رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث مغربى يكشف أسرارا جديدة عن انتقال التصوف إلى إفريقيا وأوروبا

عبدالرحيم السنى
عبدالرحيم السنى

قال عبد الرحيم السنى، الباحث فى الشؤون الصوفية بالمغرب: إن التصوّف وجد طريقه إلى قارة أوروبا والأندلس منذ القرن الثاني للهجرة، وذلك تحت تأثير الاتصال بحركة التصوف عبر الشمال الإفريقي أو عن طريق الصلات المباشرة مع المشرق الإسلامي، فكانت حركة العلماء لا تنقطع، فهناك من غادر الشام للإقامة في الأندلس، كما كان علماء الأندلس يقصدون شبه الجزيرة العربية لأداء فريضة الحج فيتصلون بالمتصوفة في مكة والمدينة، ويسافرون للتباحث مع علماء ومتصوفة العراق وبلاد الشام وبلاد فارس، وازدهر التصوف في إسبانيا "بلاد الأندلس" بدخول القرن السابع الهجري وأصبح محيي الدين بن عربي أحد رؤوس الصوفية حتى لقب بالشيخ الأكبر.

وتابع السنى: "لاقى التصوف ازدهارا واسعا، وهو ما تؤكده عشرات الأسماء التي ورد ذكرها في المصادر التاريخية، من أمثال موسى بن عمران الميرتلي، وأبو الحجاج يوسف الشبربلي، وأبو عبد الله بن المجاهد، وأبو عبد الله قسم، وأبو العباس العرياني، ونونة فاطمة بنت أبي المدني القرطبية، وأبو عبد الله الشرفي، وأبو عبد الله محمد الخياط، وأحمد الحزاز، وأبو علي حسن الشكاز، وعبد الله المالقي".

وأضاف أن من متصوّفة الأندلس الأوائل الذين نالوا قدرًا من الشهرة "ابن سبعين، وابن عباد الرندي الذي كان صوفيا على الطريقة الشاذلية، وقام بشرح كتاب الحكم لابن عطاء الله السكندري، ويظهر أنه ترك أثرا واضحا في المصطلحات التي استعملها الصوفي المسيحي المعروف بالقديس يوحنا الصليبي وأتباعه المسمون بأهل النور، ومن دلائل ذلك استعمال الشاذلية وأهل النور لفظي "البسط" و"القبض" بمعنى النور والظلام، وكذلك زهد الفريقين في الكرامات.

وأوضح السنى أن المتصوفة تركوا فى الأندلس أثرا لا يُمحى في تاريخ المسيحية في أوروبا، وهو ما يظهر جليا في كتابات رايموند ليوليو الصوفي النصراني الميورقي، الذى اعتمد على كُتَّاب المسلمين، خصوصا ابن عربي، وتتجلى في كتابات ليوليو رقة ظاهرة للمسلمين تولدت من دون شك من مداومته على قراءة الكتب العربية، فقد كان يرمي إلى أن ينقل إلى النصرانية طائفة مما جرى عليه المسلمون من تقاليد دينية، فدأب على استهلال رسائله باسم المسيح، لأن المسلمين يستهلون كتبهم باسم محمد، وقام بفصل الرجال عن النساء في الكنائس وهو يمتدح في المسلمين إخلاصهم لدينهم، وأراد أن تتلى أسماء الله في الكنائس كما يرتل المسلمون القرآن في المساجد، وهو يؤكد في كتابه "بلا نكرنا" أنه ألف كتاب "الصديق والمحبوب" على طريقة الصوفية، ولا يبعد أن يكون ألف على نهج ترجمان الأشواق لابن عربي.

وأشار إلى أن التصوف انتشر فى قارة إفريقيا من خلال قوافل التجار العرب، وقبائل الطوارق التى تعتبر من أكبر الجماعات والقبائل التى اعتنقت الفكر الصوفى خاصة فى السنغال وموريتانيا وجيبوتى ونيجيريا.