رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى ميلاده.. لماذا دافع "فوكو" عن علي شريعتي؟

فوكو
فوكو

ذكر الباحث الأكاديمي في الجامعة التونسية٬ ومدير ملتقى ابن خلدون للعلوم والفلسفة والأدب زهير الخويلدي، أن الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله الـ34، أن فوكو كان قد عمل مراسلا صحفيا لجريدة الأوبزرفر٬ إبان الثورة الإيرانية 1978.

وتساءل الخويلدي مستنكرا: "كيف يدافع أحد أهم دعاة التحررية والمثلية الجنسية عن الثورة الدينية، ويتسامح مع عودة الأنظمة الثيوقراطية التي حسمت الحداثة الغربية المعركة معها منذ الثورة الفرنسية بإبعاد سلطة الكنيسة عن التدخل في الشأن العام؟"

وتابع: "البعض يفسر سر افتتان فوكو بما حدث في إيران بكونه كان ضحية غواية الصورة الشبقية التي قدمها الاستشراق عن سحر الشرق وجماله، وتعدد مجالات تحقيق الرغبة وتنشيط الخيال، وإطلاق عنان الغرائز فيه، لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، إذ يطبق فوكو هنا منهجه التشخيصي، ويستعين بمسبره الأركيولوجي ومنهجه البنيوي لقراءة الواقع الاجتماعي والمستقبل السياسي لأكبر دولة نفطية في الشرق، تحاول التحرر من هيمنة شيوعية السوفييت وإمبريالية الأمريكان".

ويذكر فوكو، المفكر الإيراني علي شريعتي بأنه: "من الذين هتف الناس باسمه زمن الثورة ورفعت صوره في الشوارع وكتب اسمه بالبنط العريض في التاريخ"، ويلمح إلى أن التنوير الغربي لم يصدِّر فقط إلى الشرق الاستعمار والإمبريالية والنخبة الراعية للاستبداد، بل كوَّن المفكرين الشرقيين الأحرار الذين يؤمنون بالتغيير وينهضون بشعوبهم نحو الأفضل.

ويسمي فوكو، شريعتي، بالحاضر الغائب، ويقر بصداقته له، ويبدى إعجابه بالمفكر، قائلا: "عند هذه النقطة نلتقي بشبح يتصيد كل الحياة السياسية والدينية في إيران اليوم، إنه شبح "علي شريعتي"، إنه الرجل الذي منحه موته قبل عامين هذا المنصب الرفيع في الإسلام الشيعي، منصب الحاضر الغائب. أثناء فترة تواجده في أوربا للدراسة، كان علي شريعتي على اتصال مع قادة الثورة الجزائرية، ومع حركات مسيحية يسارية عديدة، ومع تيار من الاجتماعيين اللا ماركسيين. وقد حضر محاضرات عند جورج جيورفيتش، كما قرأ علي أعمال فرانز فانون، إضافة إلى لويس ماسينيون".

وحسب فوكو، لم يقترب الفكر في هذا الزمن من الأرض الشرقية، ولم يلهم الجماهير شخص، قدر اقتراب علي شريعتي منهما، والغريب أنه دخل باب الثورة متمردا على العقيدة بكل الطقوس والشعائر وما تتصف به من انتظارية وقعود، بل إن تحاليله خالية من كل روحانية وغيبية ومشبعة بالدنيوية والواقعية والأفكار العلمانية والليبرالية وخاصة المبادئ الاجتماعية، ألم يبشر بالمجتمع التوحيدي ودعا إلى الوعي التاريخ الحي والتسلح بالنباهة الاجتهادية لمواجهة النزعات المغلقة والأفكار التقليدية؟