رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنصاف ستات مصر فى أزمة «قانون الحضانة»


شهدت مواقع التواصل الاجتماعى، منذ عامين، ثورة عارمة من الأمهات المطلقات وغير المطلقات، بسبب مشروع قانون الحضانة الجديد، الذي طرحته إحدى نائبات مجلس النواب.

كان من أكثر الانتقادات التي واجهت مشروع القانون، التعديل الخاص بتقديم مرتبة حق الأب فى الحضانة، لتأتى بعد الأم مباشرة حال زواجها، وهو ما أغضب الأمهات، وجعلهن يخرجن ويتساءلن: «كيف سيعيش الطفل مع زوجة أبيه وأمه لا تزال على قيد الحياة؟»، مشددات على أن هذا المشروع «لن يمر إلا على جثثهن».

وأرى أنهن لهن حق فى الثورة ضد مشروع القانون، فلو تكلمنا بيولوجيًا وفسيولوجيًا فإن أم الطفل أقرب إليه من أبيه، لأن هناك هرمونا اسمه «البيبتيدى» أو «الاكسيتوسين»، يتم إفرازه بشكل جزئى من جانب بطين القلب، وينتقل إلى الجزء الخلفى من الغدة النخامية، ويخزن فيه، حتى حاجة الجسم إليه.

وأثبتت الدراسات الحديثة أن هذا الهرمون يفرز أكثر عند المرأة، ومرتبط بالحمل والرضاعة، ولذلك يطلق عليه «هرمون الحب»، وهو باختصار هرمون تلك العاطفة العظيمة التى لا يجد لها أحد تفسيرا، وتعد أقوى عاطفة فى العالم، وهى «الأمومة».

وتحدثت كافة الأديان عن هذه العاطفة، مؤكدة أن الأم أرحم وأحن من الأب، ولذلك يقول القرآن الكريم: «ووَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» و«وبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا»، أى أن من لم يبر والدته يصبح جبارا وشقيا، لأن الأم هى مصدر الحنان والعاطفة والرحمة.

ويقول القرآن أيضا: «قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلَا بِرَأْسِى..»، وجاء فى كتب التفسير: «ترفق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه، لأن ذكر الأم ها هنا أرق وأبلغ، أى فى الحنو والعطف».

وفى السنة، يقول الرسول الكريم فى الحديث النبوى الشهير: «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك»، وهو دليل على مدى أهمية الأم ومكانتها أكثر من الأب نفسه بـ٣ مرات.

والسؤال هنا: «هل يتغير هذا كله سواء كانت الأم مطلقة أو متزوجة؟».. بالطبع لا، تبقى هى الأم مصدر الحنان والعاطفة والأصل.

نصل للجانب النفسى فى موضوع الحضانة، بعدما تطرقنا للدينى والفسيولوجى والبيولوجى، ونجد أن الطلاق فى حد ذاته يسبب ضغطا شديدا على الأطفال، وهناك اضطراب نفسى ومذكور فى مراجع الطب النفسى اسمه «separation anxiety».

ومن ضمن أعراض هذا الاضطراب أن يصاب الطفل بقلق شديد وبكاء متواصل، ويرفض الذهاب إلى المدرسة، ويرفض الطعام، بسبب إحساسه بفقد شخص كان يرعاه.

ويصيب هذا الاضطراب الأطفال عندما ينتقلون من مكان إلى آخر، أو من مدرسة إلى أخرى، وبعد انفصال الأهل، ولذلك تقول الدراسات الحديثة إن بقاء الطفل المنفصل والداه مع أمه حتى وصوله مرحلة المراهقة أمر ضرورى لتخطى هذه المشاكل النفسية.