رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد عامر: بورصة العقود والسلع تسهم فى توحيد الأسعار

أحمد عامر
أحمد عامر

- العضو المنتدب لـ«أسواق فاينانشيال» قال إن الفكرة تجذب الاستثمارات وتقضى على الاحتكار
- الدولة انتهت من إنشاء العديد من الصوامع والشون خلال الفترة الأخيرة
- أقترح أن يكون إنشاء بورصة العقود عن طريق كيان تابع لـ«المركزى»
- تسعير السلع المستوردة يخضع لـ«المناقصات» والبرازيل وماليزيا أقرب النماذج الاقتصادية لـ«مصر»

قال أحمد عامر، العضو المنتدب لشركة «أسواق فاينانشيال»، المتخصصة فى بورصات العقود والسلع على مستوى العالم، إن السوق المحلية تحتاج إلى إنشاء بورصة للسلع والعقود، بهدف ضبط أسعار السلع وتوحيدها على مستوى الجمهورية، والقضاء على احتكارها بمراقبة الأسواق.
وطالب «عامر»، فى حواره مع «الدستور» مسئولى هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية بتحديد الآليات والضوابط المناسبة لطبيعة السوق المحلية، قبيل البدء فى تنفيذ بورصة العقود، وعلى رأسها ضبط منظومتى النقل والتخزين.

■ بداية.. لماذا تحتاج مصر إلى بورصة للسلع والعقود؟
- بورصة السلع تهدف فى الأساس إلى ضبط آلية تسعير السلع، ومصر تحتاجها لكون السوق المحلية استهلاكية من الدرجة الأولى وكبيرة للغاية، فضلا عن حجم الواردات من السلع الاستراتيجية، بسبب ارتفاع الكثافة السكانية التى تجاوزت الـ١٠٠ مليون نسمة، وأدى ذلك إلى ضعف الرقابة على الأسواق، ومن ثم «انفلات» أسعار السلع، وجعل السلعة الواحدة تباع بأكثر من سعر فى المنطقة الواحدة.
■ كيف تسهم بورصة السلع والعقود فى حل تلك الأزمة؟
- بورصة السلع والعقود ليست مسئولة عن عملية التسعير الجبرى أو الإلزامى، لكنها ستعمل على توحيد الأسعار على مستوى الجمهورية فى نفس التوقيت، لذا تعد الوسيلة الأفضل لضبط الأسعار.
■ هل يمكن حدوث ذلك ونحن نستورد من الخارج بالأسعار العالمية؟
- لدينا نوعان من السلع، أولهما المستوردة، التى لا نستطيع التحكم فيها لكونها مستوردة بأسعار عالمية، لكن يمكننا تفعيل تسعير داخلى، عن طريق تنظيم حلقة التداول من المستورد لتجار الجملة ثم التجزئة وصولًا للمستهلك الذى يتحمل «فاتورة» تلك التداولات.
أما السلع المصدرة، وعلى رأسها الأسمدة والبرتقال والفراولة، فيمكن استغلالها فى توسيع نطاق الاستثمارات، وجذب رءوس أموال جديدة، وتشغيل عمالة بصورة أكبر.
■ ما حقيقة استخدام هذه البورصات فى فرض سياسات دولية عبر التلاعب بالأسعار؟
- هذا صحيح، لأن جميع الآليات متاحة فى مثل تلك الأسواق المفتوحة، وعلى سبيل المثال تعد السوق الأمريكية هى الأكبر والأهم على مستوى العالم فى بورصات العقود والسلع، بداية من ١٨٤٨، حتى أصبحت المتحكم فى عمليات تسعير السلع على مستوى العالم.
■ لماذا لم تقم بورصة السلع والعقود حتى الآن رغم الإعلان عنها أكثر من مرة؟
- منذ ٤ سنوات، والبورصة ووزارة التموين والغرف التجارية، تبذل مجهودات كبيرة لإقامة بورصة السلع والعقود، لكن دون تفعيل على أرض الواقع، لكون المسئولين عنها يفتقدون «التدريبات الكافية»، ويتطلب ذلك البدء فى تنظيم دورات تدريبية لجميع مسئولى الجهات المتصلة ببورصة العقود، سواء فى وزارات التموين والنقل والاتصالات، أو أصحاب الشركات والسماسرة، وصولًا إلى من ينفذون التداول والعقود.
■ هل يعنى هذا ضرورة إنشاء كيان منفصل ومستقل بذاته لتلك البورصة؟
- نعم. على الجهات المسئولة إنشاء كيان مستقل لتلك السوق الضخمة، يكون منفصلًا تماما عن سوق الأسهم المعمول به حاليا، وذلك لتحقيق جدواه الاستثمارية، فضلًا عن ضرورة عدم ربط البورصة بعمليات التداول فقط، وإنما بالسلعة نفسها.
■ كيف يمكن لبورصة السلع المصرية أن تنجح؟
- الخطوة الأولى -كما قلت- إنشاء كيان منفصل لتلك البورصة يضم مجموعة من الكوادر، وربطه بالجهات ذات الصلة، مثل الهيئة العامة للرقابة المالية ووزارة التموين والبنك المركزى، على أن يكون هذا الكيان بديلًا لـ«هيئة السلع التموينية»، المسئولة عن شراء السلع الاستراتيجية، ويحكمها قوانين تعوق أداءها، وعلى رأسها قانون المزايدات والمناقصات، والنقص الواضح فى الكوادر.
وسيحتوى هذا الكيان على نظام رقابى وآخر معلوماتى يقوم على قاعدة بيانات ومعلومات عن الأسعار، تزود بها جميع منافذ السلع، خاصة أن البورصة فى الأساس مرتبطة بالمعلومات، ما سيؤدى فى النهاية لتوفير أموال ضخمة للدولة.
■ كيف يتحقق ذلك؟
- تسعير السلع المستوردة من الخارج يخضع لـ«المناقصات»، فعلى سبيل المثال تشترى مصر القمح بـ٢٢٥ دولارا عن طريق «مناقصة»، يؤدى الإعلان عنها إلى ارتفاع الأسعار عالميًا، باعتبار مصر أكبر مستهلك للقمح فى العالم.
ومن العوامل الأخرى التى تؤدى إلى نجاح بورصة السلع، تدريب الجهات ذات الصلة، مثل وزارات التجارة والاستثمار والتموين، بجانب منظومة النقل التى تحتاج إلى تطوير وتهيئة خاصة.
■ ما الآليات التى لا يمكن الاستغناء عنها فى إنشاء بورصة السلع؟
- لا يمكن إقامة بورصة السلع، إلا بوجود منظومة لوجستية شاملة، بها كيان معلوماتى ورقابى واع، ونظام لمتابعة الجودة، بجانب ما يتعلق بتجهيزات البنية التحتية من نقل ومناطق تخزين وغيرها.
■ ماذا عن الإطار التشريعى المطلوب؟
- ينبغى سن قانون خاص ببورصة السلع للعقود، يسمح بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، عن طريق مشاركة شركات الموردين الكبرى العالمية أو المصرية، لكن دون منافسة.
وبدأت الحكومة بالفعل فى الدخول فى عملية استيراد القمح والزيت، حتى إن هيئة السلع التموينية استوردت ٧ ملايين طن قمح من أصل ١٠ ملايين، والباقى للقطاع الخاص، بعد أن كان يحدث العكس فى السابق.
■ هل سيكون للبنك المركزى دور فى إنشاء بورصة السلع والعقود؟
- بالطبع.. وهناك مقترح بأن يكون ذلك عن طريق إنشاء كيان تابع للبنك يقوم بدور الممول، وهو ما يحدث فى مختلف دول العالم، التى تكون تداولاتها تحت أعين بنوكها المركزية.
■ فى رأيك.. هل السوق المحلية قادرة على استيعاب بورصة السلع؟
- مصر تحتاج مرحلة من الوقت لكى تستوعب بورصة السلع، لوجود عدد من المظاهر التى تتعارض مع طبيعة عملها، من بينها أن كل تاجر يبيع السلعة بالسعر الذى يريده، أما إذا أسسنا تلك البورصة ودعمناها بالمعلومات والبيانات، فإن ذلك سيؤدى إلى الشفافية والتحكم فى الأسعار وتوحيدها.
■ كيف يستفيد مناخ الاستثمار منها؟
- سيستفيد الاستثمار من تلك البورصة، عن طريق سماحها بدخول المشتقات المالية الجديدة، بعد استقطاب رءوس أموال بعيدة عن السوق المصرية حاليا بسبب عدم وجود بورصة سلع أو عقود. ومن هنا تأتى أهمية تلك البورصة فى جذب استثمارات جديدة، عربية وأجنبية وحتى محلية.
■ لكن هل يوجد مستثمرون جدد ينظرون إلى مصر على أنها سوق جيدة؟
- بالطبع.. وستسهم البورصة -كما قلت- فى جذب مستثمرين جدد فى البضائع المحلية التى تنتجها مصر، ما يؤدى إلى ضخ العملة الصعبة، وهو أمر يتطلب وجود كيان معلوماتى يخدم المستثمر الأجنبى، ويتمثل فى بورصة السلع.
والمستورد بطبيعة الحال يلجأ إلى السوق المحلية من خلال تداول السلع، كما يمكن أن يتجه المستثمرون إلى إنشاء كيانات استثمارية لهم فى مصر، سواء فروعًا لشركات، أو مصانع، أو مناطق صناعية، وسيسهم ذلك فى جذب العمالة الأجنبية، ودعم الاحتياطى النقدى الأجنبى، وتشغيل عمالة، وخفض البطالة.
■ هل بورصة السلع ككيان تسهم فى تشغيل عمالة؟
- لا.. لكن تسهم فى ضخ استثمارات مباشرة وغير مباشرة، من خلال إنشاء كيان معلوماتى للمستثمر الأجنبى، وظهور مشتقات مالية ومشروعات جديدة وعقود لبعض السلع مثل الفوسفات والبرتقال، ومن ثم توفير عمالة فى تلك المشروعات.
■ ما أبرز السلع التى سيتم تداولها فى بداية البورصة السلعية؟
- هناك نظامان سيتم العمل بهما فى البورصة، داخلى وخارجى، أى نظام للسلع التى نستوردها، وآخر للتى يجرى تصديرها، وسنستفيد من الأول فى عمليات التسعير، فعلى سبيل المثال استيراد السكر وغيره من السلع الرئيسية، يلزمه التسجيل فى بورصة السلع.
■ هل لدينا «شون» مؤهلة لاستقبال السلع؟
- بالفعل.. الدولة انتهت خلال الفترة الأخيرة من إنشاء العديد من الشون والصوامع فى بعض الموانئ مثل دمياط، والأمر ليس بكثرة عدد الصوامع والشون، وإنما بمن سيديرها إدارة صحيحة، وأرى ضرورة مشاركة القطاع الخاص فى ذلك.
■ وماذا عن دور البورصة السلعية فى مواجهة المحتكرين؟
- البورصة السلعية ستقلل عدد المحتكرين، بسبب إتاحتها آلية ونظاما يكشفان جميع حلقات التداول، لذا نواجه بعض التحديات أمام إنشائها، داخلية من بعض التجار المحليين الذين يرفضون وجود تلك البورصة، وخارجية تتمثل فى إمكانية التحكم فى مصير أمة عن طريق التلاعب فى أسعار السلع.
■ لكن أين الحكومة من هؤلاء التجار إذا ما ارتكبوا أى عمليات تلاعب فى الأسعار؟
- يمكن للتجار أن يدخلوا بورصة السلع، وممارسة العديد من «المضاربات»، وإشعال أسعار السلع لغرض ما، وهو ما يجب تداركه من قبل الجهات الرقابية، سواء الحكومية أو الرقابية، وعلى رأسها هيئة الرقابة المالية والبنك المركزى.
■ هل نجحت اقتصاديات أخرى شبيهة بمصر فى بورصة العقود والسلع؟
- البرازيل أبرز الأمثلة وأقربها إلينا، فهى تملك الآن بورصة سلع وعقود، بعد أن بدأت النهضة الزراعية منذ ٨ سنوات، بجانب ماليزيا التى أصبح لها بورصة سلع وعقود من خلال منتج واحد، يتمثل فى استخراج وتصنيع زيت النخيل، لذا يمكن أن تنافس مصر بسلعة واحدة، كالأسمنت والأسمدة والفوسفات.

هل يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الرئيسية؟
- نعم يمكننا ذلك، من خلال التوسع فى المساحات المزروعة منه، ما يسهم فى تخفيض الاستيراد من الخارج، وحال وجود بورصة عقود وسلع سيتم تداول القمح فيها، ما يؤدى إلى دعم الجنيه من خلال زيادة الطلب عليه عالميًا.