رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية صورة.. سر العلاقة المتوترة بين «عبد الناصر» و«بهاء»

جريدة الدستور

هذه الصورة من الصور والمناسبات القليلة جدًا التي جمعت عبد الناصر بأحمد بهاء الدين، فلم يكن هناك حوار مباشر بين الاثنين، حتى إن هذه الصورة التي أمامنا قد تكون انعكاسًا لذلك. وكان اتصال بهاء الدين بناصر عن طريق سامي شرف وباقي أفراد مكتب الرئاسة، بينما لم تجمع الأثنين حوارات ومناقشات مباشرة.

ويرجع محمد حسنين هيكل أسباب فتور عبدالناصر تجاه أحمد بهاء الدين إلى بعض التقارير التي وصلت لعبد الناصر، وتفيد بأن بهاء له اتجاهات بعثية، وكان عبدالناصر ينفر من ذلك، ولم تكن هذه المعلومات بطبيعة الحال صحيحة، ولكن كان لبهاء أصدقاء بعثيين مثل ساطع الحصري وسامي الدروبي وغيرهم، فقد كانت علاقته على مستوى إنساني وصداقات ولم تكن علاقة تنظيمية.

ويضيف شهدي عطية، عن تلك الصورة النادرة ضمن أرشيفه: «عبدالناصر تأكد بعد ذلك أن بهاء ليس بعثيًا، من خلال اشتراك بهاء في أول مؤتمر جامعات لخريجي بعد حرب السويس في يناير 1957، وتم اختيار بهاء ضمن أعضاء الوفد، وفي هذا المؤتمر لمع أحمد بهاء مثيرًا كقومي عربي مؤمن إيمانًا تامًا بمبادئ ثورة يوليو.

ويقول هيكل: «عندما تأكد عبد الناصر من ذلك كانت الدائرة قد أغلقت حول عبد الناصر وكان من الصعب أن يجلس أحد معه»، وربما كان يقصد هيكل أن الدائرة أغلقت عليه هو فقط ولم يستطع أحد بعد هيكل اختراقها. ولم تكن وشاية أن بهاء بعثيًا هى الأولى في توتر العلاقات مع عبد الناصر، فقد جاءت حادثة أخرى عام 1968، وكان بهاء وقتها نقيبًا للصحفيين، وأصدرت النقابة بيانًا في فبراير 1968 تدين فيه ما حدث وتطالب بمحاسبة المسئولين عن النكسة. كما طالب البيان بإعادة النظر في قضية الديمقراطية وشدد على إصدار قوانين للحريات ورفع الرقابة على الصحف.

ويشير بهاء في حواره مع مصطفى عبد الغني، إلى أن البيان قد آلم عبدالناصر كثيرًا، وأثار غضبه وتصادف أن قابل عبدالناصر سامي الدروبي، وكان مقربًا منه وفي نفس الوقت كان الدروبي من أصدقاء بهاء المقربين، وقال عبدالناصر للدروبي: «كنت غير متوقع من صاحبك كده!!»، وعندما استفسر منه سامي الدروبي قال عبدالناصر: «البيان اللي طلع بيه كان طعنة خنجر في ليلة مظلمة». واستطرد عبد الناصر: «اخبرنا النقابات ألا يعملون اضطرابات أو مظاهرات أو أي شيئ يؤثر على عملنا، فقام هو وأصدر هذا البيان وبهاء لا يعرف ظروف الفترة».

ويوضح بهاء عن هذه الواقعة أيضًا: «يبدو أن الدولة كانت تنظر إلى الحديث بمنطق آخر وأكثر ما يؤلمني الآن أن عبدالناصر قال للدروبي قبل أن يفارقه إذهب إلى بهاء وقل له: (لماذا فعلت ذلك في مثل هذه الليلة؟)، وبعد وفاة عبدالناصر تصدى بهاء للحملة التي نالت من عبدالناصر في السبعينات وكتب مقالات كثيرة مدافعًا فيها عن عبدالناصر وتجربته في جريدة الأهرام في الوقت الذي انقلبت معظم الأقلام على عبدالناصر مجاراة للعهد الجديد».

يشار إلى أن شهدى عطية أديب وسياسي شيوعي مصري، ولد في مدينة الإسكندرية عام 1911، وقتل تحت التعذيب في سجن أبوزعبل في 15 يونيو 1960.