رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوسف إدريس اعتبرنى أستاذه

اعترافات الأديب بائع السجائر.. محمد حافظ رجب: محفوظ قلّدني في "ثرثرة فوق النيل"

محمد حافظ رجب
محمد حافظ رجب



فى الطابق الثانى بإحدى عمارات حى «الورديان» بالإسكندرية، يقيم محمد حافظ رجب، رائد الحداثة فى القصة القصيرة العربية، الذى قال عنه يحيى حقى إنه يسبق زمنه بـ٣٠ سنة. ومع أن أعمال «رجب» تُرجمت إلى الإنجليزية والروسية والألمانية، إلا أنه صار نسيًا منسيًا داخل وطنه، خاصة ممن عرفوه، بسبب عدم وجوده على الساحة الأدبية منذ سنوات، لكنه رغم ذلك لم يتخل عن جرأته وصراحته التى ظهرت خلال حواره فى السطور التالية.

من سيرته، يتذكر أنه كان من المؤسسين لـ«رابطة أدباء القطر المصرى فى الإسكندرية»، إلى جانب «رابطة كتاب الطليعة»، كاشفًا أن أعضاء الأولى كانوا ينشرون قصصهم فى كل الجرائد، وكان يرأسها «صبى مصوراتى» اسمه «زكريا محمد عيسى»، وقال عنها لطفى الخولى: «سيخرج منها مستقبل القصة».
سألته: «هل يزورك أحد؟».. أشاح بوجهه ثم عاد حاملًا الإجابة: «آخر مرة زارنى ١٠ أدباء، وكانت من أجمل الزيارات، وكرمونى فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وبعد أن كنت أظن أنهم نسونى ولم يعد أحد يتذكرنى، عرفت أننى حى فى عيونهم، كما زارنى الروائى منير عتيبة، وهند بكر، التى كانت تعد فيلمًا تسجيليًا عنى».
ومن حكايات القاهرة، يستدعى «رجب»، ذهابه ذات مرة إلى ندوة كان فيها يوسف إدريس، يجلس فوق المنصة، وحين رآه عرفه وقام ثم قال له: «أنت أستاذى»، ثم دعاه للجلوس معه على المنصة.
لكن أديبنا رد عليه قائلًا: «لقد شاركت فى ذبحنا»، فما كان من «إدريس» إلا أن قال: «أنت كاتب موهوب جدًا يا رجب، وعلمت الآن لمَ لم تأخذ حقك، أنت لديك عقدة المظلوم».
ثم فتح كتاب الأعمال الكاملة لإبداعاته، وأشار إلى قصة قصيرة جدًا به، وقال: «أنا أول واحد فى مصر نشر الأقصوصة»، لافتًا إلى أنها كانت بعنوان «المدفع»، وبجوارها تعليق من فتحى غانم يشيد بالقصة: «على الرغم من قصرها، فإنها مكتملة الأركان».
سألنى «رجب»: «هناك كاتب صعيدى كبير»، ثم وضع يده على جبهته، وحين تذكر أنه كان يعمل فى مجمع اللغة العربية، قلت: «محمد مستجاب»، ففرح، وقال: «نعم، كان مستجاب صديقى ويراسلنى أيضًا، وكتب لى الكثير من الخطابات، وجاء إلى الإسكندرية وجلسنا معًا كثيرًا على المقهى».
ثم مصمص شفتيه وقال: «كان أديبًا جميلًا»، ثم فتح كتاب سيرته الذاتية «الجزء الأول» وأشار إلى رسالة من محمد مستجاب، كان أولها: «أستاذى وأخى الكبير محمد، سعدت بخطابك، سعدت أكثر بمجرد إعلانك المفرح لعودتك، سواء للكتابة أو للحياة، وآمل أن تتحملنى فلا تنزعج منى، فأنت رجل أكثر مما يجب».
ثم أخذ يقلب الجزء الثانى وأشار إلى رسالة يحيى حقى: «عزيزى الأستاذ محمد حافظ رجب، قبل أن أقول لك إنى زعلان منك، أقول لك كل سنة وأنت طيب بمناسبة العيد، ولا تحاسبنى لأنى لم أقلها لك بمناسبة رمضان، لأنه لم يكن هناك أى سبب لأن أكتب إليك فى رمضان، أما الآن فالسبب هو أنى فرغت من قراءة قصتك ولكنى نسيت أن أخبرك لماذا أنا زعلان منك».
وأضاف: «السبب هو أننى كنت أنتظر منك ولو كلمة بعد هذا التعليق الغريب الذى قرأته على قصتك فى مجلة (المجلة)، كنت أريد أن أشرح لك أن تعليقى كان من صفحة ونصف الصفحة فأكلت المطبعة الصفحة وجاء النصف غير مفهوم، لم يستخسر أحد من القراء، ولا حتى أنت أيها المؤلف حتى ولا أنا ولكن كان لا بد من صفحة رثاء للصفحة الفقيدة، كنت أريد أن أقولها لك لأننى لا أملك ثمن نشر نعيها فى الأهرام».
تطرق «رجب» بعد ذلك إلى أشهر جملة قالها: «نحن جيل بلا أساتذة» ومعاركها، فقال: «دخلت بيها فى معارك عديدة، وعملت (أزعرينة) فى الوسط الثقافى». ثم قلب فى كتابه وأخرج حوارًا قديمًا أجراه معه يوسف القعيد عام ١٩٩٢، وأشار إلى إجابة له ردًا على سؤال «القعيد»: «هل صحيح أن محفوظ حاكمك بعد صيحة (نحن جيل بلا أساتذة) فى الستينيات؟».
وكانت الإجابة: «نعم.. فى ندوة نجيب محفوظ بنادى القصة، قال لى: يا حافظ.. ما نوع ما تكتب؟، ما نوع الشكل السريالى الجديد الذى تكتبه؟، أنت تقول إنك من الأساتذة وأنا ظللت ١٥ سنة فى رحاب سلامة موسى الذى أعده أستاذى، فما معنى الأستاذية والسريالية التى تكتبها؟».
وأضاف «رجب» أنه بعد عامين كتب «محفوظ» روايته «ثرثرة فوق النيل»، معتبرًا إياها دليلًا على تأثر «أديب نوبل» بكتاباته، بجانب تأثر سعدالدين وهبة هو الآخر بهذه الكتابة فى مسرحيته «السبنسة».
وفى نهاية حكاياته، قال محمد حافظ رجب إنه لا يريد إلا جائزة الدولة التقديرية.