رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قانون أكثر رحمة للغارمات


أحيانًا يكون عبء الحياة ثقيلًا إلى حد ضياع أسرة بأكملها لضيق ذات اليد فى أساسيات ملحة وضرورية لأغلى الناس.
كثيرًا ما أجدنى أتوقف عند قضية ما فأدرك أن قضايانا كثيرة، وكلها ضرورية وملحة لأنها تتعلق بحياة الناس اليومية وبقضايا مجتمعنا التى لطالما كانت على قمة اهتماماتى.
ولأن لها تبعات وتوابع قد تكون أحيانًا سلبية أو مأساوية فإننى آخذها قضية ثم أخرى عسى أن نجد لها حلولًا لدى المسئولين عن الوطن، وعسى أن تلقى استجابة من المسئولين عن حلها على أرض الواقع. أحيانًا يرسل لى بعض القرّاء قضاياهم فأضطر إلى إرجاء البعض والتطرق إلى القضايا الأكثر إلحاحًا أو حاجة لحلول عاجلة لأنها تتعلق بحياة أسر بأكملها.. وأنا اليوم أتطرق إلى قضية الغارمات لأهميتها.. ولأنها قضية تتكرر وستتكرر ولن نستطيع وقفها بسهولة إلا بتغيير القانون من خلال مجلس النواب الحالى وسرعة إدراج مشروع القانون الجديد للغارمات، حيث يستبدل عقوبة السجن للغارمة إلى القيام بخدمة عامة فى القطاع الحكومى.. وأطالب بأن يُدرج القانون الجديد فى الدورة الحالية لأنها قضية لا تحتمل التأخير ومن الصعب إيقافها لسببين:
أولهما: الفقر الشديد، وثانيهما: الجهل.
فالفقر يجعل ربة الأسرة عاجزة عن سداد قيمة دين تكون قد اقترضته لضرورة قصوى لديها مثل جهاز ابنة لها أو علاج عاجل لزوجها أو عملية ضرورية لابنها.. إنها حاجات أساسية يعجز كثير من الأسر الأشد فقرًا عن سدادها، وحينما يحين موعد الدفع لا تستطيع لضيق ذات اليد فتكون النتيجة الحتمية السجن.. أما الجهل فلأن الأمية تجعل الغارمة توقع على مبلغ يتضاعف دون أن تدرى ذلك.. وهكذا تكون النتيجة أيضا السجن. وهذا يستدعى أن أذكر اللفتة الإنسانية التى قام بها الرئيس السيسى، حيث أصدر قرارًا بالإفراج عن كل الغارمات لقضاء الأعياد فى بيوتهن مع عائلاتهن وتسديد ديونهن من صندوق تحيا مصر.
إن الأم التى تسجن بسبب الفقر وعدم القدرة على استيفاء ضرورات أبنائها من الظلم أن يكون عقابها السجن، لأن معنى ذلك ضياع أسرة بأكملها وضياع سمعتها بعد ذلك ومن الصعب أن تجد عملًا شريفًا بعد السجن لأنها ستظل وصمة عار تطاردها طوال حياتها.. لهذا فإننا فى حاجة إلى إنشاء صندوق دائم يخصص للغارمات ويكون تابعًا لجهة موثوق فى حسن تصرفها ولديها الأمانة والقدرةً على سداد ديون الغارمات.. وعلى إعطاء المعلومة الصحيحة لكل حالة لمن يرغبون فى التبرع لسداد دينها.. فهناك مثلًا أم تم سجنها لمدة ٣ سنوات بسبب ١٠ آلاف جنيه لشراء مستلزمات جهاز ابنتها العروس، وأخرى سجنت بسبب ٢٠ ألف جنيه لعلاج كبد زوجها المريض.. إن هذين مثالان لحالات إنسانية فى حاجة إلى حلول إنسانية وصندوق خاص بالغارمات حتى لا يتم سجن أم بسبب ضيق ذات اليد.. إنها أيضًا قضية مجتمع فى حاجة إلى تغيير الأعراف التى ترهق كاهل الأسر والتوعية بتعليم البنات حتى لا يقعن فريسةً الجهل بالقراءة فيستغل ذلك المرابون والمستغلون للأشد فقرًا.. إن وجود صندوق خاص يعنى أيضًا الكرامة والستر للغارمات إذا ما اشتدت الضائقة بهن وعجزت عن تسديد الدين.. إن هذا أيضًا غطاء للحماية الاجتماعية للأشد فقرًا.. وانعكاس لمبدأ التكافل الاجتماعى ويمكن أن تتولى ذلك جهة أمينة وبشكل دورى من التبرعات والدعم من القادرين أو الراغبين بما يضمن ستر الغارمة وتكون لديها معلومات أمينة عن كل حالة.. والأهم من هذا أن تتغير العادات والأعراف الاجتماعية القديمة وعدم المغالاة فى جهاز العروس أو العريس ليكون جهاز العروس أكثر بساطة وأقل كلفة وأن تكون مساهمة مشتركة من العروسين طبقًا للأحوال المادية لكليهما.