رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كُن زاهدًا تنعم براحة النفس


«ما قل عمل برز من قلب زاهد ولا كثر عمل برز من قلب راغب».. ثمة ثلاثة معان لهذه الحكمة، الأول ظاهرى ويقول إن كل من يقوم بعمل ويرغب فى سلطان أو جاه أو شهرة مقابل هذا العمل، سيحصل عليه بصعوبة لأن تفكيره يجعله يغفل عن التفاصيل والأداء المتقن، أما الزاهد فإنه يجتهد بغض النظر عن المقابل.
أما المعنى الباطنى فهو أن زهدك يقودك إلى ما ترغب دون طلب، لأن الله معطٍ وهاب.
فى حين أن المغزى النفسى منها هو «الوسطية»، فالعمل مع الزهد هنا هو الوسطية، وهو ما ينقض الاعتقاد الخاطئ بأن الزهد لا يرتبط بالعمل.
وغالبا ما يكون لدى المهتمين بالمسار الروحى فكرة زائفة عن الزهد والنسك، ويجرى تقديم تجاوزات الزاهدين التاريخية كذريعة للتخلى عن كل جهد وعدم القيام بأى شىء.
لكنه من الضرورى إيجاد مسار وسيط بين هذين النقيضين، وللقيام بذلك، علينا أولا أن ندرس الزهد المفرط فى العمق، ثم نذهب إلى تحديد الزهد الصحيح، وهذا يتمثل فى كيفية فصل النفس عن الجسد دون سوء معاملة الجسد.
والزهد ليس معناه البعد عن العمل والحياة، ولكنه يعنى الإيثار.
ويقول أبويزيد البسطامى: «ما غلبنى أحد ما غلبنى شاب من أهل بلخ! قدم علينا حاجًا فقال لى: يا أبا يزيد، ما حد الزهد عندكم؟ فقلت: إن وجدنا أكلنا، وإن فقدنا صبرنا، فقال: هكذا كلاب بلخ عندنا، فقلت: وما حد الزهد عندكم؟ قال: إن فقدنا شكرنا، وإن وجدنا آثرنا».
ويقودك الإيثار والزهد إلى خدمة الآخرين، والتعاطف مع أصحاب المِحن دون انتظار مقابل.
وقد رأى خبراء آخرون أن الأعمال الإيثارية تساعد على تخفيف المشاعر السلبية الناجمة عن مراقبة شخص آخر فى محنة، وهى فكرة يشار إليها باسم «نموذج الإغاثة السلبى».