رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معرض الكتاب والقوى الناعمة


القوى الناعمة هى القوى غير العسكرية، والتى لا يمكن التلويح بها، والتى تجعل الدولة تحقق مصالحها، وتجعل لها تأثيرا دوليا دون استخدام قوة عسكرية، أو ضغوط اقتصادية ودبلوماسية، وهى عبارة عما تتمتع به الدولة من تاريخ وعراقة وثقافة وحضور دولى.
وتحت شعار هذا التعريف جعل القائمون على معرض القاهرة الدولى للكتاب، هذا العنوان من ضمن الفعاليات الرئيسية فى المعرض عام ٢٠١٨ وندواته.. من ناحية التاريخ والآثار تحتوى مصر على تراث ثقافى وإنسانى وحضارى، لا يختلف عليه أحد.
ومن ناحية أخرى كان لمصر حضور فى جوائز نوبل العالمية، ففازت بها فى مجالات عديدة، منها فوز نجيب محفوظ بها فى مجال الأدب، والدكتور زويل فى مجال العلوم، والرئيس أنور السادات فى مجال السلام، وأخيرا محمد البرادعى.
يتطلب هذا أن يكون لدى القائمين على شئون الدولة نوع من الحصافة التقديرية، للفصل بين المواقف السياسية والفكرية والثقافية المجالات التى تتدخل فيها السياسة.
الوضع الثقافى لمصر، لا أحد ينكره، فكان للمثقفين المصريين فضل الريادة فى نشر مبادئ الفكر والثقافة فى العالم العربى، وكان للكتاب المصرى، والمؤلف المصرى، والمثقف المصرى، والمسرح المصرى، والسينما المصرية، مساهمة فعالة فى نشر الثقافة الحديثة... برع فى مصر مطربون وفنانون ومخرجون ومنتجون، سوريون ولبنانيون وتونسيون وجزائريون ومغاربة وخليجيون.
واستضاف معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دوراته السابقة السورية كوليت خورى، ومطاع صفدى، وسليم جراح وغادة السمان، وغيرهم من أدباء سوريا الكبار، والكويتية فاطمة يوسف العلى، وسعاد الصباح، والروائى السودانى الطيب صالح والشاعر السودانى محمد الفيتورى والفلسطينيين إميل حبيبى ومحمود درويش والعراقى عبدالوهاب البياتى والأردنى غالب هلسا.
وفى يوم ٢٧ يناير ٢٠١٨، وفى أول يوم من انعقاد المعرض الدولى للكتاب، كتب الشاعر شعبان يوسف على صفحته: وأنا أعمل فى إعداد برنامج المقهى الثقافى بمعرض الكتاب، ووجهت الدعوة للمغربى أنيس الرافعى والجزائرى واسينى الأعرج والكويتية فوزية سالم الشويش والليبى أحمد إبراهيم الفقيه.. ومن بين الكتاب والمبدعين وجهنا الدعوة للكاتبة السودانية سوزان كاشف، التى تقيم فى لندن.
وبالفعل أعددنا الندوة وتم تكليف نقاد محترمين وجادين لمناقشة روايتها الأخيرة «توابيت عائمة» وعندما ذهبت سوزان للحصول على تأشيرة دخول واجهتها بعض الإجراءات البيروقراطية السخيفة فى لندن مما أعاق حضورها.. وهذا ما حدث للشاعرة الفلسطينية هيام قبلان.
ورغم ذلك قررنا عقد الندوة ومناقشتها، إصرارا على ممارسة دورنا فى إقامة حوار حقيقى بين كافة الكتاب العرب.. رغم كل سخافة البيروقراطية الرسمية.. حضر النقاد جميعا لاستكمال الندوة.. رغم أن هذه هى المرة الوحيدة التى تقام فيها ندوة بهذا الشكل.
وقبل ذلك كنت أعتذر عن عقد ندوات لغائب.. قد رحل عن دنيانا أو قبض عليه فى قضايا الحريات.. وها نحن نضيف عنصرا ثالثا وهو الغائب لأنه ممنوع من السفر أو منعته الإجراءات البائسة.. سحقا للبيروقراطية، والأختام، والجوازات الرسمية ومرحبا بالفن والأدب.. شعبان يوسف، واحد من الوجوه البارزة فى الثقافة المصرية والعربية، وتعتمد عليه الهيئة العامة للكتاب فى توجيه الدعوات لبعض الكتاب والمشاهير العرب.. والسؤال: كيف يتم منع كاتب عربى، من المشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، إنها قوى مصر الناعمة، كيف تجعلونها خشنة، وغبية؟.
ولماذا لا يتم التنسيق بين وزارة الثقافة ووزارة الخارجية وأجهزة الأمن لمراجعة الأسماء قبل إبلاغ أصحابها منعا لإحراجهم، وهل يشكل كاتب روائى أو شاعر أو ناقد خطورة على الأمن القومى المصرى؟.