رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل التقدير والتحية للمرأة المصرية والعربية




«لا أريد منك أن تفنى كيانك فى كيانى ولا كيان أى إنسان. لا أريد منك أن تستمدى ثقتك فى نفسك وفى الحياة منى أو من أى إنسان، أريد لك كيانك الخاص المستقل والثقة التى تنبعث من النفس لا من الآخرين. وإذا حدث ذلك- عندما يتحقق لك هذا- فلا يستطيع أحد أن يحطمك، لا أنا ولا أى مخلوق، عندئذ تستطيعين أن تربطى كيانك بكيان الآخرين، فيزدهر كيانك وينمو ويتجدد وتحققى السعادة».
أردت أن أبدأ مقالى بكلمات أستاذة الأدب الإنجليزى بكلية البنات الدكتورة العظيمة لطيفة الزيات، كلمات دفاعًا عن حقوق المرأة وعن حق الإنسان فى الحرية وتحقيق الذات فى رائعتها «الباب المفتوح» وعلى لسان بطل الرواية لحبيبته.. كل التقدير والتحية للمرأة المصرية العربية ومسيرة وملحمة نضالها فى الدفاع عن حقوقها للنهوض بأسرتها ووطنها.
كل التقدير والتحية للمرأة العربية التى كافحت على مدى السنين من أجل نيل حقوق التعلم والعمل وحق الترشح والانتخاب.. كل التحية للمرأة الفلسطينية العربية التى عانت ومازالت تعانى من جرائم العدو الصهيونى المحتل الغاصب، تحية للأم الفلسطينية، أم الشهداء والجرحى والأسرى، تحية للشابات الفلسطينيات خلف قضبان سجون الاحتلال، تحية لعهد التميمى، أيقونة وزهرة مدائن فلسطين.. تحية للمرأة العراقية العربية التى تصدت للاحتلال الأمريكى ولعصابات الإرهاب الداعشية والقاعدية وتحية للمرأة الإيزيدية التى تعرضت للسبى والذبح والبيع فى سوق النخاسة والاغتصاب على يد الدواعش الإرهابيين.
تحية للمرأة السورية العربية التى تعانى للحفاظ على حياة أسرتها وتواجه أخطار اللجوء الخارجى والنزوح الداخلى وتواجه كوارث الحروب التى تقوم بها الدول الاستعمارية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وبمساعدة الدول التابعة «قطر وتركيا» هذا غير مساعدة إسرائيل، كل هؤلاء يشعلون الحروب الداخلية المذهبية والعرقية والطائفية لإضعاف البلدان العربية وتدميرها وتقسيمها لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد على يد هذا الحلف الأمريكى الصهيونى الرجعى.. يعتبر شهر مارس شهر المرأة، ففى يوم ٨ مارس يحتفل العالم بيوم المرأة العالمى وفى يوم ١٦ مارس يوم المرأة المصرية الذى خرجت فيه لتشارك فى ثورة ١٩١٩، وطالبت بالاستقلال والدستور وسقطت شهيدات مصريات منهن حميدة خليل وشفيقة محمد. وكانت السيدة هدى شعراوى على رأس هذه المظاهرات وقامت بعد ذلك بتأسيس الاتحاد النسائى المصرى، كما بادرت بتأسيس الاتحاد النسائى العربى مع عدد من النساء العربيات فى أربعينيات القرن الماضى.
وإذا انتقلنا إلى مشاركة المرأة المصرية فى الحياة السياسية فنجد أنه بعد صدور قانون يمنح المرأة المصرية حق الانتخاب فى ٣ مارس ١٩٥٦ شهدت انتخابات البرلمان ١٩٥٧ ترشيح ٨ سيدات وفازت راوية عطية وأمينة شكرى كأول امرأتين مصريتين دخلتا البرلمان. وواصلت المرأة المصرية مسيرة المشاركة السياسية رغم الظروف المجتمعية الصعبة التى جعلت عضويتها طوال ٥٨ عامًا لا تزيد على ٢٪ من إجمالى عدد الأعضاء. وبعد صدور دستور ٢٠١٤ استطاعت المرأة أن تدخل إلى مجلس النواب بتسعين عضوة بنسبة ١٥٪، وهذه بداية يمكن أن نبنى عليها ونطالب بالمزيد مثل معظم بلدان العالم والبلدان العربية والإفريقية، والتى لا يقل تمثيل المرأة فى مجالسها النيابية عن ٣٥٪ ووصلت فى المغرب إلى ٥٠٪، أى المناصفة بين الرجل والمرأة فى كل المواقع والمؤسسات.
كل التحية والتقدير للمرأة المصرية الشجاعة أمنية طاهر التى تمسكت بحقها الدستورى فى التعيين فى القضاء لإيمانها بأنه ما ضاع حق وراءه مطالب، وأن الحقوق لا تمنح ولكن تنتزع. لم تستسلم لرفض مجلس الدولة طلبها ضمن ٢٥ خريجة من أوليات كلية الحقوق تقدمن لشغل وظيفة مساعد وكيل نيابة، وذلك بعد دستور ٢٠١٤ الذى نص فى المادة ١١ على «تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها». تقدمت أمنية برفع قضية أمام محكمة القضاء الإدارى ودفعت أمام المحكمة بأن حرمانها من سحب ملف شغل الوظيفة وإجراء الاختبارات الخاصة بالترشح لهذه الوظيفة مخالف لمواد الدستور «٢ و١١ و١٤ و٩ و٥٣ و١٨٦». ونحن ننتظر مع أمنية حكم القضاء المصرى الشامخ الذى نثق فى عدله.
إن العديد من تقارير التنمية الصادرة عن الأمم المتحدة والبنك الدولى ومنظمة الشفافية الدولية تؤكد أن «المساواة بين الجنسين قضية أساسية وهدف تنموى بحد ذاته، وأن إتاحة الفرصة لمشاركة المرأة أداة بالغة الأهمية من أجل تحسين نواتج التنمية، فهى تقوى قدرات الدول على النمو، وخفض الفقر، لذلك فإن تشجيع المشاركة السياسية للمرأة والمساواة بين الجنسين جزء مهم من استراتيجية التنمية».