رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

16 مارس.. يوم المرأة المصرية


منذ ٩٩ عامًا فى اليوم السادس عشر من مارس خرجت المرأة المصرية للمشاركة فى ثورة ١٩١٩ والمطالبة بالاستقلال والدستور. خرجت أكثر من ٣٠٠ سيدة وفتاة بقيادة هدى شعراوى وزميلاتها رافعات شعار الهلال والصليب، واجهن جنود الاحتلال البريطانى المدججين بالسلاح، وسقطت فى هذا اليوم أول شهيدة مصرية «حميدة خليل» ومعها عدد من السيدات الشهيدات «يمنى صبيح وسعيدة حسن وحميدة سليمان وفهيمة رياض وشفيقة العشماوى وعائشة عمر».
استمرت ملحمة نضال نساء مصر، وبعد أربع سنوات أسست هدى شعراوى أول اتحاد نسائى مصرى فى مارس ١٩٢٣ وطالبت بتعليم المرأة وحق الترشح والانتخاب. كما بادرت مع عدد من النساء العربيات بتأسيس أول اتحاد نسائى عربى عام ١٩٤٥.. واستمرت ملحمة نضال نساء مصر ودخلت المرأة المصرية ولأول مرة البرلمان عام ١٩٥٧ وفازت بعضوية البرلمان السيدتان «راوية عطية وأمينة شكرى». ودعونى أُحى معكم راوية عطية التى كانت أول ضابطة اتصال فى جيش التحرير عام ١٩٥٦ وقامت بتنظيم صفوف المرأة وتدريبها على استعمال أنواع السلاح وعلى فنون التمريض، كما سافرت بعد هزيمة ١٩٦٧ إلى الجبهة وكونت «لجنة المعركة» من خمس عشرة سيدة لاستقبال الجنود العائدين من سيناء عبر الصليب الأحمر الدولى، وقامت بزيارة الجبهة أثناء حرب الاستنزاف وحتى حرب السادس من أكتوبر لرفع معنويات القوات المسلحة.
واستمرت ملحمة نساء مصر للمطالبة بالمساواة بين الجنسين، واستطاعت أن تتوج مسيرتها بدستور ٢٠١٤ الذى أقر ونص فى مواده على الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمرأة والطفل والرجل وعلى مبادئ المساواة بين المرأة والرجل وعدم التمييز بينهما، وأقر تولِّى المرأة الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والهيئات القضائية فى المادة ١١، ونص على التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز فى المادة ٩، وعلى أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة فى المادة ١٤. ونص الدستور فى المادة ٥٣ على أن التمييز والحض على الكراهية جريمة، وألزم الدولة بإنشاء مفوضية مستقلة لعدم التمييز.. وإننى أتساءل: أين هذه المفوضية بعد أربع سنوات من إقرار الدستور؟ وأين الالتزام بتحقيق ما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية التى وقَّعت عليها مصر من حقوق للمرأة والطفل وأصبحت ملزمة كما جاء فى المادة ٩٣ من الدستور؟.
إن الدستور المصرى، الذى شاركت نساء مصر فى وضعه ومناقشته وإقراره، ينتظره الكثير من التشريعات مع تفعيلها وتنفيذها، فالمرأة المصرية تستحق الكثير.. وللمرأة المصرية مطالب كثيرة، فى مقدمتها أهمية إدماجها فى الحياة الاقتصادية، حيث تصل نسبة المرأة فى التعداد السكانى الأخير لـ٤٥٫٩٪ أى ما يقرب من نصف المجتمع، وذلك وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى نهاية ٢٠١٦، كما أشار الجهاز إلى أن قوة العمل المصرية فى سن «١٥ -٦٤ سنة» نسبة الذكور تساوى ٦٩٫٩٪ منها والإناث نسبتهن ٢٢٫٩٪ فقط، وأن نسبة البطالة فى الذكور تصل إلى ٨٫٩٪ بينما تصل فى الإناث إلى ٢٣٫٦٪ أى ثلاثة أمثال الذكور رغم أن أكثر من ثلت الأسر المصرية تعولها امرأة.
لذا نؤكد أهمية أن يتضمن قانون العمل الجديد مواد تساعد المرأة على التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل مثل: الأجر المتساوى عن العمل مع مراعاة الإجازات الخاصة بالوضع وتربية الطفل، وإنى أقترح أن تكون مدفوعة الأجر بالكامل، حيث إن قيام المرأة بتربية أطفالها يفيد المجتمع، فالأطفال هم مستقبل الوطن وهم الموارد البشرية التى تقوم بالتنمية والبناء والنهوض بالأمة، وكذلك إلزام صاحب العمل بإنشاء دور حضانة فى المنشآت التى فيها ٥٠ عاملة وليس ١٠٠ كما هو فى مسودة القانون الحالى.
ونؤكد أهمية وضع خطة زمنية للقضاء على الأمية التى نسبتها فى الإناث أعلى من الذكور والاهتمام بالقضاء على ظاهرة تسرب الفتيات من التعليم، ووضع مناهج تعليمية ترسخ وتعزز مفاهيم المواطنة والمساواة والتسامح وقبول الآخر، ووضع برامج توعية بمخاطر العنف ضد المرأة الذى يُمارس عليها فى المدرسة أو العمل أو المجتمع وأيضا التوعية بالمخاطر الجسدية والصحية والنفسية للزواج المبكر «زواج القاصرات» ومخاطر ختان الإناث.. ولقد حذرت منطمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» من أن هناك ١٢ مليون فتاة قاصر فى العالم يتم إجبارهن على الزواج المبكر قبل سن ١٨ سنة سنويا، ولا بد من وضع تشريعات للقضاء على هذه الظاهرة.