رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عرش الصحافة القومية على كف عفريت .. !!


المعضلة الكبرى التي تهدد عرش الصحف القومية الآن ، بل ووجودها أصلا من عدمه الآن تتركز في عدة أشكال :

هل شكل الملكية الحالي سوف يستمر في الفترة القادمة ؟

إذا استمر شكل الملكية الحالي هل سيستمر تعيين رؤساء التحرير ومجالس الإدارات بالشكل الحالي ؟

يعنى باختصار استمرار الولاء لمن يعين (وهى الحكومة )وليس للقارئ الذي هو في الأصل المالك الحقيقي لهذه الصحف

إذا استمر شكل الملكية الحالي، الإتباع وعدم الاستقلالية و أن تتكفل الحكومة بكل الأجور وأعباء هذه الصحف ، لأنها ببساطة تكون مثل أي جهة تابعة لها ،

وبشكل أكثر فجاجة ، بل ووقاحة أقول :-

ألسنا في هذه الحالة نعمل محامين للحكومة وندافع عن قراراتها وسياساتها ، صحيحة كانت أو خاطئة ،

يعنى باختصار يقوم البعض منا من خلال الصحف بدور محامى الشيطان الذي ينكل بالشعب أحيانا لصالح قرارات وضرائب الحكومة والقبض على المعارضين وتعذيبهم عند قصر الاتحادية والمقطم بعد الثورة مثلما كنا نفعل قبل خلع مبارك .

وإذا خرجت منا بعض الآراء الحادة ضد بعض القرارات الحكومية أو الحوارات الساخنة للمعارضين ، ظهرت العين الحمراء للحكومة من خلال مجلس شوراها الذي لم يعد مجلس شورانا ، وقد يصل الأمر إلى حد إقالة رئيس تحرير أنه صدق.

إن الثورة وصلت بالحرية إلى الصحف القومية ، ولم يكتشف أنها وهما !!، فطارت رقبته ، وأصبح لزاما على من يأتي بعده أن ينفخ في الثلج وليس في الزبادي فحسب ، وأصبح سيفه اقصد مقص الرقيب مسلتا على رقابنا ، وكأننا عدنا إلى أقصى عهود الديكتاتورية ، وليس قبل الثورة فحسب فقد كنا ننتقد الكل قبل الثورة باستثناء الرئيس وعائلته ،

وأصبحنا الآن بعد الثورة لا نستطيع أن نذكر اسم المقطم حتى ولو كان المقصود مساكن الزلزال هناك !!!!

يعنى ببساطة

تخلت عنا الحكومة ومع ذلك تصر يوميا على قتلنا بإسناد مهام مسمومة بالدفاع عن خطاياها

وفقدنا بذلك تعاطف الثوار والفلول والإخوان المسلمين والتيارات الدينية نفسها

يعنى بحمد الله حصلنا على كراهية الجميع بامتياز

تخلت عنا الحكومة بإلغاء كافة الإعلانات الحكومية أو طباعة الكتب والمطبوعات أو تقليصها إلى أقصى حد، وإذا كان لنا فلوس عند الحكومة تصر على خصم الديون منها بلا جدولة أو تقسيط أو إلغاء مثلما فعلت مع اللصوص من رجال الأعمال .

تخلت عنا الحكومة بالإصرار على اختيار رؤساء تحرير ، الجيد منهم قليل والفيصل لا يكون للمهنية ولا حتى بالانتماء الأيديولوجي أو السياسي .

تخلت عنا الحكومة عندما تصر على معاملة العاملين بالصحف القومية معاملة العبيد ،... لا تعطيهم حقهم ولا تحميهم من العوز مقابل ما يؤدونه من خدمات ، لأنه باختصار لا حقوق لعبيد ، وانطلاقا من هذه المقولة جوّع العبد تملكه !!

باختصار أصبحنا مثل المناديل الكلينكس تستخدمنا الحكومة ثم ترمينا بعد استعمالنا إلى غياهب الديون والأعباء ...

والأخطر من ذلك أنها تترك من تسبب في هذه الديون حرا طليقا ، ولا تطالبه برد ما سرقه من عرقنا ومن أصول هذه المؤسسات .

باختصار أشد ، لا أجد هنا أفضل من المثل الشهير أهديه للحكومة : يا نحلة مش عايز قرصك ولا عايز عسلك

لكن الحكومة تصر على قرصنا وتعطينا بدلا من العسل المرار والحنظل

****

فإذا كان حالنا هكذا من حالة التبعية ألا يحق لنا أن نسأل:-

لماذا تطالبنا الحكومة بالدفاع عنها عمال على بطال

وألا نكون من أعداء الوطن ، أو من الفلول

وعندما نسأل عن أجورنا وأعباء المؤسسات المثقلة بالديون تقول الحكومة ببجاحة تحسد عليها :

- أنتم مؤسسات مستقلة ، عليكم تدبير أموركم ومواردكم ولا شأن لنا بكم

- عليكم أن تدفعوا الضرائب والأجور والتأمينات وغيرها

طبعا الحكومة قد يكون معها حق بشرط أن تتركنا وشأننا

- لا

ترفض الحكومة

ياعنى لا عايزة قربنا ولا طايقة بعادنا

مسلسل القتل

وبدأ مسلسل جديد من الحكومة لخنق الصحف القومية ماديا على سبيل المثال :-

منع طبع كتب وزارة التربية والتعليم مثلا أو ما شابه ذلك من مطبوعات حكومية في مطابع الصحف القومية التي تشكل مصدرا للدخل ، والبديل طبعا مطابع القطاع الخاص لماذا ؟

لأسباب غير فنية طبعا لأن القطاع الخاص لا يملك على حسب معلوماتي أحدث التقنيات الموجودة في مطابع الصحف القومية ، ولكنها محاصرة الصحف حتى تغلق بالضبة والمفتاح !!

الأمر الثاني: المطاردة المثيرة للحصول على الديون .

وإذا كنا غير مسئولين عن هذه الديون ، والمسئولون عنها معروفين للحكومة ولا أحد يقترب من ثرواتهم التي وصلت للمليارات من عرقنا ،

يعنى الحكومة تتركهم وتمسك في رقبتنا نحن وتحاول أخذنا رهينة عن ذنب لم نرتكبه

الأمر الثالث: إن الحكومة قبل الثورة وبعدها وبغض النظر عمن يجلس على كرسيها تنازلت عن ديونها للعديد من رجال الأعمال الذين نهبوا أموال البنوك وبالمليارات وهربوا بها للخارج ، وبعد الثورة نجدهم في صدارة المشهد السياسي ، بل كنت أحسد أحدهم على بجاحته عندما وجدته في ميدان التحرير أيام الثورة ثم أصبح عضوا في الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى الحالي ورئيس حزب ، يعنى

نسبنا الإخوان وبقينا قرايب !!! .

المهم تنازلت الحكومة عن أموالنا لرجال أعمال فاسدين ، ولا تريد التنازل عن ديوننا رغم أنها أموالنا كشعب .

الأمر الرابع : وبحسبة اقتصادية ، أسأل الحكومة إذا إرادات إنشاء مشروع في الطباعة بنفس إمكانيات المؤسسات الحالية لتشغيل نحو المائة ألف عامل وإداري وصحفي ، كم ستنفق ؟ ، وهل ما ستنفقه يعادل هذه الديون أو يزيد عنها كثيرا ؟

اعتقد أن تشغيل المائة ألف شخص ، بفتح بيوت 100 ألف أسرة يتكلف الكثير ويستحق أن تتنازل عن هذه الديون وتذهب لتحصيلها من اللصوص الحقيقيين الذين نهبوها .

الأمر الخامس : وهو الأخطر اعتقد أن مصداقية هذه الصحف أصبحت على المحك وبصورة أشد من جديد بعد أن دخل عامل جديد لا يقل خطورة عن تدخل الحكومة في شأن الصحف القومية ،

اقصد به رجال الأعمال أو الكيانات الاقتصادية الكبيرة مثل البنوك أو شركات المحمول أو حتى شركات الشاي و الزيت و السمن و مساحيق الغسيل .. الخ

اقصد أنه في ظل تناقص حصيلة الإعلانات وتخلى الحكومة عن دعمها للصحافة القومية أصبحت هذه الكيانات تملك من الهيمنة أكثر بكثير من رئيس الجمهورية .

مثلا يمكن أن تنتقد قرار لرئيس الجمهورية و يفر المقال من مقص الرقيب ،

لكن الذي لن يفر أبدا هو انتقاد رجل أعمال كبير أو سياسة بنك أو كشف فساد به ، رغم أنه قطاع عام ، لماذا ؟

لأن العقاب سيكون قاسيا وهو حجب الإعلانات عن الجريدة ،

يعنى باختصار لن توجد مرتبات للعاملين ، أو هكذا يقولون ،

حتى نشعر جميعا بالذنب

حدث ذلك مع جهات حكومية مثل إحدى الوزارات التي منعت طباعة كتبها لمجرد انتقاد إحدى التحقيقات الصحفية أدى ذلك إلى عدم وصول الكتب إلى أيدي التلاميذ بعد بداية العام الدراسي الجديد بأسابيع ... يعنى باختصار علينا أن نغض الطرف ونصم الآذن ونغلق العيون أو نصيبها بالعمى الدائم من أجل الإعلانات .

ولا حق للتلاميذ علينا

ولا حق للوطن علينا

وبنك هدد بالويل والثبور لأن جريدة نشرت واقعة محاولة انتحار موظف به لعدم محاسبة فاسدين فى البنك من وجهة نظر الموظف ،

ورغم أن الواقعة نشرتها وأذاعتها قنوات فضائية وبعض الجرائد ، لكن تشطر رئيس البنك على جريدة قومية كبرى نشرت الواقعة ، لا لشيء إلا لأن الجريدة تحت مقصلة الديون لديه !!!

وأحد أصحاب شركات المحمول طالبته الحكومة بدفع ضرائب مستحقة عليه منذ سنوات

لم تجد الحكومة من يدافع عن قراراها لأن شوكة رجل الأعمال وشركاته أقوى من شوكة الحكومة

اكتشفت في هذه الواقعة أن رئيس التحرير لو خُير بين نشر مقال من مقالين ،

واحد ينتقد رئيس الجمهورية

والثاني ينتقد رجل الأعمال إياه

لقرر نشر المقال الذي ينتقد رئيس الجمهورية

لأنه لا يقدر على سطوة رجل الأعمال

وسألت نفسي ماذا نفعل لو إحدى شركات المحمول رفعت الخدمة مثلا على المواطنين بدون وجه حق أو سرقته أو استغلته ؟

هل سيجد المواطن الغلبان من يدافع عنه ؟

الإجابة

لا

سينضم المواطن الغلبان إلى التلاميذ الذين لم يستلموا الكتب حتى قرب امتحانات نصف العام

والويل لمن يصرخ نيابة عن المواطن

على العكس قد ينبري البعض بنشر التحقيقات والمقالات الصحفية التي تؤيد القرار وتدافع عنه باعتباره في مصلحة المواطن ، لأن كثرة الكلام في الموبايل قلة أدب و بتجيب سرطان في المخ ، وقرار الشركة برفع أسعار الخدمة هو في صالح المواطن لإنقاذه من النفس اللوامة والأمارة بالسوء والموبايل !!!!

أقول كمان ولا كفاية

خد عندك أحد رؤساء التحرير فوجئنا به يطالب بعمل تحقيقات عن الصلح مع رجال الأعمال الفاسدين ، وعندما قلنا له كيف يتم ذلك والثورة قامت ضد هؤلاء الذين سرقوا البلد في عهد مبارك

رد ببساطة: -

-مش عايز كلام حنجورى ، دول اللى ح حيدفعوا مرتباتكم وح يفتحوا بيوتكم في شكل إعلانات

وعندما دافعنا عن بديهيات الإعلام الحر بالتفريق بين الإعلان والإعلام ،

ولينشر أي رجل أعمال أو كيان ما يريده في شكل إعلانات ،

ولننشر ما نريده نحن في شكل مواد صحفية ،

ابتسم رئيس التحرير قائلا :-

انتهى هذا الزمن أنتم تحتاجون لدورات ودروس في صحافة البزينس

وقعت علينا الجملة أو على بعضنا (حتى أكون أكثر دقة ) مثل جردل الماء البارد أو الصخرة

يعنى نحن نعيش عصر صحافة البزينس

يعنى لو تخلصنا من سيطرة وسيف الحكومة على رقابنا نستبدله غصب عنا بسيف رجال الأعمال و الفسدة منهم على وجه التحديد .

المدهش أننا كنا منذ حوالي 20 عاما ننتقد أي زميل يعمل بالإعلانات انطلاقا من البديهية الشهيرة فصل الإعلان عن الإعلام ،

وكنا كما يقولون ننقى أي خبر أو تحقيق أو أي مادة صحفية من أي شبهة إعلانية ،

وكان زميلنا يتحرج ويبدو عليه الخجل والكسوف إذا فعلنا ذلك مع ما قدمه من مواد صحفية .

وبقدرة قادرومنذ سنوات قليلة تبدل الحال ، وتغيرت المواقع

يدخل الزميل الذي ذكرته من قبل ويقدم المادة الصحفية الممزوجة بالإعلان ، وإذا اعترضنا يصرخ فينا :

أنا الذي اصرف عليكم ، ...مرتباتكم من هذا الإعلان

ويأتي رئيس التحرير ليسانده

يعنى نعيش كلنا في المأزق

ما كان بالأمس ممجوجا أصبح اليوم مطلوبا

وإلا لن نقبض مرتباتنا

والسؤال طب وأين القارئ من هذه المعادلة ؟

اقصد طبعا المالك الحقيقي لهذه الجرائد ،

أين حقه في الحصول على المعرفة والمعلومة الصحيحة والخبر الصادق ؟

وماذا عن بديهيات الإعلام بالتفريق بين الخبر والرأي و الإعلام والإعلان ؟

وماذا عن حق القارئ اقصد الشعب وهو يرى ملكه ينهار ، وأمواله تبدد أمام عينه ودون عائد ؟

والأخطر من ذلك كيف يأتي المعلن بإعلاناته في جريدة لن يشتريها أحد لأنها أصبحت باختصار بوقا للحكومة وحزبها ومرشدها ، وأخبارها كلها دعائية

كيف يأتي المعلن فقدت عرش توزيعها بعد ضعف موادها الصحفية ؟

الرد كان ابتسامة صفراء ساخرة من أحد رؤساء التحرير : -

- بطلوا شعارات وكلام حنجورى

اللى يدفع للجريدة ، في شكل إعلان أو مقال أو مادة صحفية أهلا به على صفحاتها

يعنى باختصار لم تعد مهمتنا الدفاع عن أخطاء الحكومة فقط

اتسعت مهامنا من الدفاع عن شيطان الحكومة إلى الدفاع عن كل الشياطين ،

سواء كانوا في البنوك أو شركات المحمول أو السمن أو الزيت أو مساحيق الغسيل أو.... غيرها

لن ندافع بعد اليوم عن حقوق المواطن الغلبان الذي يملك أصولنا

لن ندافع عن حقه في التعليم

في الغذاء

في الصحة والعلاج

عن أمواله في البنوك التي تبدد

عن مصانعه وأراضى بلاده التى يشتريها رجال الأعمال بتراب الفلوس أو بتوكيلات مزورة

بل على العكس سندافع عمن يسرقه أو ينهبه أو يستغله أو يحكمه بالزور

لأن هؤلاء ببساطة يملكون أن يدفعون لنا الأتعاب

اقصد أجورنا

ولا عزاء للمواطن الغلبان أو

ووداعا أيها الضمير بعد أن شيَعناك إلى مثواك الأخير

سنصبح كلنا بلا ضمير حتى نقبض آخر الشهر ليأكل أولادنا

ولو من السحت !!!

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.