابن للمدينة يعقره (أي يعضه) كلب ضال، فيصاب بداء الكلب، ويضطر الأب إلى قتله في النهاية. وإياك أن تعتقد أنني أتمنى تلك النهاية لـ«ابن أمه»، الذي عقرته (أي عضته) كل كلاب السكك!.