رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ملك يوتيوب».. الحاج الضوي: حليت مشاكل الصعيد بالنكتة والإفيه (حوار)

الحاج الضوي
الحاج الضوي

أنهيت خصومة ثأرية.. أعدت طفلة تائهة إلى أهلها وجمعت تبرعات لمستشفيات الأورمان

الدراما تتعمد تهميش «الصعايدة» لصالح جنسيات أخرى.. ولا أسعى إلى الشهرة

‏50 ثانية على «يوتيوب» وراء شهرتى واللهجة ساعدتنى على الانتشار والوصول للعالمية


قال حمدى الغبرى، الشهير على مواقع التواصل الاجتماعى بـ«الحاج الضوى»، إن فيديوهاته، التى بثها عبر موقع «يوتيوب» ساهمت بصورة كبيرة فى حل مشاكل ‏مجتمع الصعيد وتقويم سلوكياته، خاصة بعدما لاقت رواجًا شعبيًا وتجاوبًا من المسئولين. «الغبرى»، هو «أشهر صعيدى فى مصر»، كما يلقبه متابعوه، وظف موهبته ‏الفنية فى تصوير فيديوهات تهدف إلى تغيير السلوكيات الخاطئة لأبناء الصعيد، وحقق حضورا كبيرا ومشاهدات تجاوزت ملايين المرات. وأضاف «الضوى»، خلال ‏حواره مع «الدستور»، أنه فوجئ بشهرته التى تخطت حدود مصر، مؤكدًا أن اللهجة الصعيدية كانت سببًا فى ذلك، لأنها تدخل قلوب المتلقين دون استئذان، معربًا فى ‏الوقت ذاته عن غضبه من الأعمال الدرامية المصرية، التى تصر على إظهار الصعيدى فى دور «الغبى»، على عكس الحقيقة. ‏

‏■ كيف بدأت فكرة «الضوى»؟
‏- منذ عامين، وتحديدًا عندما قررت إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، أطلقت عليها اسم «خى خيانو»، كنت أنشر عليها مقاطع من التراث الشعبى وأكتب قصصا باللهجة ‏الصعيدية، وشيئًا فشيئًا فوجئت بالإقبال الكبير، وزيادة عدد متابعى الصفحة، ومن هنا فكرت فى تصوير فيديو.‏
‏■ هل كان ذلك سبب شهرتك؟ ‏
‏- بالطبع، فالفيديو الذى كانت مدته ٥٠ ثانية، نشرته على الصفحة، وخلال يومين، تجاوز المليون مشاهدة، وعلى الفور، نصحنى «أدمن» صفحة «بوابة الصعيد» بمناقشة مشاكل جنوب مصر من ‏خلال الفيديوهات، وهو ما حدث بالفعل، عندما قررت مناقشة مشاكل الصعيد فى إطار كوميدى، على أمل أن يراها المسئولون ونكون بذلك خطوة على طريق حل هذه المشاكل التى استعصت فترة ‏كبيرة.‏
‏■ ما أول مشكلة طرحتها فى فيديو؟ ‏
‏- لا أنسى ذلك الفيديو أبدًا، أتذكر جيدًا أننى تحدثت خلاله عن مشكلة «مرشح» المياه الذى تعطل فى قرية السمطة التابعة إداريًا إلى محافظة قنا، وغمرتنى السعادة عندما علمت أن المسئولين ‏تجاوبوا، وسعوا إلى حل الأزمة، عندها شعرت بأن الفيديوهات التى أنشرها تلقى صدى كبيرا.‏
‏■ معنى ذلك أنك اهتممت بمشاكل البنية التحتية فقط؟ ‏
‏- بالطبع لا، سعيت بالتوازى مع حل مشاكل القرى والنجوع إلى تقويم سلوكيات الصعايدة، ومواجهة مشاكل الشباب، مثل «قائمة الزواج» والغش والتحرش وغير ذلك من السلوكيات التى افتقدها ‏المجتمع الصعيدى فى الفترة الأخيرة، وحرصت أن تكون الفيديوهات باللهجة الصعيدية الدارجة.‏
‏■ لكن مفردات اللهجة الصعيدية صعبة.. ألم تخش عدم تجاوب الناس معها؟
‏- سأحكى لك موقفا حقيقيا، أثناء تقديمى عرضا فى قصر ثقافة الأقصر، وقفت سيدة مغربية الجنسية تشاهد العرض، ولم تصدق أننى «الحاج الضوى»، اكتشفت وقتها أن هناك الكثير من ‏مواطنى الدول العربية يتابعوننى، وعلمت كذلك أن فرقة «الإخوة أبوشعر» السورية للإنشاد الدينى، معجبة جدًا بالفكرة، ويحتفظون بعدد كبير من فيديوهاتى على هواتفهم المحمولة.‏
وأتذكر أننى قابلت الكثيرين فى القاهرة، اعترفوا بأن سبب نجاح الفكرة يرجع إلى اللهجة.‏
‏■ على ذكر المسلسلات.. هل نجحت الدراما فى تجسيد واقع الصعيد وأهله ولهجته؟
‏- بالتأكيد، لكن حتى الآن لا أعلم لماذا لا يستعين صناع الدراما المصرية بالصعايدة، هل نضب الصعيد من المواهب، للدرجة التى يلجأون فيها إلى ممثل سورى هو جمال سليمان، ليؤدى دور ‏الصعيدى، الطبيعى أن تكمل اللهجة والمعرفة بعالم وتقاليد الصعيد الموهبة.‏
‏■ إذًن.. هل فكرت فى تقديم أفكارك من خلال الدراما؟
‏- طبعًا، لكن هناك تهميشا لدور الصعيد، فمثلا عرضت على أدوار فى مسلسلات، مجانا بلا أى مقابل، وكانت للأسف تكرارا لشخصية الصعيدى النمطى، التى دأبت الدراما على تقديمها، ‏يظهرونه وكأنه شخص ساذج وغبى، وهذا عكس الحقيقة، لذلك رفضت كل ما عرض علىّ من أدوار. ‏
‏■ لكن هذا قد يؤثر على شهرتك؟
‏- لا تهمنى الشهرة، أنا مهتم بأن تصل رسالتى إلى الناس بشكل أو بآخر، وكان توجهى إلى «يوتيوب» لأنه نافذة بديلة، والحمد لله القناة متصدرة نسب المشاهدة، على سبيل المثال فيديو «القايمة» ‏تجاوز ٢٠ مليون مشاهدة حتى الآن.‏
‏■ معنى ذلك أنك تنتظر فرصة لائقة للمشاركة فى عمل درامى؟
‏- نعم، لكن ليس لدى التمويل ولا الخبرة، أنا مثل الآخرين، أحتاج إلى توجيه وإشارة مخرج، ولو جاءت الفرصة فى الدراما سأجسد الدور، بشرط ألا يهين صورة الصعيدى.‏
فى الحقيقة لا أقدر أن أجسد عملا ضد رؤيتى، وما رفضته كان بسبب هذا الأمر، وهناك الكثير من الفنانين الذين أشادوا بما أقدمه، منهم غادة رجب وطارق الدسوقى ومحمود حميدة ومصطفى ‏الدمرداش، وشعبان عبدالرحيم، وعبدالباسط حمودة.‏
وعُرضت علىّ المشاركة فى فيلم «كهربا»، من خلال دور كبير، ولكن ظروف وفاة والدتى حالت دون إتمام ذلك.‏
‏■ ألم تخش اختفاء شخصيتك الحقيقية خلف شخصية «الحاج الضوى»؟
‏- فى الحقيقة، بدأت بأسماء مختلفة، منها على سبيل المثال «الحاج حسين» وغيره، وبعد فترة فكرت فى اختيار اسم معين، يكون له رنة موسيقية ونابعًا من قلب الصعيد، وفعلا، وفقنى الله فى ‏اختيار اسم «الحاج الضوى»، الذى كان سببا من أسباب نجاح الفكرة.‏
أما عن طغيان الاسم على، فقد حدث ذلك بالفعل، حتى وصل الأمر إلى أن بناتى بدأن يعرفن أنفسهن فى مدارسهن بـ«بنات الحاج الضوى»، أما الاسم الحقيقى لى «حمدى الغبرى» فنسيه الجميع.‏
‏■ هل يغضبك ذلك؟ ‏
‏- لا، بالعكس، فعندما ينادينى الناس باسم «الحاج الضوى» أشعر بذلك النجاح الساحق الذى حققته الشخصية، ليس فى مصر فقط ولكن فى أوروبا أيضا.‏
أتذكر حتى الآن إحدى العائلات الكندية، التى يعولها مصرى، قابلتنى ذات مرة خارج مصر، فتقدم إلىّ أطفال تلك العائلة وأبوهم، سلموا علىّ وقالوا «نحن نتابعك يا حاج الضوى»، شعرت حينها ‏بالسعادة والفخر، وعلمت أن فيديوهاتى وصلت إلى العالمية وتجاوزت الحدود.‏
‏■ كيف حارب «الضوى» الموروث القبلى السلبى؟
‏- بالفعل تم تغيير موروثات سلبية نوهنا إليها بالفعل، مثلا كان هناك فيديو يتناول قضية الغش فى الميزان، واتصل بى أحد المشاهدين بعد رؤيته الفيديو، وقال لى لن أغش مرة أخرى، هذا شخص ‏استطاع الوصول إلىّ، فما بالك بكثيرين ممن لم ينجحوا فى الوصول.‏
واستعان بى أيضًا رجال الأمن، فى حل عدد من الخصومات الثأرية، بعدما علموا أن شباب القرية يشاهدون فيديوهاتى، فأرسل لى مأمور المركز لأكون معهم فى جلسة المصالحة، وبالفعل ‏ساهمت فى إنهاء هذه الخصومة الثأرية.‏
‏■ علمنا أنك تعمل فى السياحة.. ما تقييمك لنسبة إشغال الفنادق مؤخرًا؟
‏- فى الشهر الماضى بلغت نسبة التشغيل فى الفنادق ٨٠٪، ولكن هناك مأزقا يؤثر سلبا علينا الآن، وهو سلوكيات «أهل الكار» فى المدن السياحية، مثل الأقصر وأسوان وشرم الشيخ وغيرها، ما ‏تسبب فى «تطفيش» السائح.‏
السائح يقتطع أسبوعين من عمله ليستجم فى مصر، ليشاهد خلال تلك الفترة آثارها ويستمتع بشمسها الدافئة، إلا أنه يفاجأ بالعاملين فى القطاع السياحى يضايقونه بشكل مبالغ فيه، لا يدعونه يسير ‏كيفما يحب.‏
بمجرد خروجه من الفندق يستقبله سائقو الحنطور والمتسولون وأصحاب البازارات والعاملون على المراكب النهرية والنصابون، وكل هذا يسىء للسياحة، أنا سافرت إلى بلدان متعددة، ولم يقابلنى ‏هناك شخص فضولى يدعونى للشراء ويضايقنى مثلما نفعل نحن مع السائحين.‏
‏■ وما الحل من وجهة نظرك؟
‏- الإعلام لدينا مشغول بالقضايا السياسية، للأسف، ولا أحد يركز على هذا الأمر، المفترض أن يكون دوره أكبر من هذا، وأن تكون هناك قوانين رادعة، وبالنسبة للدولة فمن الممكن أن تقوم ‏بدورات تدريبية لهؤلاء العاملين، فى كيفية معاملة السائح.‏
أما من يقول إن هناك شرطة سياحة، فأنت لن تستطيع وضع عسكرى مع كل واحد من هؤلاء، سائق الحنطور مثلا يجب أن يكون له تعريف «آى دى» بصورته، وأن أعرف أنا كسائح مع من ‏أتعامل، ونفس الأمر لسائق المركب الشراعى.‏
لا تجبر السائح وتشده للركوب، دعه يفعل ما يحب، يجب أن تكون هناك قوانين وغرامات، ومن المؤسف أننى رأيت سائحا كتب على «التى شيرت»: «نو كلش نو فلوكة نو بازار».‏
لماذا نخنق السياح، ألا نعرف أن هناك مواقع تواصل اجتماعى، ولو أن السائح قام بعمل بث مباشر على صفحته على السوشيال ميديا فسيصل ما يحدث معه إلى كل مكان، وبالتالى يعزف ‏الكثيرون عن المجىء، يجب أن ندع السائح يتجول بحريته بدلا من هذا السخف.‏
‏■ بعدما ذاع صيتك استعانت بك مؤسسات الدولة للمساهمة فى حل بعض المشكلات.. كيف ذلك؟
‏- بالفعل استعانت بى إدارة المرور، فى فيديو عن سلوكيات المرور، يتم تشغيله فى صالات الانتظار بالإدارة، لكى يشاهده مرتادو المكان ويستفيدوا منه، واستخدمت الفكاهة والضحك فى التوعية، ‏كى تصل الفكرة إليهم بشكل يتقبلونه بسعادة.‏
أيضا استعانت بى مستشفيات الأورمان، لجمع التبرعات لصالح علاج المرضى، بجانب حملة ضد «فيروس سى»، بفيديو بعنوان «سلمى قصة حياة»، وبالفعل وصلت تلك الفيديوهات إلى الناس ‏ولاقت استحسان الجميع، من خلال المشاهدات التى تجاوزت الملايين، كما صورت فيديو بث مباشر لبنت كانت تائهة من أهلها، وبالفعل «قامت الدنيا ولم تقعد» حتى وجدوها.‏
‏■ هل تعتمد على «الاسكريبتات» المكتوبة فى الفيديوهات؟
‏- لا أستخدم «الاسكريبتات» أو السيناريوهات، كل ما نقوله عبارة عن ارتجال لحظى، فقط أجتمع وأتشاور مع مساعدى حول القضية التى سنتناولها، وكل الإفيهات وليدة اللحظة، كلها تخرج ‏بصورة ارتجالية.‏
المصور عادة ما ينهار من الضحك، وبصراحة أنا أرفض أن أكتب «الاسكريبت» للفيديو المقدم، ولكن هناك بوادر تجعلنى أختار الموضوعات المقدمة، فمثلا فى جامعة أسيوط نظموا حملة ‏توعية عن الآثار، فأخذت الفكرة ونفذتها فى فيديو، وكانت هناك «إفيهات» جذبت الناس للمشاهدة.‏
‏■ ما أشهر «إفيهاتك»؟
‏- أشهر «إفيه» عن «العفاشة»، ويعالج قضية البنات اللاتى يضعن الماكياج بغزارة، وفيه سألنى مساعدى عن سيدة ما، فقلت له: حين تضع الماكياج تصبح مثل غادة عبدالرازق، وحين يذهب ‏الماكياج تجد أنك أمام عبدالرازق نفسه.‏
لماذا لجأت إلى استخدام الشعر لتوصيل المعلومات؟
‏- استخدمت الشعر المحلى وفن «الواو» لتوصيل الأفكار، فالشعر العامى أقصر طريق للتواصل مع أهل الصعيد، خصوصا لو كان يتعلق بفن «الواو» مثل: «دوار يا زمن دوار.. ولا يوم ‏عالم بحالى من بعد صيد التماسيح.. تطلع عليا السحالى» الصعيد مرتبط بالفن الشفاهى، وقد استخدمته أيضا كى ألفت نظر الناس إلى هذا اللون من الشعر، المتواجد بكثرة فى الصعيد، الذى ‏يستخدم بصورة يومية من خلال المعاملات العادية.‏