رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيطان والميليشيات والإخوان في "جب " الحكومة ... !!


هل هناك مخطط لتحويل مصر إلى لبنان الثمانينات والتسعينات ،أو الصومال الآن حيث الميلشيات المسلحة المتصارعة والمتناحرة ؟

هل هناك مخطط لتحويل لغة التفاهم بالكلام والعيون إلى لغة السلاح والعنف والدم ؟

أقول ذلك بمناسبة تقدم وزارة الداخلية بمشروع قانون إلى قسم التشريع بوزارة العدل تمهيدا لتقديمه إلى مجلس الشورى لمنح الضبطية القضائية لشركات الأمن الخاصة وتسليحها، في حال حراسة المنشآت الخاصة وحماية الشخصيات ونقل الأموال.

وبشكل موضوعي بعيدا عن التربص ومنهج المؤامرة بأن مشروع القانون يضفى شرعية قانونية على كيان الميلشيات ، ويسلحها ويمنحها الضبطية القانونية ،فالأمر يحتاج للنقاش الهادئ والموضوعي .

في البداية هناك سؤال يطرح نفسه بقوة :

هل هناك داع لمثل هذا التشريع الجديد في ظل وجود شركات أمن خاصة تعمل الآن في مصر بمقتضى القانون المنظم لها ؟

وحتى يكون كلامنا موضوعي علينا أن نعرف الأساس القانوني الذي تعمل من خلاله شركات الأمن التي تعمل الآن في مصر .

بداية هذه الشركات مرخص لها بحكم القانون الحالي اقتناء الأسلحة بموافقة وزارة الداخلية ، بل واستيراده بعد موافقة القوات المسلحة ، والأكثر من ذلك اقتناء أجهزة لاسلكية تغطى جميع أنحاء الجمهورية وتكاد تكون أحدث من التي تملكها الداخلية نفسها ، على الأقل في المدى الترددي لها حيث يمكنها أن تغطى كل أنحاء الجمهورية ، في حين أن اللاسلكي الخاص بالداخلية نطاقه محدود بالمنطقة الجغرافية التي يقع في نطاقها قسم الشرطة أو مديرية الأمن !!.

والمهم أيضا أن الشركات الحالية لها ضبطية قضائية ، لكن داخل المنشأة التي تحميها ، يعنى من حقها ضبط أي لص أو مثير للقلق داخل المنشأة وعمل محضر ابتدائي له لحين وصول الشرطة وتسليمه لها مع المحضر الابتدائي الذي يكون له أفضلية عند كتابة محضر الشرطة .

الأمر الثاني أن هذه الشركات تقوم بتأمين و نقل الأموال وحراسة البنوك والمنشآت لكن من الداخل ، أما الشارع فهو مللك للداخلية والحكومة !!

وإلى جانب هذه الشركات الخاصة تقوم وزارة الداخلية بتأمين وحراسة بعض المنشآت والشركات والمحلات الخاصة والبنوك ، بل والشخصيات مقابل أجر!!، يعنى ليس عبئا كما يقول البعض ممن يحاولون إقناعنا بتمرير مشروع القانون ، بل على العكس مصدر دخل لوزارة الداخلية تستفيد منه في ميزانياتها !!، وبالتالي سحب هذا الاختصاص منها سيؤدى لنقص مواردها .

ويبقى السؤال : لماذا كل هذه الضجة ؟

اعتقد أن الإجابة عن السؤال تكمن في طرح هذا السؤال :-ما الحاجة الملحة لإصدار قانون جديد آخر لشركات الحراسة الخاصة الآن ؟

• أولا :- إذا كان الهدف منح غطاء شرعي قانوني للميلشيات أو لتكوينها .

أعتقد أن مثل هذه التنظيمات ، وجودا و كينونة ، تعمل تحت الأرض ،ولا تعترف أصلا بأي قانون ،لذلك ليست في حاجة لقانون يخرجها من تحت الأرض إلى فوق الأرض لأنها لا تعمل دائما إلا في الظلام .

• ثانيا :- بمناسبة الغطاء القانوني فإن جماعة مثل الإخوان المسلمين نفسها لا تريد أن تقنن وضعها القانوني الذي مازال يعتبرها القانون كيانا غير شرعي ، بل ومحظور ، فكيف يسعى المحظور أو غير القانوني إلى البحث عما هو غير محظور أو قانوني لكيان تابع له ، وكان الأولى بالمحظور أن يفك الحظر عن نفسه ، أو يقنن وضعه !!

• ثالثا :- إذا كان الهدف هو تسليح الميليشيات ، يكون الرد ببساطة أن التسليح المسموح به للشركات الخاصة لن يزيد عن طبنجة صوت أو حتى مسدس !!

ومثل هذه الميليشيات تعتبر المسدسات مجرد نبلة إذا ما تمت مقارنتها ب الرشاش والأربى جى بل والمدافع المضادة للمصفحات وللدبابات بل والطائرات .

• رابعا :- إذا كانت مثل هذه الميليشيات تبحث عن ضبطية قضائية ، فقد فعلتها من قبل ولم تتحرك لها شعرة عند قصر الاتحادية حين قبضت وعذبت واستجوبت بعض الثوار وسلمتهم في النهاية للشرطة بعد سحلهم وتعريتهم !!

يعنى فعلوها من غير قانون ،

ومثلهم لا يحتاج إلى قانون !!

ويبقى السؤال مشروعا .. لماذا كل هذه الضجة ؟

اعتقد أن الإجابة تكمن في الأسباب التالية :-

1. إن شركات الحراسة الحالية ، والقانون المنظم لها ، لا يسمح بحماية الشخصيات العامة ،بل ويجرمها خاصة بعد حوادث بعض الأمراء العرب الذين كانوا يستعينون ببعض البودى جارد ،

أما للوجاهة والمنظرة ،

أو لترويع الآمنين

أو للتواجد في مقدمة الاحتفالات والمناسبات الكبرى

أو لمنع الكاميرات من الاقتراب منهم

مثلما تفعل بعض الراقصات

أو بعض المطربين ،

أو بعض رجال الأعمال حين يكونوا في مواضع مخجلة أو أثناء محاكمتهم .

وحين وقعت بعض الحوادث منذ فترة طويلة والتي كان أبطالها بعض الشخصيات وكلابهم أصبح لا يحق لأي شخصية الاستعانة بالبودى جارد ، بل ويوصفها القانون بالبلطجة وترويع الآمنين

2. لذلك يبيح مشروع القانون الجديد المثير للجدل ذلك ، خاصة مع إحساس بعض السياسيين بعدم الآمان ورغبتهم أن تكون الحراسة حولهم بشكل شرعي ، وكلنا يذكر ما حدث للحارس الشخصي لخيرت الشاطر

يعنى ببساطة ما يرفضه القانون الحالي من القيام بحماية الشخصيات بل ويجرمه ويعتبره من أعمال البلطجة وترويع الآمنين يجيزه مشروع القانون الحالي

و تخيلوا معي ، وتصوروا المشهد أو ما يليه من أحداث ،

لو تشاجرت شخصيتان سياسيتان في ميدان التحرير مثلما يحدث الآن وكل منهما وراءه جيشا من الحراس .

تخيلوا معي بحار الدم والعنف التي ستحدث لو حدث الصدام !!

وإذا تصورنا وجود أكثر من شخصية في اجتماع عام أو مكان رسمي ومعهم مثل هؤلاء الحراس ، ألا يحق لهم باعتبارهم يمثلون كيانا قانونيا الدخول مع من يحرسونهم ،

وتخيلوا المشهد والاجتماع حين يكون 99% من الحاضرين بودى جاردات .

وتخيلوا معي بحار الدم والعنف التي ستحدث لو حدث الصدام !!

• خامسا :- اعتقد أن مشروع القانون الجديد قد يمنع الأفراد من تكوين شركات الحراسة ، ويلزم لذلك تكوين شركة مساهمة برأس مال لا يقل عن 300 ألف جنيه لمواجهة شركات بير السلم

لكن الأخطر وهو ما لم يلتفت إليه أحد أن هذا القانون سيحرم الأجانب من تكوين شركات حراسة بعد وجود العديد من الشركات الأجنبية الآن في مصر تتخذ من الحراسة ستارا لكنها تعمل في مجال التجسس أو الحصول على معلومات اقتصادية أو القيام بأعمال عنف أو غيرها .

لكن يبقى السؤال :-

هل تكون هذه الشركات تحت مظله القانون ستارا شرعيا للميليشيا ت المسلحة ؟

رغم كل التفنيد الذي فندته في بداية المقال أقول إن التخوف مشروع ،

لأن الأمر ببساطة قد تبحث بعض الجماعات أو الأحزاب وأصحابها عن شكل قانوني كي تعمل فيه هذه الميلشيات لتكتسب وجودا ظاهرا يخفى وراءه وتحته جبال الثلج ،

اقصد جبال الأسلحة أو المهام التي لا توفرها الشركات الحالية ومنها الحراسة الشخصية !!

• سادسا :- إن ترخيص الشركات الحالية غير مملوك لأحزاب أو أفراد من السياسيين ، وبالتالي لا يمكن الاستعانة بها في مهام خاصة بهذه الأحزاب .

• سابعا :- إن تكوين هذه الشركات الأمنية التابعة للأحزاب أو الجماعات قد تكون ستارا ( لمن يريد منها تكوين ميليشيات ) و يكون لديه غطاء شرعيا للتدريب والتواجد بشكل ظاهري في أي مكان دون التعرض للمساءلة عن سبب التواجد بالعدد والأسلحة والكيفية التي يريدونها ، والحجة البسيطة حماية شخصية ما ، وكم من الجرائم يمكن أن ترتكب وراء هذا الستار .

أخيرا

قد يكون هناك أسباب وجيهة لمشروع هذا القانون

لكن الخطر الأكبر قد يكمن في التفاصيل

وأقول للحكومة :-

الباب اللي يجيلك منه الريح سده وأستريح ، خاصة مع اتهامات الأخونة في الوزارات وفى مقدمتها وزارتي الداخلية والعدل !!

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.