رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شجاعة الجاهل




بكلمات ناعمة، مثل الديمقراطية، مازال المخطط الأمريكى يمضى فى تنفيذ أجندته، ومازالت عيون أمريكا علينا، ولن يغمض لساكنى البيت الأبيض جفن حتى يسقطوا مصر، ويتحقق حلم اليهود من النيل إلى الفرات، وتستولى واشنطن على ثرواتنا ونحن فى غفلة، كأمة عربية.. فمصر أصبحت العقبة فى الوصول إلى تحقيق أحلام اليهود، ولهذا السبب أصبح إسقاط الدولة المصرية مرتبطًا بوجود دولة إسرائيل، لأن بقاء مصر بقوتها، تنمو وتتقدم، أمر يهدد مصالح أمريكا التى تسعى لتنفيذ الأهداف الإسرائيلية.
وستظل أمريكا تجند أصحاب النفوس الضعيفة، التى عميت بصيرتهم وأصبحت الغشاوة تمنعهم من إدراك الموقف لخدمة المشروع الصهيونى، لكن عين النسر لا تنام، فمازال يرفرف بجناحيه، يحاول أن ينشر الأمن على ربوع المحروسة، وتمتد هذه الأجنحة عبر الحدود، تحتوى قارتها الإفريقية، عبر التحديات التى تفرضها طبيعة الأوضاع فى قضايا مصيرية، على رأسها سد النهضة الإثيوبى، والتى تلتزم فيها مصر بكل طاقات الصبر، محاولة الحفاظ على شعرة معاوية، لأن القاهرة تعلم أن الأمر لا ينطلق رغبة من أديس أبابا فى الإضرار بمصالح دولة المصب فى مياه النيل، بقدر ما هى أسيرة لمؤامرة إسرائيلية أمريكية، وبدعم أطراف عربية وإقليمية، بينها قطر وتركيا وإيران، لإسقاط مصر، بعدما أعيتها الحيلة وفشلت مساعيها عبر ما سماه الجميع «الربيع العربى»، الذى أسقط دولًا وجعلها أثرًا بعد عين، ولكن الصلابة المصرية وقفت بالمرصاد للمخطط الشيطانى، ليس من أجل أبنائها فقط، بل من أجل محيطها العربى، لأنها تدرك أن الخيمة تنهار بتداعى عمودها، وتدرك القاهرة أنها مازالت هذا العمود الذى يرفع هامة هذه الخيمة.. ولأن مصر نجحت فى مواجهة التحديات الجسام، الإرهاب، التنمية، عودة الاقتصاد المصرى إلى اعتداله، بناء مصر الحديثة، وسط مباركة العالم ودعمه لهذه الجهود، ومنح التجربة المصرية الفرصة للنجاح، وتأكيد الثقة فيها بدفع استثمارات غربية وعربية، تقوى من الوضع المصرى الذى يشق طريقه بقوة وسط الأعاصير، أراد الخبثاء محاولة قلقلة الأوضاع فى بلدنا من الداخل، وبذلوا جهدًا فى تشويه الصورة المصرية فى عيون العالم، وذهبوا إلى انتخابات الرئاسة القادمة وجعلوها بيت القصيد، فاستعانوا بمن يمكن أن يعمل على اهتزاز هذه الصورة، بتصدير مغالطات من قبيل «الجمهور غير راضٍ عن العملية الانتخابية»، «التدخلات فى العملية الانتخابية وشراء التوكيلات»، «محاولة تلويث من أرادوا خوض معركة الانتخابات».
ولم يدرك أى من هؤلاء الذين أرادوا تحميل الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية ما يدعون، أن الرئيس السيسى يظل مرشحًا للرئاسة، مثله مثل الباقين، ليس عليه من أمر غيره شىء، و﴿كل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه﴾، هو مسئول عما فعل ويفعل، وليس من تبعات الرئيس أن يكون مسئولًا عمن يترشح أمامه، فالباب مفتوح أمام الجميع، وأن الذى يحدد أهلية كل مرشح لخوض الانتخابات، هيئة قامت بنص من الدستور، مسئولة عما تفعل، وبيدها ميزان العدل بين الجميع، وأن ما حدث للبعض، مرجعه جهات مسئولة عنهم، لها حق محاسبتهم إذا خرجوا عن جادة الطريق، ولهم مرجعيات قانونية يحتكمون إليها، والبعض الآخر برر فشله بمعوقات وُضِعت فى طريقه، رغم أنه نسى قراءة دلالات تجربته الأولى، وكان عليه أن يخرج منها بدرس أساسى، هو أنه غير أهل لثقة الناس، وهذا هو الجهل بعينه.. جهل الأول بمدى قانونية ترشحه من عدمه، وجهل الثانى بدلالات تجربته فى انتخابات الرئاسة قبل الماضية.. وربنا يكفينا شر شجاعة الجاهل، الذى لا يتحمل تبعاتها، ولا يرى آثارها.. ودعونى أكون حسن النية فى الثانية، بدلًا من الظن فى أن ما حدث من هذين المرشحين، هو أمر دُبر بليل، لعلهم يفلحون فى إحراج الرئيس السيسى، وإظهار مصر دولة أبعد ما تكون عن الديمقراطية، وهو ما قد يستغله بعض جهلاء العالم فى تشويه التجربة الديمقراطية المصرية.
ما أود الذهاب إليه من كلامى، أن من بيننا من يمنح أعداءنا، سلاحًا يطعنون به ظهورنا، متّشحين بوشاح الشجاعة، وهم أجبن من أن يمضوا فى الطريق إلى نهايته، كذلك الذى ملأ الدنيا صياحًا بانسحابه من انتخابات الرئاسة القادمة، مع أنه لم يخُضْها بعد حتى ينسحب منها، كل ما فعله أنه انتوى نية ثم تراجع عنها، لأنه اكتشف أنه ليس على قدرها، وأنه ليس كفؤًا لمتطلباتها، «اليوم نعلن قرارنا بأننا لن نخوض هذا السباق الانتخابى، ولن نتقدم بأوراق ترشحنا فى سياق استنفد أغراضه من وجهة نظرنا قبل أن يبدأ».. ألم أقل إنه الجهل؟!.
ليس هناك من رد على ماكين، وعلى من أعطى مبررًا لماكين، بصورة مغلوطة، إلا أن نبرهن على وحدة الصف المصرى، وأننا شعب حر فى اختياره، يملك إرادته، ولا قدرة لأحد من كان على تزييفها، برهانًا لا يكون بالكلام، بل بمقدار نزولنا إلى لجان الانتخابات، وبقيمة ما نضعه فى الصناديق من ثقة فيمن نختاره.. وإذا كان الرئيس السيسى، فى دورته الرئاسية الأولى، هو رئيس الضرورة، فيجب أن يكون هذه المرة، رئيس المرحلة التى تجنى فيها مصر ثمار صبرها، ونفرح معه بنتائج ما تعب من أجله، انتصارًا للشعب الذى أحبه، ووقف خلفه فى كل مراحل الكفاح من أجل هذا البلد.. فالمعركة ما زالت مستمرة.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.